عند دخولنا إلى سوق السروجية بدمشق نرى كل شيء يتعلق بالأدوات التي اعتدنا رؤيتها على جسد الخيل بدءاً من السرج إلى الرشمة إلى السوط والخرج والمهماز وغيرها بحيث يتهيأ للداخل أن ما ينقصه فقط هو سماع صهيل الخيل حتى يكتمل المشهد أمامه.

مدونة وطن eSyria وبتاريخ 25/4/2013 التقت السيد "حسام عكاش" (صانع سروج) ليحدثنا عن هذه المستلزمات وصناعتها واستخداماتها فكانت البداية من الرشمة، إذ يقول: «الرشمة توضع برأس الفرس عندما تكون في الإسطبل، تعطيها نوعاً من الراحة في حركتها وأثناء تناول طعامها وقوامها خيوط نايلون وهي تسمى "السفيفة" أو "السفايف". وعند الركوب عليها أثناء السباقات يوضع اللجام في فمها، طبعاً وهو مصنوع من الجلد الطبيعي ويوجد منه أنواع صنعت من النايلون أيضاً».

الرشمة توضع برأس الفرس عندما تكون في الإسطبل، تعطيها نوعاً من الراحة في حركتها وأثناء تناول طعامها وقوامها خيوط نايلون وهي تسمى "السفيفة" أو "السفايف". وعند الركوب عليها أثناء السباقات يوضع اللجام في فمها، طبعاً وهو مصنوع من الجلد الطبيعي ويوجد منه أنواع صنعت من النايلون أيضاً

وكما هو معروف فإن الدمشقيين والعرب عامة كانوا ومازالوا يباهون بجمال خيولهم لذلك حرص كثيرون منهم على تزيينها ببعض الأزياء الخاصة بها، وهنا يحدثنا "عكاش": «الزينة هي عبارة عن طقم صوف من صوف الأغنام، وهي عدة قطع: "الرشمة واللجام والصدر" تعتمد على الألوان المتماهية مع لون الفرس، فالخيل الأبيض نختار له زينة داكنة اللون، أما الخيل الأسود فيفضل أن يزين باللون الأبيض، نقوم بإدخال زخرفات وتزيينات ذات طابع شرقي عربي، يوضع عند ركوب الفرس أثناء المشي والعروض، تعتمد هذه الزينة على العمل اليدوي في معظم الأحيان، كما تدخل في صناعتها بعض الآلات مثل "ماكينة الحبكة"».

اللجام بيد صانعه

وفي غمرة الحديث عن صناعة مستلزمات الخيول لا بد لنا من التطرق إلى السرج، ولربما يعتبر القطعة الأهم بالنسبة للخيّال وهي وجهة نظر تدعمها تسمية السوق بسوق "السروجية"، يقول "عكاش": «السرج ويوضع على ظهر الخيل ومهمته تكمن في تأمين راحة الجلوس للفارس، وألا يشكل وزناً إضافياً كبيراً بالنسبة للخيل، وغالباً يأتي شكله في المرتبة الثالثة من ناحية الأهمية، يوجد منه ما هو مصنوع من الجلد الطبيعي المشغول بالماكينة أو الإبرة، وهو نوع خاص بالسباقات حصراً ويطلق عليه "السرج الافرنجي"، أما ما يسمى "السرج العربي" فيكون للمباهاة والافتخار بحسن صنعة السرج وجمال الخيل، ويصنع يدوياً من الجلد أو القماش "قماش السدو"، ومن "السدو" أيضاً يصنع "الخرج" ويوضع على ظهر الفرس لغاية نقل الأغراض والبضائع، وهو غالباً لوضع الطعام فيه أثناء التنقل والعمل».

إضافة لما سبق ذكره يتحدث السيد "عكاش" عن أدوات أخرى منها ما هو معدني مثل "القطرماية" والتي تأتي مع "اللجام" ولها أشكال مختلفة لتناسب مختلف الخيول، وتستخدم في حال كان الخيل شرساً ليسهل التحكم به وترويضه، إضافة للمهماز الذي يستخدم لوخز الخيل في بطنه ليزيد من سرعته، ولنفس الغاية يستخدم الخيّال "السوط" الذي يصنع من الخيزران، وفي الآونة الأخيرة بات يأتينا مصنعاً من مواد بلاستيكية مرنة».

الخيل مع الزينة

تعلم السيد "حسام عكاش" هذه المهنة منذ كان صغيراً بعمر 13 سنة، من صاحب المحل السيد "محمد حسان أبو حمودة"، يقول: «معظم أصحاب محلات السوق توارثوا هذه المهنة، وكانوا يبدعونها يدوياً، أما الآن فقد طور الحرفيون مهنتهم وأدخلوا عليها الآلة، ووسعوا نطاق منتجاتهم، ومع ذلك بقيت المنتجات اليدوية مرغوب بها أكثر فلها طابع خاص يجذب الزبون، وبعض المحلات تحولت لصناعة وبيع صناعات أخرى، ففي سوق السروجية اليوم لم يبق سوى ثلاثة محلات فقط على قيد مهنتنا، منها هذا المحل القديم ويعود تاريخه لزمن الفرنسيين وما قبل من 100 سنة تقريباً، ولدينا زبائن من كل المحافظات، ومن الوطن العربي حتى إن منتجاتنا تصل لأميركا، كما يستعين بنا منتجو المسلسلات التاريخية».

السيد "أحمد محمد ديب حبي" مطلع على هذه المهنة ومهتم بها يتحدث عنها بقوله: «هي مهنة تراثية يتناقلها الأبناء والآباء بالوراثة، تكمن أهميتها في أمرين أولها لضمان تلبية حاجات أصحاب الخيول وهم فئة ليست بالقليلة، أما الأمر الثاني فيتجسد بتحولها إلى مهنة ذات طابع تراثي سياحي، فوجودها هي وغيرها من المهن القديمة يؤمن الحفاظ على طابع المدينة بعراقتها وأصالتها، وأنا أسكن في حي "الميدان" الدمشقي وحتى الآن نرى هناك مرابط الخيل وحلقات ربطها، وهي تعكس تعلق الإنسان بالخيل ما يؤدي إلى ضرورة استمرار هذه المهنة».

محل صناعة مستلزمات الخيل

جدير بالذكر أن سوق السروجية من أسواق دمشق القديمة التراثية ويعتقد أنها تأسست في العصر الايوبي حيث يزيد عمره عن سبعمئة عام، وقد شهد نشاطاً كبيراً أيام الحكم العثماني حيث كان الجنود الاتراك يقصدونه لشراء حاجياتهم، وأصبح السوق إسطبلاً أيام الانتداب الفرنسي، ويدعى سوق السروجية لأن السوق بأكمله كان يعمل بمهنة سروج الخيل.