«تعد أيام الحصاد من أصعب الأعمال وأكثرها عناءً ومشقة، وننتظر بشغف اعتدال الطقس الذي نحسب له ألف حساب، ونفضل أيام الندى لحصاد موسم القمح والشعير تجنباً للهدر الكبير الذي يحصل للموسم، حيث توفر أيام الندى سهولة لقطع سنابل القمح، لتصبح أكثر سهولة في أصابع الفلاح، مما يسهل اقتلاعها من جذورها ليكون مردود التبن أكبر لنقدمه غذاء لقطعان الأغنام والأبقار».

والكلام للحاج "فندي الرفاعي" متحدثاً لموقع eDaraa في 17/7/2009 عن موسم حصاد الحبوب بـ"درعا" "القمح والشعير والحمص".

أيام الحصاد والبيادر في "حوران" كانت تمتد من ثلاثة إلى أربعة أشهر أحياناً، فكانت الأيدي والمناجل هي الوسيلة الوحيدة للحصاد قبل دخول المكننة الزراعية التي وفرت الكثير من الجهد والتعب، لكن تبقى لأيام الحصاد حلاوتها. إذ يتقاسم الجميع العمل بروح عالية من التعاون والحس بالمسؤولية الجماعية

فلا تزال تتسم أيام جني المحصول في "حوران" بجو من الألفة، يجمع أفراد العائلات والأسر، بعد عودة مواسم الخير ونزول قطرات الندى التي أراحت بال وفكر المزارعين، وحول هذا الموضوع الذي له خصوصية لدى أبناء المحافظة التقى موقعنا الحاج "علي الخالدي" من قرية "اليادودة" فقال لنا: «أيام الحصاد والبيادر في "حوران" كانت تمتد من ثلاثة إلى أربعة أشهر أحياناً، فكانت الأيدي والمناجل هي الوسيلة الوحيدة للحصاد قبل دخول المكننة الزراعية التي وفرت الكثير من الجهد والتعب، لكن تبقى لأيام الحصاد حلاوتها. إذ يتقاسم الجميع العمل بروح عالية من التعاون والحس بالمسؤولية الجماعية».

حصاد القمح

ويتابع الحاج "الخالدي": «كان الفلاحون وأسرهم يستيقظون باكراً ليصلوا إلى حقولهم قبل اشتداد حرارة الشمس، ليصطفوا فور وصولهم إلى مكان الحصاد على نسق واحد خلف الزرع، بوضعية القرفصاء على يمين أو يسار "الشقاق"، وهو الشخص الذي يكون من الداخل باتجاه الزرع، ويحدد طول وعرض الوجه أي الجزء المراد حصاده، وغالباً ما يكون الشقاق ذا خبرة ومهارة».

ويسترجع الفلاح "أحمد السليم" (أبو شاكر) بالقول: «يردد الحصادون أغاني موسم الحصاد، فيقومون باستمرار ودون كلل بترديد عبارات حماسية تزيد الهمم والنشاط في النفوس، وخاصة في نفوس الشباب، "عفية عليكم يا أولادي واليوم يومكم والله يحي النشاما"، "ووينهم النشاما - سبقونا الربع"، فيما تحل الأغاني والأهازيج على نفوس الشباب والشابات فيرددونها معاً مستعيدين ذكريات الآباء والأجداد في مواسمه:

تجميع المحصول للرجيد

طمّن واحنيلي ظهرك.. يا بعد ظهيري ظهرك

لفرع وارمي الطاقية ..لعين عيون النشمية

الحاج فندي رفاعي

يا أم حجيلة ميلي جاي .. يا حبيبة ميلي جاي».

ويضيف الحاج "محمود الملحم" بالقول: «لبثِّ المزيد من الحماس بين صفوف الحصادين يختار "الوقيف"، أغاني الماضي الممزوجة بعرق الفلاحين وفرحهم وهمتهم وكرمهم. كما ويلجأ الفلاحون أثناء الحصاد إلى استخدام العبارات والزغاريد التي تزيد الحماس وتثير الحفيظة لديهم وتنسيهم التعب وتجعلهم يتسابقون في الوصول أولاً إلى نهاية الجزء المحدد حصاده من وجه الزرع».

ويقول السيد "منصور العلي": «إن الحصاد كان يستمر في الأيام الرطبة والندية طوال النهار، تتخلله فترات للراحة وتناول طعام الإفطار الذي يتألف على الغالب من الخبز واللبن والتمر، ويتم خلال فترات الراحة أيضاً تبادل أحاديث الملاطفة والضحك التي كانت تخفف تعب ومشقة الحصاد المضنية، وتعيد لهم النشاط ومتابعة الحصاد من جديد حتى "الجورعة"، وهي الانتهاء من عملية الحصاد».

وينهي السيد "منصور العلي" حديثه: «تبرز في أيام الحصاد مهنة "المغمر"، وهي "تغمير القش" المحصود أي تجميعه على شكل أكوام أو حلل طويلة أو مستديرة، لتبدأ لاحقاً بعد انتهاء عملية الحصاد عملية "الرجاد"، وهي نقل القش المحصود من مكان الحصاد في الحقول إلى البيادر، واختيار الدراسة اليدوية بأيام الرياح الشرقية لتسهيل فرز الحبوب عن التبن».