على الرغم من تطور الحياة وأنماط المعيشة، لا تزال بيوت الشعر من أهم الوسائل التي ظل أهل البادية يتمسكون بها، لمقاومتها وتحملها ظروف البيئة الصحراوية المتقلبة.

يعتبر فن صناعة بيت الشعر وهندسته وأقسامه من العادات والتقاليد التي يتميز بها أهل البادية "بدير الزور"، كما تتميز بخفتها في عملية التنقل وسهولة صيانتها ويمكن للمرأة البدوية إصلاح البيوت المصنوعة من الشعر دون الحاجة إلى من يساعدها في القيام بهذه المهمة.

أما القسم الثاني من البيت البدوي فهو المحرم وفيه تجلس النساء والأطفال ويوضع فيه الفرش واللحف "الأغطية"، ويوجد قسم صغير من البيت للطبخ توضع به الأواني وأدوات الطبخ المصنوعة غالباً من النحاس أو الألمنيوم

وللتعرف على بيت الشعر لدى سكان البادية التقى eSriay بتاريخ 5/3/2012 "حمود العبد الله" أحد سكان منطقة "جروان" في بادية دير الزور والذي قال: «يصنع بيت الشعر من شعر الماعز ويتميز بأنه يمنع تسرب مياه الأمطار إليه، ويؤمن عزلاً للجو الخارجي عما بداخل البيت ما يجعله آمناً في الشتاء من البرد والمطر، وفي الصيف واقيا من حر الشمس ويعطي برودة وظلاً داخله، وكلما زادت مساحة البيت وكثر فرشه كان ذلك دليل على رخاء حال صاحبه غير أن معظم بيوت الشعر تتكون من 15 عمودا مصنوعةً من شجر الحور يقوم عليها البيت.

بيت الشعر في البادية

وعن طريق صنع بيت الشعر قال "العبد الله": «يتم صنعه عن طريق المغازل حيث يتم فتل خيوط من شعر الماعز والأغنام ليتكون منها لفائف من الحبال المفتولة، وبعد ذلك يتم شد الحبال ورصها بجانب بعضها بعضاً وإحكام ربطها من الطرفين بقطعة خشبية مثبتة بأوتاد من الطرفين ومن ثم نسجها ببعضها بعضاً باستخدام "قرن غزال" إلى أن تنسج مكونة قطعة متكاملة مستطيلة الشكل بأطوال وأعراض مختلفة حسب الحاجة إليها فيما بعد عند نصب بيت الشعر».

وأشار "العبد الله" عن أسماء قطع بيت الشعر عند نصبه قائلاً: «يتألف من "الشقاق" وهو الجزء العلوي من البيت "السقف" والذي يتألف من مجموعة من الشقق متصلة ببعضها بعضاً بحسب حجم البيت وتنسج الشقة من شعر الماعز الأسود وهو ما يضفي على البيت طابع السواد المهيب المعروف عنه، وهناك "الرواق" وهو ما يغطى بها الجانب الخلفي من البيت وتنسج من صوف الأغنام البيضاء أو وبر الإبل وتتصل بسقف البيت وهناك "الرفاف" وهو جانبي البيت الأيمن والأيسر، إضافة إلى "الغدفة" وهي الستارة التي تسدل على مقدمة البيت في حالة سقوط المطر أو البرد والريح الشديد».

الباحث عامر النجم

وعن طريقة تحديد جهة نصب بيت الشعر تحدث الباحث "عامر النجم" بالقول: «يتميز أهل البادية بالفراسة، فقبل نصب المسكن يتم تحديد جهة شروق الشمس واتجاه الهواء الدائم في المنطقة التي سيتم الإقامة فيها وذلك عن طريق النجوم ثم يمد البيت أولا على الأرض وتدق الأسياخ الحديدية التي لها رأس مدبب وعريض في الأرض وتسمى هذه "الأسياخ" باللهجة البدوية "السجة" وتدخل في الأرض حوالي نصف متر لتثبت البيت بالأرض حتى لا يتأرجح البيت من شدة الرياح وتربط إليها الحبال القوية ثم يرفع البيت على الأعمدة الخشبية لينتصب عليها ويتم توجيه البيت حسب حركة الرياح لمنع اهتزازه، وتحفر حول البيت ساقية قليلة العمق تسمى /الوني/ تجري فيها مياه الأمطار عند هطولها ويمنع دخولها إلى البيت وتحيط هذه الساقية بالبيت من كل جوانبه».

وأضاف "النجم" قائلاً: «يقسم البيت البدوي إلى قسمين هما الربعة والمحرم ويفصل بينهما حاجز يسمى "الزرب" وهو مصنوع من أعواد الخيزران الملفوفة بخيوط صوفية ملونة والربعة هي المضافة التي يستقبل فيها البدوي زواره من الرجال وتحدث فيه المناسبات والولائم ويتم الاهتمام بهذا القسم بشكل خاص حيث تغطى ارضية الربعة بالسجاد المصنوع من الصوف أو اللباد أو البسط المصنوعة من شعر الماعز وصوف الغنم وتوضع الوسائد على السجاد لكي يتكئ عليها الضيوف وتسمى المخاد وأحياناً توضع داخل الربعة مدفأة حطب للتدفئة وفي الوسط امام الربعة مباشرة تكون النقرة أو المنقلة وهي حفرة يشعل فيها النار وتوضع بالقرب منها دلال القهوة العربية المصنوعة من النحاس الأصفر بأحجامها المختلفة».

عزيمة غداء في بيت الشعر

وتابع "النجم" قائلاً: «أما القسم الثاني من البيت البدوي فهو المحرم وفيه تجلس النساء والأطفال ويوضع فيه الفرش واللحف "الأغطية"، ويوجد قسم صغير من البيت للطبخ توضع به الأواني وأدوات الطبخ المصنوعة غالباً من النحاس أو الألمنيوم».