ارتبطت صناعة "القيشاني" باسم عائلتهم نتيجة احتراف الوالد لهذه المهنة المرتبطة بعراقة المهن الدمشقية القديمة، فامتهنت بصيرته لهذه المهنة منذ نعومة أظفاره.

موقع "eDmascus" بتاريخ 16/11/2011 زار السيد "محمد أسعد رمضان" الذي أتقن صناعة "القيشاني" في يفاعته بعد رحيل والده وتابع المسيرة بأبسط الأدوات المتوافرة لديه في ورشته البسيطة.

يعد "القيشاني" من المهن القديمة التي ارتبط اسمها بالحرف الدمشقية كما العجمي، فالاهتمام بالقيشاني أقل من غيرها ويجب التوجه إلى ضرورة المحافظة والاستمرار في صناعتها

عن بداياته في تعلم هذه الحرفة يقول السيد "محمد أسعد رمضان": «بسبب الظروف المادية لم أكمل تعليمي وبدأت بتعلم مهنة الجبص من والدي الذي قضى بداية حياته فيها وبعد التجارب اللامتناهية التي كان يجريها على المواد المتوافرة بين يديه في الطبيعة توصل في النهاية إلى صناعة عجينة القيشاني، بالتأكيد كانت المعاناة أكبر في ذلك الوقت بسبب عدم توافر المواد المحافظة على تماسكها والكهرباء، فمن آخر مراحل صناعة القيشاني وضعها في الفرن، فالفرن وقتها كان عبارة عن حفرة لها بابان وتشعل بمادة النشارة، والقطعة التي توضع فيها تستغرق صناعتها يومين وبمراقبة دائمة للفرن، أما الآن بسبب توافر الأفران الآلية فأصبحت العملية أسهل».

من قوالب الصب

امتهن هذه الحرفة بدقة عالية، بل كان يحس بأن عجينة "القيشاني" تملك إمكانات غير محدودة، وبحاجة إلى تطوير دائم، عن صناعتها قال: «هي عبارة عن خليط من الأتربة تحتوي على مجموعة لا تقل عن أربعة معادن، نستحضر أتربة من مناطق معينة تحتوي على مجموعة من المعادن ويتم تحليلها، فالأتربة التي تحتوي على الكلس لا تصلح لصناعة "القيشاني" لأنها تتفتت بعد إخراجها من الفرن، ثم نقوم بنخل الأتربة في "غربال زيرو" وتمر هذه الأتربة بثماني مراحل من التصفية حتى نصل إلى عجينة "القيشاني"، ثم نعجنها بحيث تتداخل الذرات ببعضها بعضاً، فترق العجينة بعدها ونحدد السماكة المطلوبة، كما للقيشاني الحر مساحة معينة لا تزيد على 25 سم، أما إذا تجاوزت هذا الحد فتكون قد خلطت بمواد أخرى، ثم نبدأ بالرسم على العجينة فتلون بألوان هي عبارة عن مجموعة من الخلطات وتوضع في الفرن ضمن درجة حرارة معينة لكل قطعة، فيتحكم الفرن بدرجة اللون المطلوب، الألوان يجب أن تكون معادنها أثقل من معادن الجسم، فتطبيق الألوان يحتاج إلى خبرة وتجارب عديدة».

أما عن مرحلة الرسم على "القيشاني" فيحدثنا السيد "محمد": «في البدء نقوم بالرسم على ورق خاص ثم ترسم على القطعة نفسها، فهناك نقوش معينة يجب أن ترسم بشكل مباشر، كما الزخارف التي ترسم على "القيشاني" هي نباتية على الأغلب بالإضافة إلى تخطيط آيات قرآنية عليها، أما المرحلة التي تلي الرسم فهي تلبيس القطعة بـ"مينة القيشاني" والتي تستخلص من مجموعة من المعادن والأتربة لها لمعة خاصة، يتم غسل الحجر ثم يستخلص منها الشوائب فتمر بمرحلة الزحن وهنا تجهز لتلبيس القطعة بهذه المادة والتي تسمى بمينة القيشاني، فطريقة التلبيس تحتاج إلى دقة لأن ذراتها خشنة، وهنا تأتي مرحلة الشيّ في الفرن والتي تمر بمرحلتين حتى نصل إلى النتيجة، فالتحكم بألوان "القيشاني" يتم من خلال التحكم بدرجة حرارة الفرن، حيث ألوان الفيروزي والكحلي والأخضر من الألوان التي تستخدم في "القيشاني" وهي تعتبر من الألوان الدمشقية، والألوان هنا تحتاج إلى استخراج ما نتيجة خلط المواد حتى تصل إلى اللون المطلوب».

فرن الشوي للقيشاني

السيدة "نجود اسماعيل" من المهتمين باحتواء كل ما هو مرتبط بالتراث، تحدثنا بالقول: «يعد "القيشاني" من المهن القديمة التي ارتبط اسمها بالحرف الدمشقية كما العجمي، فالاهتمام بالقيشاني أقل من غيرها ويجب التوجه إلى ضرورة المحافظة والاستمرار في صناعتها».

القيشاني