يقال العلم في الصغر كالنقش على الحجر، لكن هؤلاء استطاعوا أن يثبتوا جدارتهم في التعلم رغم كبر سنهم، فكان إصرارهم على التعلم دافعاً كبيراً ليثابروا على الدوام ويتجاوبوا مع المدرسين دون أن يقف في وجههم أي عائق، لا بعد المسافة ولا كبر السن.

وأجملهم وأكثرهم حماسا "أم مصعب" التي تبلغ من السن ثمانين عاماً فعكازها الخشبي القديم لم يمنعها من أن تقطع مسافة لا بأس بها لتصل إلى مدرسة "الشرايع" للتعليم الأساسي، حيث تقام واحدة من أربعة دورات تقيمها رابطة "الصنمين" لاتحاد شبيبة الثورة في (بلدة الشرايع في منطقة اللجاة) وسبع دورات أخرى في بقية الروابط ضمن نشاطات مكتب الإعداد والثقافة الفرعي بالتعاون مع دائرة تعليم الكبار في "درعا"، بهدف دمج المنظمة بالمجتمع عبر استقطاب مختلف فئاته، بمشاركة أكثر من 125 مشاركة ممن تجاوزن سن التعليم الحقيقي، وكان لابد لنا أن نلقي الضوء على هذه الدورات المتميزة، وكعادته eDaraa وضمن جولته التي انطلقت يوم الخميس 5/6/2008، قطع ما يزيد على 70 كم شمال محافظة درعا إلى بلدة كنا نظن أنها منسية حقاً إلا أننا فوجئنا بجمال عمرانها وتعانق الأبنية القديمة والحديثة بطريقة تعكس إبداع صانعيها الكبير، حجارة سوداء اصطفت على جانبي الطريق وكأنها ترحب بنا تماماً كوجوه أهل القرية الذين شكروا منظمة اتحاد شبيبة الثورة على هذه الدورات المتواصلة طوال العام الدراسي وصيف هذا العام، فهي بالنسبة "لأبو صالح" زوج إحدى المشاركات نقلة كبيرة بين ظلام الجهل ونور العلم عبر باب طالما تميز بالإبداع- والحديث لأبي صالح- هو باب شبيبة الثورة التي وقفت في كل خطوة ايجابية تساهم في إعمار سورية الحديثة.

السيد "أنس الخلف" رئيس مكتب الثقافة والإعداد قال: ضمن خطة المنظمة في نشر الثقافة والمساهمة في الحملة الوطنية لتعليم الكبار التي أطلقها السيد الرئيس "بشار الأسد" هناك خطة فعالة لتنفيذ العديد من دورات تعليم الكبار في مجال عمل فرع درعا لاتحاد شبيبة الثورة والهدف هو تسليح المشاركين علميا ومعرفيا بغية الارتقاء بمجتمعنا نحو الأفضل فالعلم هو سلاح أي بلد والتعليم رسالة إنسانية حقيقية بكل معنى الكلمة علينا أن نحافظ عليها ونرتقي بها، وغايتنا الأساسية الوصول بالمشاركين بالدورات لأعلى درجات القراءة والكتابة ضمن المناهج الموضوعة والمعتمدة ولا أحلى من ابتسامة صاحبة الخمسين خريفا عندما تستطيع القراءة والكتابة وهذا هدفنا.

"أحمد نايف الرفاعي" رئيس دائرة تعليم الكبار قال: تجربة رائدة نخوضها مع منظمة اتحاد شبيبة الثورة في دورات تعليم الكبار خاصة أن هذه المنظمة لطالما تميزت بفعالياتها الهادفة إلى زرع حب العلم والتعلم في نفوس الكبار والصغار ودورة اليوم واحدة من سلسلة دورات سننفذها مع الشبيبة في الفترة المقبلة نتمنى أن نوفق بهذه الخطة الرائدة التي نتشاركها مع منظمة اتحاد شبيبة الثورة.

الآنسة "ماجده الرشيد" مدرسة في دورة الشرايع قالت: الدورة ممتازة جدا وأنا متفائلة بسوية المشاركين فهم على الرغم من أنهم تجاوزوا سن التعليم إلا أنهم متفاعلين بطريقة لا توصف يكتبوا وظائفهم يحفظوا دروسهم، أتمنى أن تعمل وزارة التربية على تعديل المناهج المقررة بما يتماشى مع مستوى هؤلاء المشاركين فهناك كلمات صعبة جدا مقارنة مع وعيهم العلمي.

وترى "سلطانة" إحدى المشاركات: أن هذه الدورة أكسبتها كماً كبيراً من المعلومات رغم قصر مدتها مقارنةً مع العام الدراسي المقرر للصف الأول مثلا.

وتشاركها "أم محمد" الرأي وهي أم لثلاثة مهندسين وتقول: الآن أصبح بإمكاني أن أجلس لأتحدث مع أولادي بشيء من الطلاقة فأنا اليوم أقرأ وأكتب وسأعمل بجد إلى أن أصل إلى الشهادات العليا.

وتسعى "أم نايف" وهي أم للكثير من أبناء البلدة إلى تكريس كل حرف يعطى في الدورة وهي تعمل بجد لتحفظ كل ما تعطيه المعلمة وستعمل على الاشتراك بالدورات المقبلة لتقوي هذه المعرفة التي اكتسبتها في دورتها الأولى.

"أم محمود" شكرت منظمة اتحاد شبيبة الثورة على هذه المبادرة الرائعة التي رفعت من شأنها بين جاراتها فقالت: هذه المنظمة تستحق كل الشكر منا لأنها قدمت لنا العلم والمعرفة على طبق من ذهب دون أي مقابل، فهي من رعت أطفالنا واليوم ترعانا وتعمل من أجلنا أيضا.