فتنت الكسوفات والخسوفات الناس لآلاف السنين، وقد ظن الصينيون القدماء أن الكسوفات الشمسية، تحدث عندما يحاول التنين في السماء ابتلاع الشمس، وكذلك العرب اعتقدوا أنه عندما يحدث خسوف للقمر بإن "الحوت" قد ابتلعه، وبقيت هذه الخرافة مسيطرة على عقول الناس، لفترة طويلة من الزمن، حتى أثبت العلم نظريتي الخسوف والكسوف، وقصة "الحوت" وابتلاعه للقمر، مرت على منطقة الفرات، وكان غالبية الناس يتجهزون لحماية قمرهم الغالي من الابتلاع.

ولتسليط الضوء على تلك الظاهرة، وكيفية التعامل معها، التقت esyria الأستاذ"شوكت الكبيسي" مدير العلاقات العامة بجمعية هواة الفلك"بدير الزور"، والذي حدثنا عن تلك الظاهرة بالقول:« إن ظاهرة الخسوف والتي تفسر شعبياً بأن ثمة حوت ضخم يتربص بالقمر، وفي لحظة ما ينقض على القمر محاولاً ابتلاعه، ولأن القمر وبدلالته الرمزية يشكل مصدر الضياء في الليل، وهو بذلك يشكل نصيرًا للإنسان، وعامل حماية مساعد لبقائه، لإن الظلمة هي ملاذ كل الحيوانات المفترسة، والتي تتربص بالإنسان، ومن خلال هذا الدور الذي يلعبه القمر، فقد أصبح صديقاً ومدافعاً عن الإنسان، ولكي يقنع الإنسان نفسه بأنه أيضاً يساهم في حفظ الود ويدافع عمن يساهمون في رفد مقومات بقاءه، فيبدأ بقرع الطبول وحلقات الدف والصراخ، متوهماً أنه بذلك يساهم في طرد الحوت وثنيه عن ابتلاع القمر، إلى درجة أن هذه الظاهرة، أصبحت جزءًا من ظاهرة تراثية، ومن جملة الأهازيج التي لا زلت أذكرها، وقد قمت في صغري بالمشاركة فيها، مثال ذلك و باللهجة المحلية "ياحوتة يامنحوتة .... هدي كمرنا العالي.... ما تكدري تصيدينوا.... هذا كمرنا الغالي، و"هدي" بلهجة أهل الدير تعني "اتركي"».

لم تعد ظاهرة الاعتقاد بوجود الحوت الذي يلتهم القمر موجودة، بسبب التفسير العلمي لهذه الظاهرة، وكذلك تطور العلم والمناهج الدراسية، والتي لايكاد بيت يخلوا من طلاّب المدارس والجامعات، والذين فسروا لأبائهم وأجدادهم مايحدث أثناء الخسوف، وكذلك خطباء المساجد وضحوا هذه الظاهرة في أوقات كثيرة تزامنت مع حدوثها

أما التفسير العلمي لهذه الظاهرة أجاب عنها"الكبيسي"بالقول:« ظاهرة الخسوف والتي تفسر علمياً ومن خلال دوران الأرض حول الشمس، ودوران القمر حول الأرض، كونه تابعها الوحيد في لحظة ما تكون الأرض بين الشمس والقمر، وبما أن القمر هو جرم سماوي عاكس للضوء الذي يتلقاه من الشمس، وبوجود الأرض كحاجز فيكون حجم الخسوف بحجم المساحة التي تحجبها الأرض، وبما أن القرآن الكريم يؤكد على حقيقة أن كل شيئ يتحرك "كل في فلك يسبحون"، فقد رسم بقدرته لكل شيء مساره وحركته الخاصة، فمن الطبيعي بالنسبة لنا على كوكب الأرض، أن نرى ونتأثر بحركة كل جرم سماوي، وقد عكسناه على حياتنا بحيث أن بعض النجوم التي تظهر ليلاً في الصيف، غير تلك التي تظهر في الشتاء، فمثال ظهور نجم "سهيل"، دليل دخول فصل المطر، وانكسار درجة الحرارة، وبتكرار هذا الظهور، وكبرحجم وطول المدة الزمنية التي يتم فيها التغيير، والتي قد تتجاوز حياة البشرية، فقد أصبحت من ثوابت الحياة».

الاستاذ شوكت الكبيسي "جمعية هواة الفلك"

وهناك صلاة للخسوف والكسوف حدثنا عنها الشيخ "عبد الرحمن الحسين"إمام مسجد"أم المؤمنين"حيث قال:« يعتبر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أول من وضع أساساً علمياً لهذه الظاهرة "أي كسوف الشمس والقمر"، فقال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى وإلى الصلاة"،أما صلاة الكسوف والخسوف، فإنها تؤدّى إذا كسفت الشمس أو خسف القمر، فيفزع الناس إلى الصلاة حين سماع النداء، الصلاة جامعة، الصلاة جامعة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام صلاّها، وتصلّى جماعة أو فرادى، وهي ركعتان جهريتان يقرأ المصلي في الأولى الفاتحة وسورة طويلة، ويركع ويطيل في الركوع، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة وسورة، ويطيل، ولكن دون القراءة الأولى، ثم يركع ويرفع ويسجد ويطيل، ثم يفعل في الركعة الثانية ما فعل في الأولى ولكن بقراءة دون الأولى، ثم يتشهد ويسلم، فهي ركعتان بأربعة ركوعات وأربع سجدات».

السيد"خليل محيسن" من أهالي حي تشرين قال:« كنت صغيراً عندما كان آباءنا وأجدادنا، يخيفون الحوت حسب اعتقادهم، بقرع الطبول، والضرب بالمعادن والأواني النحاسية، حتى يحدثوا ضجيجاً وصوتاً مرعباً لإخافة ذلك المخلوق الذي ابتلع قمرهم، ولكن عندما كبرنا ودخلنا المدارس، تبين لنا مدى عدم معرفة الناس بتلك الظاهرة، وهي من ضمن علوم الفلك، وانقرضت نهائياً من قاموس عادات العرب، ولم يعد يعمل بها وأصبحت من الذكريات والتراث، تحكى لأولادنا».

"محمد البسام"من أهالي قرية"موحسن" قال:«لم تعد ظاهرة الاعتقاد بوجود الحوت الذي يلتهم القمر موجودة، بسبب التفسير العلمي لهذه الظاهرة، وكذلك تطور العلم والمناهج الدراسية، والتي لايكاد بيت يخلوا من طلاّب المدارس والجامعات، والذين فسروا لأبائهم وأجدادهم مايحدث أثناء الخسوف، وكذلك خطباء المساجد وضحوا هذه الظاهرة في أوقات كثيرة تزامنت مع حدوثها».