محمل الحج الشامي أخذ مكانة خاصة بين الدمشقيين للاحتفال بحجاج بيت الله الحرام وموسم الحج، حيث كان يشارك أهالي "دمشق" بهذه المناسبة والطوف بالمحمل في شوارعها تعبيراً عن أهمية هذه المناسبة السنوية الشائعة بين الأهالي.

موقع "eDamascus" بتاريخ 18/1/2012 وللوقوف على قصة محمل الحج الشامي وطقوسه التقى الحج "أحمد السيد" من معمري "دمشق" ليحدثنا بقوله: «كان المحمل الشامي أحد الطقوس الاحتفالية بحجاج بيت الله الحرام في "دمشق"، فكان الاحتفال بالمحمل والطوف به في أحياء "دمشق" مع الوجهاء والمسؤولين والضباط من أجملها. كان المحمل يتميز بشكله الضخم الذي يدل على أهمية هذه المناسبة، ويوضع فيه نسخة من القرآن الكريم ويزين بخيوط من الذهب، فأتذكر أنه كان يحدثنا جدنا في حكاياه كيف كان الدمشقيون يطوفون به أحياء "دمشق" ويمرون بساحة "باب مصلى" قرب منزلنا».

كان المحمل الشامي أحد الطقوس الاحتفالية بحجاج بيت الله الحرام في "دمشق"، فكان الاحتفال بالمحمل والطوف به في أحياء "دمشق" مع الوجهاء والمسؤولين والضباط من أجملها. كان المحمل يتميز بشكله الضخم الذي يدل على أهمية هذه المناسبة، ويوضع فيه نسخة من القرآن الكريم ويزين بخيوط من الذهب، فأتذكر أنه كان يحدثنا جدنا في حكاياه كيف كان الدمشقيون يطوفون به أحياء "دمشق" ويمرون بساحة "باب مصلى" قرب منزلنا

الباحث التراثي والتاريخي "منير كيال" حدثنا عن أوصاف هذا المحمل بقوله: «إن محمل الحج الشامي عبارة عن هيكل خشبي يعلوه قبة لها نوافذ أو فتحات صغيرة ملونة وعليه خطوط مطرزة باللون الذهبي. وكان التنقل بالمحمل عبر شوارع "دمشق" إعلام عن التهيؤ والاستعداد للحج الذي كان يجري في اليوم الثاني من شهر شوال، حيث يقوم الدمشقيين بالاحتفال بيوم يسمى يوم "زيت الحرمين الشريفين"* حيث يتم فيه نقل زيت الزيتون المتوجه إلى الحج من "كفرسوسة" وذلك برفقة محمل الحج الشامي، ثم يليه يوم الاحتفال بالشمع وماء الورد والملبس، وفي اليوم الرابع من شهر شوال يكون الاحتفال بدورة الصنجق من القلعة إلى "المشربية" "السرايا"، وفي اليوم الثامن من شهر شوال يكون الاحتفال بدورة الحمل والصنجق في مدينة "دمشق" وهو يوم مشهود يشارك في موكبه عساكر الشام بأحسن لباس وهم مغرقون بالأسلحة المطلية بالذهب، كما يشارك فيه كبار رجالات الدولة والعلماء ومشايخ الطرائق الصوفية وقاضي المحمل، وتنطلق هذه الدورة برفقة المحمل من المشربية "السرايا" إلى الدرويشية فالسنانية فمرقص السودان "شارع البدوي"، إلى طريق حي "الشاغور"، فباب "كيسان" ثم "الشيخ أرسلان" الدمشقي، فباب شرقي وعلى "برج الروس، السادات، العمارة، الأبارين"، ثم إلى "السروجية فإلى السرايا".

المحمل يجوب شوارع "دمشق"

وبعد أن يقدم الطعام للجميع يطوى المحمل وتوضع جميع حليه في صناديق مختومة إلى يوم طلوع موكب الحج في الخامس أو السادس عشر من شهر شوال إلى الديار المقدسة بالحجاز.

وكان يحمل المحمل جمل يمتاز بقوته وأصالته وضخامة جسمه، وقد خصص هذا الجمل لهذا الغرض، ولم يكن هذا المحمل جزءاً من طقوس الحج ولا من متطلبات قافلة أو ركب الحج، وكل ما كان يحمل فيه نسخة أو نسختان من القرآن الكريم ملفوفتان بالحرير، وكسوة للكعبة المشرفة، وكسوة أخرى لضريح النبي "ص"، فهو والحال هذه لا يعدو كونه رمزاً يمثل السلطة التي يعود إليها ركب الحج المصاحب للمحمل».

محمل الحج الشامي

وعن تاريخ هذا المحمل بدمشق يخبرنا بقوله: «لعله كان معروفاً زمن الأمويين والعباسيين، لكنه لم يكن يحمل هذا الاسم، وقد اهتم الفاطميون بالمحمل واستمر ذلك زمن المماليك، أما العثمانيون فقد كان اهتمامهم بالمحمل كبيراً، وقد رصدوا له الأموال الطائلة كل عام، فكان يكسى بقماش مخملي أخضر كتب عليه آيات من القرآن الكريم، كما كانوا يحرصون على إرسال المحمل بصحبة الركب الشامي، وذلك إضفاء صفة حماية الأراضي المقدسة إليهم، وقد استمرت مصاحبة المحمل للركب الشامي حتى قيام الدولة السعودية بعد الحرب العالمية الأولى».

السيدة "مروة الخليل" من اهالي "الصالحية" فتقول: كان المحمل الدمشقي الخاص بالحج من الظواهر الاحتفالية النادرة في "دمشق" حيث كانت تشهد شوارع "دمشق" المدينة على أهمية هذه المناسبة والطوف بمحمل الحج في شوارع "دمشق" قديماً احتفالاً بالحجاج وموسم الحج».

  • في "يوم الزيت" وهو الثاني من شوال كل عام، يتم الاحتفال بنقل زيت الزيتون الذي كان الحجاج يأخذونه معهم عادة إلى الحج من منطقة "كفر سوسة" إحدى ضواحي دمشق في الماضي، على ظهور الإبل حتى منطقة "الكيلار" في البحصة، وهو المستودع الخاص بأدوات محمل الحج.