«يقول والدي إن هذا السوق أنشئ في بدايات القرن "الثامن عشر" إبان الحكم العثماني لهذه المنطقة، وهناك قصة قديمة مفادها أن أهل الشام تراكضوا في هذا السوق قبل ألف عام لمشاهدة "العربة" التي تم اكتشافها تحت الأرض، هذه "العربة"، كانت تحوي صناديق ظن الناس أنها ذهب، لكن عندما فتحوها وجدوها تحوي أصبغة قديمة جداً، ومن هنا جاءت تسمية السوق بـ"سوق الصباغين"، أما اليوم فتشغله مشاغل ومتاجر بيع الألبسة العربية (عباءات الفرو)، إلى جانب بعض متاجر الأقمشة الشعبية التي يرتديها البدو والحضر على حدٍ سواء».

هذا ما بدأ به السيد "عبد القادر جعفر" حديثه لموقع eSyria بتاريخ 1/4/2009

قبب جميع المحلات في هذا السوق مبنية من الأحجار والطين، وجميعها شكلها بيضوي، وفي سقف السوق توجد أقواس حجرية قديمة غير مزخرفة لكنها تعطي السوق منظراً جميلاً، وما يميز هذا السوق قلة المحال الموجودة فيه إضافة إلى صغر حجمه، هذا يجعل أصحاب المتاجر في السوق أكثر ألفة ومعرفة لبعضهم البعض

فـ"دمشق" القديمة معروفة بآثارها ومحلاتها وأسواقها، وكل ما فيها من عراقة نجده في هذه الأماكن القديمة أهمها الأحياء والأسواق التي تحيط بـها لتحدد حدودها من كل الجهات.

السيد "عبد القادر جعفر"

وتابع السيد "عبد القادر" حديثه عن تاريخ هذا السوق بقوله: «يمتد هذا السوق الصغير المغطى بساتر هرمي من الحديد والتوتياء، من باب الجابية الحديدي من الشمال إلى آخر باب الجابية المجاور لموقع "السنانية" من الجنوب، ممتداً على طول الجدار الشرقي لجامع السنانية، ومنتهياً عند الزاوية الجنوبية لهذا الجامع بجوار مكتب السنانية، وفي هذا الموقع لوحة معدنية قديمة تحمل عبارة "زقاق سوق القطن" وهي التسمية الرسمية القديمة لهذا لسوق».

وبالنسبة للطراز المعماري لمتاجر السوق قال: «قبب جميع المحلات في هذا السوق مبنية من الأحجار والطين، وجميعها شكلها بيضوي، وفي سقف السوق توجد أقواس حجرية قديمة غير مزخرفة لكنها تعطي السوق منظراً جميلاً، وما يميز هذا السوق قلة المحال الموجودة فيه إضافة إلى صغر حجمه، هذا يجعل أصحاب المتاجر في السوق أكثر ألفة ومعرفة لبعضهم البعض».

منتجات الفرو المباعة في السوق

ومن أصحاب المحلات التقينا السيد "محمد عوض" الذي قال: «نحن موجودون في هذا السوق منذ أكثر من 200 سنة وأذكر أن جدي رحمه الله كان يقول لي إن سوق الصباغين أقدم من سوق الحميدية، فدباغة الجلود وصباغتها كانت تتم في مدينة بصرى بالعهد الروماني، وكان التجار يصدرون هذه البضاعة إلى هذا السوق في دمشق، وفي الحقيقة إن ما ميز هذا السوق طوال القرون الماضية محافظته على مهنة الصباغة الموجودة فيه إلى يومنا هذا دون دخول أي مهنة أخرى، إضافة إلى أن أصحاب المحال الموجودة هم أصحابها الأصليون فلقليل من باع محله أو أجره».

ثم التقينا السيد "علي بيك" الذي قال: «أملك متجراً لبيع الألبسة والشرقيات في سوق "مدحت باشا"، وفي كل صلاة أذهب إلى جامع السنانية لتأديتها، وأفضل المرور في سوق الصباغين لقربه من الجامع، إضافة إلى أنه يعطي المارين فيه الشعور بالعراقة الدمشقية القديمة، فهذا السوق حافظ على طابعه الشعبي والمهني بشكل كامل، والغريب أن السوق غير مشهور بين الأوساط المهتمة رغم أن "باب الجابية" الحديدي ومقام السيدة جابية موجود فيه».

باب الجابية الحديدي