لا يزال الإرث الشعبي في "حوران" بما ينطوي عليه من أشكال فلكلورية وأعراف متوارثة وآداب متعددة، يشكل مخزوناً ثقافياً ينم عن تراث المحافظة ومدى تأثرها بهذا التاريخ، وخصوصاً في المناسبات الاجتماعية من الأفراح والأعراس التي تتميز بعادات وتقاليد قديمة غنية بالتراث الشعبي الأصيل الذي لا تزال متّبعة لوقتنا هذا.

حيث يرسم العرس الحوراني مشهداً جمالياً في أغنياته ودبكاته وطقوسه الاجتماعية، لوحة تراثية ثرية بالعادات والتقاليد العريقة، فتختلف العادات وتتنوع في كل قرية ومدينة، ويحتاج "العرس" لفترة من الإعداد والتجهيز من قبل أهل العريس.

بعد الخطبة يتم تحديد الفرح الكبير حيث يجتمع أهل القرية بعد الانتهاء من مواسم العمل والحصاد، فتقوم حلقات الدبكة والأهازيج الشعبية على مدار أسبوع كامل أو ثلاثة أيام في الليل من الثلاثاء حتى يوم الجمعة، وتتم دعوة الناس إلى ما يسمى "التعليلة" يجتمع أهل القرية شيوخاً وشباباً وأطفالاً، ويوم الخميس تقام وليمة على العشاء لكل الموجودين حيث تشارك نسوة القرية وفتياتها في تحضيرها، واليوم انتشرت ظاهرة الطباخ بالعديد من الأفراح

وعن مراسم العرس الحوراني يقول الباحث الموسيقي والتراثي "أحمد المسالمة" لموقع eDaraa في 8/12/2009: «تبدأ مراسم العرس بـ"حوران" بالفترة الأولى بمرحلة الخطبة، حيث يذهب أهل العريس إلى بيت الفتاة التي يريد الارتباط بها وخطبتها برفقة وجهاء القرية والمختار للرفع من شأن أهلها وتكريماً لهم أمام الجيران والأقارب. يستقبلهم أهل العروس برفقة أقاربهم أيضاً حيث يكونون قد أعدوا وليمة كبيرة على الغداء تكريماً لنسيبهم الجديد وضيوفه، لتعقد حلقات الدبكة والرقص، وخلال حفلة الخطبة يقوم العريس بتلبيس خاتم الخطبة إلى عروسه بين غناء رفيقاتها وأهازيج الأهل، ومن الأغاني التي تردد في الخطبة:

استقبال اهل العروس للعريس

"لبّس لبّس يا عريس ما نك زعلان/ والعروس إلي بجنبك عود الريحان"».

ثم يقول: «بعد الخطبة يتم تحديد الفرح الكبير حيث يجتمع أهل القرية بعد الانتهاء من مواسم العمل والحصاد، فتقوم حلقات الدبكة والأهازيج الشعبية على مدار أسبوع كامل أو ثلاثة أيام في الليل من الثلاثاء حتى يوم الجمعة، وتتم دعوة الناس إلى ما يسمى "التعليلة" يجتمع أهل القرية شيوخاً وشباباً وأطفالاً، ويوم الخميس تقام وليمة على العشاء لكل الموجودين حيث تشارك نسوة القرية وفتياتها في تحضيرها، واليوم انتشرت ظاهرة الطباخ بالعديد من الأفراح».

الباحث احمد المسالمة

ويتابع: «من أنواع الدبكات التي تمارس في الفرح "السحجة" وهي أحد أنواع الفنون الشعبية التي تتميز بها منطقة "درعا"، وهناك أيضاً الزفة والدبكة بأنواعها "الحبل المودع- الميحة- الشعراوية"، و"السحجة" لها عدة أنواع منها "الدحية" حيث يشكل الرجال حلقة كبيرة ومن خلفهم المتفرجون من النساء والأطفال، وتعتبر السحجة أهم حدث في العرس يشارك فيها كافة أفراد القرية من الرجال، وخاصة الكبار في السن والشباب حيث يشكلون صفاً منظماً طويلاً أو دائرياً أو بشكل صندوق مفتوح، ويبدؤون التصفيق المنتظم المرتب مع هز الكتف يمنة ويسرة وإمالة الأيدي، ومع كل ضربة من الكف اليمين على الكف الشمال يخرج صوت منتظم من فم كل واحد من رجال "السحجة" يردد كلمة "دحيلي حيوا" وبشكل جماعي،

وبعد انتهاء الحفلة يبقى بعض الشباب المقربون من العريس يلتفون حول العريس، ويتقدم بعضهم بالحناء المعدة خصيصاً لهذه الغاية ويبدؤون بتخضيب يدي العريس وتزيينها بالحناء، ويطوقه البعض الآخر ويبدؤون بالغناء له احتفالاً وفرحاً حيث يغنون مرددين مع بعضهم كالتالي:

الغداء يوم الجمعة

"حنيت إيديا ولا حنيت أصابعي/ يا محلا النومة بحضين المرابيع

حنيت ايديا ولا حنيت كفاتِ/ يا محلا النومة بحضين البنياتِ».

ويقول: «في يوم الجمعة يذهب العريس إلى الحلاق لتزيين نفسه، ويُعزم عند أحد أصدقائه ليرتدي ثياب الفرح الجديدة في أجواء بهيجة، ويلبس ثيابه على إيقاع أغاني أصدقائه ومن الأغاني التي تردد بهذه اللحظة:

"آه يا عويد الزيزفوني/ دللوك ما دللوني

علموك لبس القرافة/ يا عريس ماعلموني

لبسوه الجاكيت/ وشلحوه الجكيت

في شوارع بيروت/ سلمولي عليه"

بعدها يتم تناول وجبة الغداء ومن ثم الزفة التي يتم خلاله عملية النقوط، حيث يقدم كل من المدعوين إلى جانب أهل العروسين مبالغ من المال يعلن عنها في حينها كمساعدة للزوجين على بدء حياتهما. ومن ثم الدبكة التي تستمر لمدة ساعة على الأقل ثم يتجه أهل العريس والمدعوين في موكب إلى منزل العروس يرافقها جمع من أهلها، وأثناء المسير يتم نثر السكاكر والرز على المدعوين الملتفين حول العريس من جيران العروس. وعند وصول العروس إلى عتبة المنزل تعطى قطعة عجين أو حناء لتلصقها فوق العتبة في دلالة على أنه لا فراق بعد اليوم عن عريسها».

ويضيف: «ومن الجهة الأخرى تبدأ العروس بتجهيز حاجاتها وتأمين مستلزماتها وكانت أغراض المنزل التي تشترى خلال فترة تجهيز العروس تتضمن بالنسبة لميسوري الحال الصندوق المزين، وتكون والدة العريس جهزت اللحف والفراش والوسائد قبل فترة طويلة لأولادها، لكل ولد فرشتين ولحافين، ويشمل جهاز العروس أيضا الثياب التي يدعى لشرائها المقربون من الأهل ويحسب حساب أقارب العروس في الملابس، حيث ترسل لكل واحدة من أقاربها قطعة قماش وتسمى "اللبسة"، لتعود بعد الفرح أقارب العروس برد الهدية للعروس في منزلها يوم الصباحية وتسمى "نقوط العروس"».

ويتابع: «تكون العروس قبل يوم من العرس منهمكة بالتحضير لليلة الحناء ويعد الحناء إحدى العادات التي تطبق على العروس والعريس، فالفتيات يذهبن مجتمعات إلى منزل العروس ليخضبن يديها ويزيّنّها بالحناء، يرافقهن الغناء والحداء والأهازيج أيضاً، حيث تقوم العروس بارتداء ثوب خاص بهذا اليوم والبعض منهن تقوم بتبديل الثوب أكثر من مرة بألوان وأشكال مختلفة، حيث تكون الحناء جاهزة منذ فترة الظهيرة وتوضع بإناء خاص لها، بعدها يقمن بالغناء كما يفعل الشباب بوجود النساء الأكبر منهن سناً، وبعد أسبوع من الزواج يقوم العرسان "بردة الإجر" إلى أهل العروس ويصطحبون معهم غداءهم، وغالباً ما يكون خاروف يذبح للعرسان ويدعى عليه الأقارب ووجهاء القرية».