تعود الشاب "رأفت أبو نبوت" والذي يملك محلاً تجارياً في أحد أسواق مدينة "درعا"، أن يجتمع هو وعدد من أصحاب المحلات المجاورة على طاولة تناول المتة، هذا الاجتماع الذي أصبح بالنسبة لهم بمثابة تقليد يومي لا يمكن الاستغناء عنه، ففيه تطرح الأفكار والقضايا ويستمع كل شخص لمشاكل وهموم الآخر.

المتة إحدى المشروبات التي دخلت مجتمعنا حديثاً، حيث بتنا نسمع عبارات جديدة لم تكن مألوفة ولكنها أصبحت كذلك، منها (عازمك على كاسة متة، شو رأيك انروح انقرقع متة، هالمتة فارطة)، تختلف الآراء ووجهات النظر حول هذا المشروب، فمنهم من رفض تجريبها واصفاً إياه بأنها شديدة المرارة، فيما يرى آخرون وخاصةً في أوساط الشباب بأن أهمية المتة تتجاوز الطعم لتشمل اللّمة التي تصنعها أثناء الشرب، إذ يرى هؤلاء بأن لا نكهة لها دون تناولها مع الآخرين.

المتة مشروب اجتماعي، بمعنى أن الذي يميزها هو الجمعة التي ترافق تناولها التي قد تمتد لساعات، بعكس المشروبات الأخرى التي يمكن الانتهاء منها بشكل سريع

بقعة ضوء نسلطها على هذه الظاهرة المنتشرة من خلال مجموعة من الآراء ومنهم "رأفت" الذي حل ضيفاً علينا بتاريخ (12/11/2009) وشاركنا بكأس من المتة واصفا لنا إياها: «أظن أن المته إما شجيرة متوسطة الطول أو مجموعة أعشاب خضراء جافة مطحونة بشكل ناعم، نضعها في كوب صغير ونضيف عليها الماء الساخن الذي لم يصل لمرحلة الغليان تحضيراً لشربه بمصاصة صغيرة معدنية مثقبة، بعض الناس قد يضيفون إليها السكر ليجعل طعمها المر أكثر استساغة، وتعد "الأرجنتين" هي الموطن الأصلي، وصلت إلى "سورية" عن طريق المغتربين الذين قدموا من تلك البلاد».

الشاب رأفت يتناول مشروبه الأول

ويضيف الشاب "باسل الربداوي" الذي شاركنا الجلسة بالقول: «بالنسبة لمحافظة "درعا"، وبحسب معلوماتي، عرفت المتة منذ مدة لا تتجاوز العشرين عام، ودخلت إليها عبر أبناء المحافظة الذين خالطوا أقرانهم من المحافظات الأخرى صاحبة الباع الطويل في الإقبال على المتة، كـ"السويداء" و"حماة" و"حمص" ومنطقة الساحل، ولكنها اليوم أصبحت طقساً من طقوس الضيافة في المحافظة، حتى أن البعض قد لا يضعها إلا أمام ضيوفه الخاصّين».

أما الشاب "محمد عدوان" فقال واصفاً تميز المتة عن غيرها من المشروبات: «المتة مشروب اجتماعي، بمعنى أن الذي يميزها هو الجمعة التي ترافق تناولها التي قد تمتد لساعات، بعكس المشروبات الأخرى التي يمكن الانتهاء منها بشكل سريع».

المتة بشكلها المفضل

الشابة "علا حلاق": «من تقاليد شرب المتة الكأس الخاص الذي تشرب فيه، وهو المعروف باسم "الجوزة" وهي عبارة عن كأس يصنع من القرع الصغير أو الخشب المحفور المجوف، ويتباهى الشاربون بصنعها وزخرفتها، كذلك الأمر بالنسبة لمصاصة المتة المعدنية، حتى أن البعض من الناس بات يصطحب مصاصته معه ويضعها في جيبه في حال غادر المنزل، كما تعددت طرق وأشكال تقديم المتة، حيث هناك "السادة" و"المتة مع البابونج" و"النعناع" و"الزهورات والخلطات العشبية" وحتى "الحليب"».

لكن ماذا عن الفائدة الطبية لمشروب المتة؟، عن هذا الموضوع حدثنا الدكتور "نزار الربداوي" الذي قال: «يؤكد الأطباء على أن المتة تحتوي على الفيتامين ج، لذلك ينصح بتناولها في حال الإصابة بالرشح، كما أنها تسهم في علاج الصداع والشقيقة وتخفض نسبة السكر في الدم، وتعتبر المته من أفضل المهضّمات ويفضل شربها بعد الطعام بوقت طويل لتسهل هضمه، وإذا شربت قبل الطعام فإن شاربها يشعر بالشبع وإذا شربت على الريق فإنها تلين المعدة والأمعاء، والإكثار من شربها لا يحدث الإمساك ولا تضر بالقلب والأعصاب كما تفعل المشروبات الأخرى بل تبعث النشاط في الأعصاب، وتفيد الذين يرهقون أدمغتهم وعضلاتهم وتساعد العمال والرياضيين على تحمل التعب والمشي والإرهاق، ولكن الأهم من ذلك كله هو كونها تسهم بشكل كبير في تنظيف الجهاز البولي وبالتالي القضاء على الرمل وتفتيت الحصى في الكلية».