ذاع صيتهُ مبكراً كرجلٍ فذ؛ اتّصفَ بالحنكةِ ورجاحة العقل وحبه الشديد للناس فكانَ موضعَ ثقة وإعجابِ كل من سمع باسمه؛ لا تنقصهُ الوطنية وحب الأرض المغروسِ فيه منذ السنين الأولى من عمرهِ؛ عاش حراً وقاتل من أجل الحرية فكان له الشرف في أن يكون أولُ شخصٍ يرفعُ راية الوطن بعد الاستقلال. الشيخ "دحام الدندل" من الوجوه المضيئة التي ستظل مشرقةً مهما بعُدت السنين. مراسلُ eٍSyria التقى بالشيخ "أيمن الدندل" نجل الشيخ "دحام الدندل" في مدينة "البوكمال" بحضور الشيخ "رجا الدندل" الابن الأصغر؛ وذلك في جلسةٍ خاصة بتاريخ 13/9/2009 للتعرف عن قُرب على مسيرة حياة والدهم، فكان هذا الحديث على لسان الشيخ "أيمن الدندل" حيث قال:

«ولِد الشيخ "دحام الدندل" في عام/1924/م في قرية "الغِبْرة" التابعة لمدينة "البوكمال" هاجر مع والدهُ الشيخ "رجا الدندل" وعمه الشيخ "مشرف الدندل" إلى مدينة "الرمادي" في "العراق" وهو في الثامنة من عمرهِ حيث تلقى هناك تعليمهُ الابتدائي، وفي عام /1941/م شارك لأول مرة في القتال مع والده وعمه أثناء الانقضاض على مؤخرة القوات الإنكليزية المحتشدة في بلدة "القائم" على الحدود السورية- العراقية والتي كانت تلاحق الثوار بقيادة "فوزي القاوقجي" وفي ذلك الوقت كان لا يتجاوز السابعة عشرة من عمرهِ.

وهناك حادثة حصلت مع الشيخ لا يزال أبناء العشائر يتناقلون فيما بينهم أحداثها؛ فبعد الاستقلال عُقِدَ اجتماعٌ في مقهى السرايا بـ"دير الزور" ضمّ شيوخ المحافظة ووجهاء المدن؛ وأثناء الاجتماع فوجئ المجتمعون بطلقاتٍ نارية قادمة من دائرة الاستخبارات البريطانية المقابلة للمقهى وقُتل أحد الحضور وجُرِح آخرون؛ فما كان من الشيخ "دحام الدندل" إلا التصدي لرامي الرشاش وأرداهُ قتيلاً

كان الشيخ "دحام الدندل" محل اهتمام والده وعمه فكانا يصطحبانه معهما إلى معظم الاجتماعات والجلسات العشائرية وحتى الغزوات والمعارك التي تحدث في تلك الأوقات، في عام/1945/م عندما ثارت عشائر "البوكمال" ضد المستعمر الفرنسي كان الشيخ "دحام الدندل" على رأس المجاهدين وكان أول شخص يرفع علم سورية فوق سماءه بعد الجلاء وذلك فوق سارية السرايا؛ إذ أنّ مدينة "البوكمال" هي أول بقعة أرضٍ من "سورية" تحررت من قيود الاحتلال الفرنسي، فبعد جلاء المستعمر عن المدينة شُكّلت لجانٌ شعبية للدفاع عن الشعب وتدبير أموره المعيشية وقد كُلّفِ الشيخ "دحام الدندل" بترؤس هذه اللجان وذلك بتكليفٍ من والده وعمه».

الشيخ "أيمن دحام الدندل"

وتابع حديثه، قائلاً: «وهناك حادثة حصلت مع الشيخ لا يزال أبناء العشائر يتناقلون فيما بينهم أحداثها؛ فبعد الاستقلال عُقِدَ اجتماعٌ في مقهى السرايا بـ"دير الزور" ضمّ شيوخ المحافظة ووجهاء المدن؛ وأثناء الاجتماع فوجئ المجتمعون بطلقاتٍ نارية قادمة من دائرة الاستخبارات البريطانية المقابلة للمقهى وقُتل أحد الحضور وجُرِح آخرون؛ فما كان من الشيخ "دحام الدندل" إلا التصدي لرامي الرشاش وأرداهُ قتيلاً».

وأضاف: «في عام/1949/م مثّل الشيخ "دحام" منطقة "البوكمال" وعشائر "العقيدات" في البرلمان السوري كذلك مثّلهم في عام/1954/م ومثّلهم أيضاً أيام الوحدة مع "مصر" عام/1959/م ثم في حكومة الانفصال عام/1962/م كما ترأس عدة مرات الكتلة العشائرية في البرلمان، انضم إلى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي عام/1946/م وحضر المؤتمر التأسيسي الأول في "دمشق" ويشهد له رفاقه في الحزب مدى تفانيه في تقديم الدعم المادي والمعنوي للحزب، شارك في عدة اجتماعات عشائرية داخل "سورية" وخارجها وكان يُنتخب من قِبل العشائر وذلك لمكانتهُ الرفيعة بين أبناء قومه ولتحليه بالأخلاق الفاضلة والحميدة ولا ننسى الثقافة العالية التي تمتّع بها، فكان له علاقات واسعة جداً على مستوى دول المشرق العربي، كان ضمن الوفد الرسمي أثناء تعزية الملك "فيصل" عام/1975/م ورافق والده وعمه في زيارةٍ إلى "الأردن" بمناسبة اليوم الوطني لاستقلاله وذلك عام/1946/م.

الشيخ "دحام" وعلى يساره "عبد الحكيم عامر" نائب رئيس الجمهورية المتحدة ومن خلفهُ "عبد الحميد السراج" وزير الداخلية أثناء دخول الرئيس "جمال عبد الناصر" إلى القاعة

عُرِف الشيخ "دحام الدندل" بكرمه ومساعدته للمحتاجين فقد كان منزله مقصداً لكل محتاج ومظلوم ومكاناً لحل الخلافات بين الناس وذلك بفضل شخصيته المعتبرة والقوية ما جعل كلمته مسموعة من قِبل الجميع، توفي الشيخ "دحام" بتاريخ 3/12/1978م وقد شيعتهُ المنطقة بجميع عشائرها وأهاليها في جنازةٍ لا تليق إلا بالكبار».

لم يغيب الشيخ "دحام الدندل" عن بال أحد حتى بعد وفاته لأنهُ خلّفَ وترك وراءه أولاداً ساروا على نهجهُ القويم في الوطنية والأخلاق الفاضلة والذين عرفوا كيف يحافظوا على تاريخ والدهم المُشرّف حتى الآن؛ وهم: الشيخ "أيمن الدندل، والشيخ "رجا الدندل" وراغب وهشام وهاني الدندل.