يشكل "اليشمر" وهو "الاسم الشعبي في منطقة الفرات" لما يسمى عربياً "الشماغ" جزءاً لا يتجزأ من لباس أهل الريف والبادية، وجزءاً من الزي التراثي لأهل المدينة، بل إنه ليس خاصاً بمنطقة "الفرات" إنما هو جزء من الزي العربي المعروف عالمياً وله في شكله العام طابع واحد، ولكن قد يختلف لون النقش عليه بين الأحمر والأسود.

وقد ظهرت في الآونة الأخيرة موجة ما سمي "الشماغ الملون" وهو عبارة عن "الشماغ" القديم بنقوش جديدة أو بذات النقوش ولكن بألوان متعددة تبتعد به عن شكله الكلاسيكي الذي ألفناه سابقاً، مما أثار ضجة كبيرة في الأوساط الاجتماعية وجدلاً ما يزال مستمراًً بين مؤيد بشدة لانحساره وبين مدافع عنه.

أنا تاجر وهمي الأساسي هو في وجود بضاعة أستطيع أن أصرّفها، أما مناقشتها من حيث السلب والإيجاب أو التأييد والمعارضة فهي ليست في أولوياتي

موقع eSyria التقى بالفنان "عيد نزهان" رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في "دير الزور"، خريج معهد تصميم الأزياء في "عَمَّان" والذي هاجم هذه الظاهرة بشدة قائلاً: «أجمل ما في التراث أنه غير قابل للمساس ويعطيه مع مرور الأيام طابعاً من القداسة، وبالتالي أي محاولة لتعديله هي محاولة تشويه لا محالة، هذا بالنسبة للتراث بشكل عام أما فيما يتعلق "بالشماغ" وهو غطاء الرأس عند الرجل في الزي العربي التقليدي فهذا ليس مجرد تراث إنه رمز لعروبتنا وتأكيد على أصالتنا وانتمائنا، إن وجود "شماغ" بنفسجي أو أزرق أو أخضر ما هو إلا محاولة للسخرية منا وتشويه تراثنا، خاصة وأنه مصنوع في الغالب في دول أجنبية، وعلى الشباب أن يدركوا أننا لسنا ضد أي زي مختلف يمكن أن يرتدوه بحكم أن تطور الزي أمر طبيعي ولكن دون المساس بأشيائنا الخاصة».

الآنسة أريج أحمد

ومن الشابات اللواتي كان لهن الرأي ذاته الشابة "أريج أحمد" مهندسة زراعية، حيث عبرت عن وجهة نظرها بالقول: «أنا أرتدي "الشماغ" في جامعتي وبين صديقاتي وفي كل نشاطاتي الإجتماعية لأنني أعتز به لكونه يمثل تراث منطقتنا من جهة، وبسبب الرمزية التي اكتسبها من ارتباطه بالقضية الفلسطينية، ولا أستطيع أن أرى في "الشماغ" الملون إلا محاولة من محاولات سلب الخصوصية وتمييع الهوية العربية إرضاءً للعولمة، والدليل على ذلك أن أول ظهور له كان في فلسطين المحتلة، وقد عرضت قناة الجزيرة برنامجاً ظهرت فيه مصممة الأزياء الفلسطينية "مها السقا" لتؤكد هذه الفكرة واستطاعت استصدار قانون يمنع الباعة من تسويق هذا النوع من الزي لما فيه من إساءة للعرب والعروبة».

أما من المؤيدين لهذه الظاهرة فالتقينا بالشاب "زياد العلي" الذي خالف كلام الفنان "عيد نزهان" فقال: «لا أرى في ارتداء "الشماغ" الملون ما يضير، بل على العكس تماماً لا أرى فيه تشويه للتراث بل إحياء له، انظري حولك صار الكثير من الشباب يرتدون الزي العربي الأصيل بعد أن كسروا الحاجز وارتدوا الزي الملون، أي أن هذه الظاهرة جعلت من "الشماغ" العربي زياً محبباً بالنسبة للشباب».

نماذج من الشماغ الملون

ومن الجدير بالذكر أن الملون لا يختلف عن التقليدي بأنه يوضع على الأكتاف والخصر وليس على الرأس فقط بل يختلف عنه أيضاً بأنه صار زياً للشباب والفتيات وانتشر بينهم على السواء.

الآنسة "نبراس سفان" موظفة، أيدت هذه الظاهرة بقولها: «"الشماغ" الملون أكثر أناقة من التقليدي بالإضافة إلى أن فيه حالة من التغيير مما يجعله مرغوباً بالنسبة للشباب، ألوانه كثيرة وتتيح لنا اختيار اللون الذي يناسب لباسنا اليومي، وأنا أستغرب رد فعل كبار السن، فهم جربوا وكان لهم الزي الخاص بهم وصار اليوم تراثاً، فلماذا يلزمونا به؟، أنا لست ضد احترام التراث ولكن من حقنا نحن أيضاً أن يكون لنا تجربتنا الخاصة دون المساس بتجربتهم، وأنا لا أرى في وجود "الشماغ" الملون أي إساءة».

وبين مؤيد ومعارض لهذه الظاهرة نجد البائع الذي يتعرض لانتقاد الثاني وتأييد الأول حيث التقينا بالتاجر "وليد حريب" الذي عبر عن حياده تجاه هذه القضية قائلاً: «أنا تاجر وهمي الأساسي هو في وجود بضاعة أستطيع أن أصرّفها، أما مناقشتها من حيث السلب والإيجاب أو التأييد والمعارضة فهي ليست في أولوياتي».

أما فيما يتعلق بأكثر الألوان انتشاراً فأضاف: «الشريحة التي ترتديه في الغالب تتراوح الأعمار فيها بين سن 15 وسن 25 أي أن نسبة كبيرة منهم هم طلبة المدارس مما يجعل اللونين الفضي والزهري الأكثر انتشاراً، أما النقوش فأصبحت متنوعة وغريبة بعض الشيء، وبدأ "الشماغ" يأتي بمقاسات وأطوال مختلفة».