كل الشعوب لها أوطان تعيش فيها إلا الشعب الفلسطيني، وطنه يعيش فيه، مقولة ربما تعكس حال "عزت مسودة" البالغ من العمر "36" عاماً والذي عاد إلى مشارف مدينته "القدس"، في 15/5/2011 ليعتقله الاحتلال عند حاجز "قلنديا"، ليعاد إلى سورية، لكنه لايستسلم بل يكرر العملية مرة ثانية حالماً بالعودة إلى "القدس" في 5 حزيران يوم النكسة، لكن قوات الاحتلال ترصده وتقتنصه من بعد فيسقط شهيداً على الثرى الذي وجد فيه منطلقاً للحياة المثلى، معلناً إهداء روحه لفلسطين.

موقع "eDamascus" كان قد التقى "عزت مسودة" قبل استشهاده بعدة أيام، ليروي قصة العودة إلى "فلسطين" كقرار حتمي لابديل له إلا الاستشهاد فقال: «بعد الدعوات على "الفيسبوك" لإحياء ذكرى النكبة قررت أن أعود إلى مدينتي المحتلة، وبالفعل تابعت العبور بعد أن دمرنا السياج الفاصل بين "الجولان "المحتل وقرية "عين التينة" لأتابع طريقي إلى "القدس"».

الصلاة في القدس والحديث إلى وسائل الإعلام عن أن هناك أكثر من \150\ شخصاً دخلوا "فلسطين"، وعادوا إلى قراهم ومدنهم لإرباك "إسرائيل"

وأضاف: «وصلت إلى مشارف مدينتي دون أن أجد صعوبة في ذلك واعتقلت عند حاجز "قلنديا"، ليبدأ التعذيب طوال الفترة التي قضيتها هناك، وبعد يومين أو ثلاثة جاء زميلي "حسن حجازي" معتقلاً إلى زنزانتي، فخفت منه بسبب ملامحه، وعرفت بعدها أنه عاد إلى مدينته "يافا"».

برفقة زميل العودة حسن حجازي

أما عن الضغوط التي تعرض لها خلال فترة اعتقاله فذكر "مسودة": «بدأت الضغوط منذ اللحظة الأولى لاعتقالي، واستمرت حتى إطلاق سراحي، وحكمت بالسجن لعامين، فبعد أن أنهوا التحقيقات معي أخذوا زميلي "حسن" إلى الصليب الأحمر، وتركوني وحيداً لساعات طويلة دون أن يتحدثوا معي، كضغط نفسي علي، ثم جاء المحقق،وقال إذا أردت الذهاب إلى سورية عليك أن تقول إن اسرائيل لم تعذبك، وبالفعل قلت للصليب الأحمر ذلك، والحقيقة أنهم قاموا معي بشتى صنوف العذاب، وبعد ذلك وضعوني في سيارة السجون، وأخذوا "حسن" بسيارة أخرى، كإشارة إلى أني سأظل معتقلاً وسيفرج عن "حسن"».

وأضاف «زعموا أن "سورية" رفضت عودتنا إليها وقالوا إنهم سينقلوننا إلى "الأردن" أو "لبنان" إن وافقنا، ليعود "الاسرائيليون" ويقولوا إن الدولتين رفضتا ذلك، -وهذا كضغط نفسي وهو غير صحيح-، لهذا فإن محققي الاحتلال سيقومون بإعدامنا، وبالفعل مشت السيارة ليوهموننا بأنهم ذاهبون لإعدامنا، وطوال فترة التحقيق الجديد قاموا بضربي بشكل مبرح، وانهرت عندما قالوا إنهم سيأخذوننا إلى حقل الرمي لإعدامي مع زميلي "حسن" ثم أخذونا إلى منطقة أخرى، وسارت السيارة لأكثر من\30\ دقيقية ومن ثم أنزلونا وأعطونا مياهاً، وكانت الساعة عندها الخامسة والنصف، أنزلوني مع "حسن" في منطقة قريبة من منطقة "حضر" في "سورية"، يفصلنا عنها حقول ألغام،وقالوا عودوا من هذا الحقل كما جئتم، وهي منطقة مقطوعة مليئة بالأشواك والحجارة والحيوانات البرية والمتوحشة».

يتابع: «وصلنا إلى "سورية" دون أن نعرف أين، وكنا نسمع بين الفينة والأخرى أصوات طلقات نارية من الخلف، وفجأة وصلنا قرابة الساعة \12.30\ ليلاً لأصل مع "حسن" إلى أحد البيوت في قرية "جباتا الخشب" وقلنا لأهل القرية "نحن سوريين داخلين على الله وعليكم" واتصلنا بالسلطات السورية، ورجعنا إلى "دمشق"».

وكشف "مسودة" عن خطته التي كان ينوي أن ينفذها وهي: «الصلاة في القدس والحديث إلى وسائل الإعلام عن أن هناك أكثر من \150\ شخصاً دخلوا "فلسطين"، وعادوا إلى قراهم ومدنهم لإرباك "إسرائيل"».

وينهي حديثه فيقول :«إن العدو تعاطى بغباء مع أربعة أشخاص غير منظمين اجتازوا الحدود بدون خوف، وإن بلادنا أقرب مما نظن، وعلينا العودة إليها وهذا ليس بأمر صعب».