عند مرورنا بالجامع الأموي من الجهة الجنوبية نهاراً، والوقوف هناك للحظات بغية التأمل، تتجه أعيننا مرغمةً للنظر إلى ثلاثة أشياء، أولها أعمدة الجامع الأموي الموجودة في هذه الجهة وهي التي تمثل الإرث الثقافي العمراني لمدينة "دمشق"، وثانيها مقهى "النوفرة" المعروف عالمياً من خلال السياح الذين نقلوا حكاياتهم عنه لمختلف بقاع الأرض، وثالثها شابٌ يمسك مطرقة وإزميلاً ينقش فيهما رسومات فائقة الجمال، ويغرس خيوط الذهب والفضة على أطباق النحاس الدمشقية الشهيرة المعروفة بروعتها الفنية وحرفية صُناعها.

وللحديث عن النقش على النحاس موقع eSyria بتاريخ 14/12/2009، التقى الشاب "عمر زعيتر"، صاحب محل للنقش على النحاس مقابل مقهى "النوفرة"، والذي حدثنا عن هذه الحرفة بقوله: «حرفة النقش على النحاس تعتبر من أقدم المهن اليدوية الموجودة في "دمشق"، ويعمل بها الكثير من الصناع إلى وقتنا هذا، وفي أغلب الأحيان تنتقل هذه الحرفة من جيل إلى آخر عن طريق توريثها بين أفراد العائلة نفسها، وتحتاج هذه المهنة إلى دقة وصبر في إنجاز إي قطعة يريد الصانع أن ينفذها، لذلك نحتاج إلى برودة الأعصاب في هذه الحرفة».

الأطباق النحاسية جميلة للغاية لكنها مرتفعة الثمن بعض الشيء، لذلك لا أحد يفكر في اقتنائها إلا ميسورو الحال

وما أثار انتباهنا هو النقش على طبق من النحاس دون إصدار صوت مزعج عند عملية "الطرق"، وهذا ما شرحه الشاب "زعيتر" بقوله: «من أجل عدم إزعاج الجيران والمارة بصوت "الطرقة" نقوم بغرس طبق النحاس الخام ضمن كتلة من "الزفت" الخام الذي يفيدنا في كتم الصوت، عندها نبدأ عملية الرسم على النحاس بواسطة "قلم الرسم" ثم النقش بواسطة المطرقة والإزميل، وفي المرحلة قبل الأخيرة نصنع أخاديد في الطبق بواسطة "قلم التسنين" ونطعّم هذه الأخاديد بخيوط من الفضة أو الذهب إذا أراد الزبون، وفي النهاية نضع طبق النحاس في النار من أجل إذابة كتلة الزفت وفصل الطبق عنها، وبذلك تصبح القطعة جاهزة للبيع بعد التلميع أو التعتيق حسب رغبة الزبون».

الشاب عمر زعيتر

وبالنسبة لأنواع الأطباق التي ينقشونها أضاف: «نحن ننقش على أطباق النحاس الأحمر والأصفر، كما نقوم بتعتيق بعض الأطباق التي يكثر عليها الطلب من قبل السياح الخليجيين، ويقصد بالتعتيق أي تغير لون النحاس من الأصفر الفاقع إلى الأصفر الداكن، وتطعم الأطباق بنوعين من الخيوط- الفضة أو الذهب».

وختم بقوله: «في الحقيقة أغلب زبائننا من السياح الأجانب والعرب، وهذا يعود

أطباق النحاس المطعمة بالفضة

بسبب سعر الصحن المرتفع بالنسبة للمواطن بشكل عام، فمثلاً سعر طبق النحاس ذي الحجم الوسط المطعم بالفضة يصل إلى حوالي ثلاثين ألف ليرة سورية».

ثم التقينا السيد "وسام دك الباب" الذي قال: «الأطباق النحاسية جميلة للغاية لكنها مرتفعة الثمن بعض الشيء، لذلك لا أحد يفكر في اقتنائها إلا ميسورو الحال».

شرقيات جاد

أما السيد "حسام الصافي" فقال: «اقتنيت طبقاً من النحاس المزخرف العادي غير المطعّم لأن الأخير مرتفع الثمن، وفي الحقيقة هناك فرق كبير بين المطعّم وغير المطعّم بالنسبة للشكل هذا من جهة، ومن جهة أخرى يقولون إن المطعّم يجلب الحب والود في المنزل الذي يوجد فيه».