لم يكتف بالتركيز على تقنية الحفر على الخشب من بين التقنيات الكثيرة في الفن التشكيلي بل سعى إلى إقامة معرض فردي استخدم فيه هذه التقنية وحدها. إنه الفنان التشكيلي "غسان شاكر" الذي التقاه eSyria بتاريخ4/1/2009 وعن بدايات اختياره لهذه التقنية حدثنا قائلاً:

«درّس في "دير الزور" في فترة أواخر الستينات فنانون كبار منهم الفنان "نذير نبعة" والفنان "جريس سعد" والفنان "غسان الحلبي" ، ولقد اهتم الفنان "جريس سعد" بالفنون التطبيقية إلى جانب اهتمامه بالفنون التشكيلية، وكان لديه "حرّاقة" قديمة للخشب، وعمل في أواخر عام1968وهو العام الذي درّسنا فيه معرضاً فنياً مدرسياً كان فيه قسم خاص للوحات الحرق على الخشب، و قد تعلمت هذه التقنية أثناء فترة التحضير لذاك المعرض، وكنت حينا في الصف الثامن، في إعدادية "الثورة"».

لدي ثلاث أجيال من آلات الحرق على الخشب، منها ما هو يبدل له عدد كبير من رؤوس الحرق حسب رغبة الفنان، وأحدث آلة للحرق لدي لم أشتريها من الأسواق السورية إنما أتتني وقتها من إسبانية

وأما عن أشهر فناني "دير الزور" في الحفر على الخشب فيقول "رمضان": «هناك الكثير من الفنانين استخدموا هذه التقنية، في أعمالهم، ومن أشهرهم الفنان المرحوم "هشام رمضان" ، وكذلك قام بتدريس الحرق على الخشب لطلابه في معهد الرسم في "دير الزور"، ومن الفنانات اللاتي برعن في استخدام هذه التقنية المدرسة "بشرى كمّور"».

إحدى شوارع الدير العتيق

أما عن تركيز الفنان "غسان رمضان" على تقنية الحرق على الخشب فقد شرح لنا ذلك بالقول: «فكرة الحرق على الخشب خطرت في ذهني للتجديد في الرسم فجميع الفنانين في المحافظة وفي القطر العربي السوري يقدمون معارضهم بالقلم الرصاص والفحم والألوان المائية وكذلك الزيتية، ولم يطرق أحد فكرة الحرق على الخشب في معرض كامل، وقد استطعت أن أحول هذه المهارة من فن من الفنون التطبيقية إلى فن تشكيلي وخصوصاً عندما رسمت "البورتريهات" أو الوجوه، وهذا النوع من الفن له قوة تزيين ناعمة ورقيقة».

وحول مميزات هذه التقنية وتاريخها أضاف: «الحرق على الخشب كتقنية يتميز بأنه أقل كلفة من لوحات الزيتي والمائي، ولها مدى وعمر أطول فلدي لوحات قديمة للحرق على الخشب عمرها أكثر من أربعين عاماً، فالحرق على الخشب يتميز بالدقة والنقوش الغائرة، وتظهر قوة يد الفنان في الفن، فقديماً كانت موضوعاته تعتمد على الآيات القرآنية والزخرفة في البلاد العربية واللوحات الطبيعية في الدول الأوربية والآسيوية وله ميزة أخرى هي جعل الفنان يعمل بكامل إحساسه لأنه لا يتعامل مع قلم الرصاص أو قلم الفحم، وإنما مع آلة حرارية يكون فيها الخطأ قاتل لعدم وجود ممحاة يتلافى فيها الأخطاء.

صناعة الفخار

أما اقتناء هكذا لوحات فيعتبر محصوراً بطبقة الميسورين من الناس لأن الأعمال تكون مرتفعة الثمن نسبياً، ويكون اقتنائها مجالاً للتفاخر، لآن الخشب مع مرور الأيام يعطي إحساس عميق في القِدم مما يجعل اللوحات تبدو كالمقتنيات التراثية».

وهنا نماذج عديدة لآلات الحرق على الخشب، وقد وضَح الفنان "رمضان ذلك بالقول: «لدي ثلاث أجيال من آلات الحرق على الخشب، منها ما هو يبدل له عدد كبير من رؤوس الحرق حسب رغبة الفنان، وأحدث آلة للحرق لدي لم أشتريها من الأسواق السورية إنما أتتني وقتها من إسبانية».

الفنان عيد نزهان

وعن أفكاره حول تطوير هذه التقنية أضاف: «هذا النوع من الرسم يعتبر من الفنون التطبيقية، ومن خلال مشاهدتي للوحات كثيرة لفنانين أوربيين وآسيويين، كان لكل فنان منهم أسلوبه الخاص بالتعبير، إن ممارسة هذا الفن هي السبب الرئيسي في تطوير الفنان ، وكذلك تطور آلة الحرق له دور في تحسين مهارات الفنان، فقديماً كانت آلة الحرق برأس واحدة أما الآن فهناك آلات حرق بستة رؤوس، وأخر بواحد وعشرين رأس».

وحول هذه التقنية التقينا الفنان "عيد نزهان" رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين، فحدثنا قائلاً : «هذه التقنية مأخوذة من فن الغرافيك الذي يعتمد على الحرق على الخشب، وهي تقنية تحمل طابع حرفي يمارسها بعض الفنانين في "دير الزور" ، ولكن الأميز بينهم هو الفنان التشكيلي "غسان رمضان" الذي نستطيع أن نقول انه يحترف هذه التقنية».