لعل مشهد بائعي العرقسوس في دمشق أصبح من التقاليد الدمشقية التي لا غنى عنها، في شهر رمضان المبارك يزداد الإقبال على هذا المشروب من قبل الصائمين، فنرى البائعين الجوالين للعرقسوس ينتظرون هذا الشهر

لكونه يعد مصدر دخل جيد بالنسبة لأغلبهم، فنراهم موزعين في أغلب المناطق وينادون بأعلى صوتهم "حلو وبارد يا عرقسوس"، "تعال اشرب ياعطشان" وغيرها من العبارات التي تجذب الصائمين لشرائه.

يحتوي العرقسوس الذي يرجع تاريخه إلى نحو أربعة آلاف عام على الكثير من أملاح البوتاسيوم والكالسيوم وهرمونات جنسية وصبغات ومواد صابونية، وهو منشط عام للجسم ويعالج الربو ويفيد في شفاء الروماتيزم لاحتوائه على عناصر الهيدروكورتيزون، إضافة إلى تقوية جهاز المناعة في الجسم كما أنه يعد أفضل شراب مرطب للمصابين بمرض السكر لخلوه تماماً من السكر العادي ومنشط عام للجسم و مروق للدم

ومن أبزر الأماكن التي يتركز فيها بائعو العرقسوس هي "بوابة الصالحية"، "سوق الحميدية"، وأمام دور السينما حيث يرتدون لباسهم التقليدي وطرابيشهم الحمراء وحلتهم النحاسية المزخرفة، مع نداءاتهم المدوية تستطيع أن تجدهم في كل وقت من السنة إلا أنهم يزدادون في شهر رمضان.

بائع العرقسوس في زيه التقليدي.

تاريخيا: يقول الأستاذ "غالب طه" مهندس زراعي: «عرف البابليون هذه المادة منذ أربعة آلاف عام، واستخدموه كعنصر مقو للجسم ومناعته، كما عرفه الفراعنة حيث وجد في قبر الملك توت عنخ آمون المكتشف عام /1922/م.‏ أما عن شكله فعوده يسمى السوس وجذوره عرق السوس، وهو نبات عشبي مخشوشب معمر, بري وطويل الجذور يصل عمقه إلى نحو عشرة أمتار في الأرض، يغلظ حتى يصير بحجم فخذ الرجل، وإذا نبت بأرض عسرت إزالته منها ويعيش في الأراضي الرملية حول حوض البحر المتوسط، وتعتبر "إسبانيا" و"تركيا"، المصدر الرئيسي لزراعته حيث يجمع في فصل الخريف ويتم غسله وتجفيفه وتقشيره ومن ثم يجمع في حزم اسطوانية للتصدير، ولابد من تقشير جذوره حيث يقال إن الأفاعي تحتك به كثيرا ليصلح من عفونة جلدها ويسمنها ويحد بصرها».‏

لمعرفة فوائد العرقسوس التقينا مع المهندس الزراعي " مرعي البرادعي" الذي حدثنا عن هذا المشروب وفوائده قائلاً: «وردت فوائد العرقسوس قديماً في مختلف الكتب والنصوص الطبية، فوصفه أطباء اليونان لمعالجة السعال الجاف والربو ومحاربة العطش، وفي الطب العربي القديم قال الأنطاكي في التذكرة أنه ينفع لمعالجة التهاب الجهاز التنفسي، أي في السعال المصحوب بفقدان الصوت، ومعالجة التهابات الكلى والمثانة والروماتيزم وداء النقرس،

العرقسوس يروي العطش ويطفئ الحر.

أما في الطب العربي الحديث ورد في كتاب "مستشار الإنسان في الغذاء والدواء" "لأكرم قنبس" مجموعة كثيرة من الفوائد والاستخدامات الطبية منها:‏ علاج عسر الهضم وحالات قرحة المعدة والأمعاء، تليين الأمعاء وحموضة المعدة وعلاج الإمساك، كما أنه يقوي الجهاز المناعي وينشط الدورة الدموية والكبد،‏ ونظراً لأهميته الطبية الكبيرة فقد استخدمته الشركات الطبية وشركات صناعة الأدوية في تحضير بعض أدويتها كالأدوية المضادة للسعال وغيرها».

وأضاف: «يحتوي العرقسوس الذي يرجع تاريخه إلى نحو أربعة آلاف عام على الكثير من أملاح البوتاسيوم والكالسيوم وهرمونات جنسية وصبغات ومواد صابونية، وهو منشط عام للجسم ويعالج الربو ويفيد في شفاء الروماتيزم لاحتوائه على عناصر الهيدروكورتيزون، إضافة إلى تقوية جهاز المناعة في الجسم كما أنه يعد أفضل شراب مرطب للمصابين بمرض السكر لخلوه تماماً من السكر العادي ومنشط عام للجسم و مروق للدم».

العرقسوس تقاليد دمشقية لا غنى عنها

وحول كيفية صناعة هذا الشراب يقول: «نأتي بالجذور جافة تبلل بالماء وتوضع في الشمس لعدة ساعات ومن ثم يوضع المنقوع في قطعة قماش ويضاف عليها الماء بشكل منقط إلى أن يصبح لون السائل أبيض، ومن ثم يتم تركيز الشراب حسب رغبة الشخص. وعادة عندما تحضر الأعشاب الجافة تطحن وتجهز حتى تختمر بعدها بيوم يتم صب الماء عليها قليلاً ثم تضاف إليها كربونة تساعد على الهضم، وعطرة الورد لتعطي رائحة زكية للعرقسوس بعدها تصبح مادة جاهزة للشرب»

تجدر الإشارة إلى أن العرقسوس عرف في الطب القديم لدى الفراعنة والرومان والعرب، وورد ذكره في مصنّفات طبية وضعها "ابن سينا"، "ابن البيطار"، "أبو بكر الرازي" وغيرهم.