(الوشم كان موضة العصر بين الفتيات قديماً، عمري عشر سنوات عندما وشمت الشفة السفلى نزولاً إلى الذقن بثلاثة خطوط كانت تسمى قديما السيالة، وعلى يدي الاثنتين خطوطاً عادية، كنا نحن والفتيات نشم بعضنا بعضاً ونتباهى بالوشم الأفضل).

هذا ما قالته الحاجة "وسمية المصطفى" (13/6/2008) لموقع eDaraa وهي تصف عملية الوشم قديماً، الذي يعتبر فناً كان وما زال حتى يومنا هذا في معظم أنحاء بلدان ومناطق الوطن العربي، وعلى وجه الخصوص في المناطق الشمالية والشرقية، وفي حوران من سورية.

ويعد الوشم أول زينة عربية عرفتها المرآة العربية منذ أقدم العصور، وهو عبارة عن زينة تتحلى بها جميلات العصر منذ قديم العصور وعبر تراثهم الحضاري وتاريخهم، كانوا يتغنون ويتغزلون بالنساء اللواتي يتزيّنّ بالوشم، والوشم هو الظاهرة القديمة- الجديدة التي انتشرت بشكل لافت في أوساط الشباب، وكانت الأشكال التي تطرز أجسادهم هي نماذج للوحات تشكيلية تلتصق بهم لتمنحهم بطاقة تعريف من نوع خاص، وفيما يرى بعض الشباب أن الوشم هو مجرد موضة ليس ضرورياً أن يشعر بالحرج منها، يعبر آخرون عن ندمهم على تلك (النزوة) التي كلفتهم الكثير فيما بعد، لأن محاولات إزالة الوشم لا يجدي معها غير ماء النار، كحل أخير للتخلص مما يسببه الوشم من مشاكل اجتماعية.

الحاجة وسمية المصطفى

أما الوشم كتعريف فهو ثقوب تحدث في الجلد يضاف إليها بعد حصول النزف مواد وأصباغ تكسبه ألواناً ثابتة تدوم لفترات طويلة، أما كيفية إحداث الوشم فيجب عليك اختيار الوشم الذي تريد من خلال رسوم معدة سلفاً على ورقٍ، يطرح أمامك نماذج تحمل عدة أشكال تختار منها ما يناسبك، وبعد ذلك يقوم بطبع هذا النموذج على المكان الذي تختاره من جسدك، ثم يأتي عمل الإبرة المتصلة بقلم دوار فتسمع أزيزها عند إدخالها في الجلد حيث تقوم هذه الإبرة بإدخال الصبغة في الطبقة السفلية للجلد بدقة لتحصل في النهاية على الوشم الذي طلبته في المساحة المخصصة من جسدك، وغالباً ما يكون هؤلاء الواشمين متقنين لعملهم ويعرفون كيف يؤدون عملهم بإتقان لكن المشكلة تبقى في الأدوات التي يتم استخدامها.

وهنا يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا الوشم، وما الفائدة منه؟

البعض ومنهم الشاب "غسان عليان" ابن الثامنة عشر ربيعاً يرى أن الوشم هو للحصول على جسم أجمل أو صورة أبهى للذراع أو الجسد، وتماشياً مع الموضة وهوس الشباب بهذه الموضة حيث أصدقائي ليسوا بأفضل مني.

ويتابع"غسان": استمرت عملية رسم الوشم وهو بشكل تنين يلف حول سيف على ذراعي لمدة ساعة كاملة وحاليا عندما امشي في الشارع ارفع القميص الذي أرتديه إلى أعلى ذراعي ليشاهد الناس الوشم.

أما الشاب "محمد المزعل" فقال: أحاول دائما لفت الانتباه إلى مكان وجود الوشم وإبراز القوة والصلابة، حيث إن الوشم يعبر عن قوة الشخصية، وخصوصاً إذا حمل معاني ودلالات كصور الجماجم، والأفاعي، والتنين وغيرها.

أما الحاجة "حمده العقرباوي" وهي في العقد السادس من العمر فوصفت عملية رسم الوشم قديماً حيث قالت: تتم عملية رسم الوشم عن طريق إبرة وبعض "غبار" السراج القديم وتسمى "سنا" السراج أو الغبار الأسود على أدوات القهوة "الدلال" حيث يتم دلق سنا السراج على مكان الوشم، ويتم بعدها غرز الإبرة في مكان الوشم ومن أنواع رسوم الوشم، السيالة، الهلال بين العينين، الدوائر والنقاط الصغيرة تحت الشفاه، اللجامة، وكان يتغنى الشعراء في أشكال الوشم حيث يقال: يا أم الثلاث سيالات حيرتيني وين أبات، وأيضاً: روحي وتعالي وبحجة الكاسات يا محلا الهلالي بين العيون السود.

ويقول الوشام "حسين العايش": نقوم بعملية الوشم بمحرك آلة مسجلة حيث نوصل بعض الأشرطة برأس المحرك ثم نحضر إبرة ونثقب رأس المحرك، ونثبت الإبرة ونأتي بقلم وحبر متنوع الألوان ناشف أو كحل النساء، ونضع كل لون في إناء خاص ونرسم الوشم الذي يختاره الموشوم في المكان المحدد بعدها ونضع رأس الإبرة في اللون الذي تحتاجه، ثم نقوم بعملية الرسم بكل دقة وإتقان وتستغرق هذه العملية من ساعة إلى ساعتين تقريبا حسب مهارة الواشم، ولا يجب أن يفعلها أي شخص لا يمتلك جرأة وخبرة كافيتين لذلك.

وعن الأثر السلبي للوشم على صحة الموشوم أجاب عن هذا السؤال الدكتور "خالد عبد الرحمن" الاختصاصي بالأمراض الجلدية حيث قال: استخدام الوشم ينطوي على مخاطر منها: إمكانية الإصابة بسرطان الجلد، والصدفية، والحساسية التي تحصل في الجلد في بعض الحالات والالتهاب الحاد بسبب التسمم وخاصة عند استخدام صباغ صنع لأغراض أخرى كطلاء السيارات أو حبر الكتابة، وسوء التعقيم الذي يؤدي إلى انتقال العدوى بأمراض الالتهاب الكبدي s، B وفيروس الإيدز والزهري، التقيحات الجلدية، وقد تصل إلى التأثير في الحالة النفسية للموشوم فتؤدي إلى تغيرات سلوكية في شخصيته.

وعن إمكانية إزالة الوشم يقول الدكتور"خالد" في كل الحالات التي مرت يتطلب إزالة الخلايا المتضررة نفسها، وهناك طرق مختلفة، إما أن يتم استئصال أو قطع الجلد في منطقة الوشم، وإما أن تقشر البشرة في مكان الوشم تماماً لإزالة الوشم، وخاصة إذا كان الوشم سطحياً مثل وشم الجروح والحوادث وأحياناً الوشم الاحترافي، ويؤخذ على هذه الطريقة احتمال ابيضاض المنطقة المعالجة بشكل دائم، والطريقة الثالثة هي باستخدام أشعة الليزر.