عرفت مدينة "دمشق" بقدمها وعراقة شعبها وتنوع ساكنيها، وجاء هذا التنوع كونها عاصمة من أيام الأمويين إلى يومنا هذا،

وبسبب كبر المدينة وجمعها للكثير من المهن خصوصاً الصناعية منها، نزح الكثير من الناس إليها من كل المحافظات السورية، وذلك بحكم الحاجة إلى العمل إن كان في القطاع العام أو الخاص، ولتجارة الزراعة أيضاً التأثير الكبير في ذلك فإن مجيء الفلاح في كل يوم إلى العاصمة من أجل بيع منتجاته أدى إلى انتشار فكرة الاستئجار في "دمشق" وتزوجه منها أحياناً، ومع الزمن استقر العديد من الفلاحين والصناعيين في هذه المدينة، ومن الأحياء الدمشقية حي "الميدان" الذي سمي "بدهليز" "حوران" لأنه يشكل بوابة "دمشق" الرابط بينها وبين محافظة "درعا" فهو أول منطقة من خارج السور القديم.

الشارع "السلطاني" هو الشارع الرئيسي الذي يخترق حي "الميدان" بكامله، ويشكل الشريان الاقتصادي لمنطقة "باب المُصلّى" التي تنتشر على طرفيه البوائك المعدّة لبيع الحبوب، والدكاكين الممتهنة الحدادة، والتجارة، وحلج القطن، وغيرها من المهن

وللحديث عن هذا الحي موقع eSyria التقى مع عدد من سكان حي "الميدان" بتاريخ 29/9/2008، وكان أولهم السيد "غياث رباح" الذي حدثنا عن تاريخ المنطقة بقوله: «رغم أن حي "الميدان" خارج سور مدينة "دمشق" القديمة إلا وأنه موجود منذ نشأة المدينة لكونه ميداناً كان يتنافس ويتسابق فيه الفرسان لجودة تربته فهي من النوع المناسب لجري الخيول، ومن هنا اعتمدت تسميته بالميدان، ويقسم حي "الميدان" إلى ثلاثة أقسام "ميدان فوقاني" وهي منطقة البوابة وتسمى الآن "بميدان سكة" لمرور سكة القطار الحديدي الحجازي الذي أنشأها السلطان "عبد الحميد" إبان حكمه، وتمتد هذه المنطقة إلى "الجزماتية" وتسمى "بالميدان" الوسطاني" وتعود تسميتها "بالجزماتية" لكونها كانت تضم أكبر سوق لبيع وصناعة "الجزمات" في "دمشق"، وفي نهاية هذه المنطقة تأتي منطقة "الميدان التحتاني" التي تمتد إلى السور القديم لمدينة "دمشق"، وتشكل منطقة "باب مصلى" القسم الرئيسي من الميدان التحتاني، وتشتق تسمية "باب مصلى" من الجامع المصلّى فيه، وكانت منطقة الجامع تعرف قديماً باسم مُصلّى العيدَين، وقد أنشأه الملك العادل "سيف الدين أبو بكر بن أيّوب" سنة 1209م جامعاً عند المُصلّى وجعله لصلاة العيدَين، وهذا وقد نسبت المنطقة لاحقاً إلى جامع "باب المُصلّى"، فعرفت بمنطقة "باب المُصلّى"».

السيد "غياث رباح"

ومن سكان منطقة "الجزماتية" السيد "محمد جلول" الذي حدثنا عن زقاقات "الميدان التحتاني" وتسمياته بقوله: «الشارع "السلطاني" هو الشارع الرئيسي الذي يخترق حي "الميدان" بكامله، ويشكل الشريان الاقتصادي لمنطقة "باب المُصلّى" التي تنتشر على طرفيه البوائك المعدّة لبيع الحبوب، والدكاكين الممتهنة الحدادة، والتجارة، وحلج القطن، وغيرها من المهن».

ثم أضاف: «يقسم الشارع "السلطاني" للعديد من الأزقة التي يتفرع منها الحارات، وتقع معظم هذه الأزقة بموازاة بعضها، وتحوي منطقة "الميدان" على 28 زقاقاً وهي: "أبو البرغل، أبو ميالة، الأربعين بجوار زقاق التيامنه، زقاق بادر المعروف بزقاق المُصلّى، البقارة، البوشي، البيطار، التركمان نسبة إلى حي التركمان، التيامنه نسبة إلى وادي التيم، الجواني، الحبّالة، حمد المتفرع من زقاق بادر، الحوارنة نسبة إلى سكان المنطقة فكان أغلبهم من الحوارنة، الزين أو جوبان، سكّر نسبة إلى بني سكّر، السمّان، الشعرية، عزام، عسقلان، القرشي، الممتد إلى الشرق من الشارع السلطاني، القبة الحمراء، القملة، قولبة، قويق، المجتهد نسبة إلى بني المجتهد، المخللاتي، المزرعة، النشّار الوسطاني أو زقاق المصبنة، وبعض هذه الأزقة ما زال قائماً والبعض اندمج مع غيره».

السيد "محمد جلول"

وعن أزقة "الميدان الوسطاني" قال: «هناك الكثير منها وأهمها زقاق "الصحابة" نسبة إلى الصحابي الجليل "صهيب الرومي" ومقامه موجود في الجامع الذي يحمل اسمه في نفس المنطقة، ومن هذه الأزقة أيضاً: "زقاق البروية، وزقاق العسكري، والمحمص، زقاق الجامع نسبة إلى جامع المنجك الذي بناه "إبراهيم أبن منجك" وزقاق البصل نسبة لوجود بساتين زراعة البصل فيه، وزقاق القرشي، أما بالنسبة للحارات فهي كثيرة وتسمياتها تنسب إلى العائلات التي تسكن بها وأهمها حارت الموصلي نسبة إلى آل الموصلي، ويوجد حارت الحمام التي سميت بسبب وجود حمام السوق بها، وحارة المشمشة لوجود شجرة مشمش كبيرة فيها"».

وعن وضع منطقة "الميدان" حالياً حدثنا الشاب "بسام حوراني" بقوله: «ينتشر في "الميدان" الآن مطاعم بيع "التساقي"، والحلويات و"اللحومات" بكافة أنواعها، ويوجد فيها قهوة قديمة وعدة حمامات في أسواقها، ويأتيها السياح من جميع الدول العربية والأجنبية فهي من المناطق المرغوبة لتبضع وشراء الحاجيات، وهذا يعود لرخص أسعارها وتميزها بمنتجاتها، وتمثل هذه المنطقة صورة سورية الجميلة بتراثها وأصالتها وكرم ضيافة شعبها.

حي الصحابة في منطقة الجزماتية