"حلوة ومزاوية"، "يا صبارة باردة وبتبل القلب، طيبة ياصبارة وعالندى أكلها" و"ياصبارة يا ورد، ريحتك جميلة بس شوكك بيجرح"، عبارات عديدة نسمعها في حارات وأزقة وشوارع "دمشق"، في محاولة لاستقطاب المارة من الناس، ودوماً كانت وما زالت العبارة التي يطلقها هذا البائع أو ذاك معبرة بشكل أو بآخر عن معنى محدد، فحلوة ومزاوية

تعني أن مصدر الصبارة هو بساتين "المزة"، هذا ما أكده "أحمد السالم" أحد بائعي الصبار في منطقة "الفحامة" وسط "دمشق" بتاريخ 7/8/2008، الذي أردف قائلاً: «مازلنا نتسوق الصبار من "المزة" ولكن بكميات قليلة، لأسباب يعرفها الجميع منها تحول معظم بساتين الصبار هناك إلى أبنية سكنية، ولذلك أصبحنا نتسوقه من "داريا" و"دروشة" بـ"ريف دمشق"، ويلخص لنا السيد "السالم" كيفية تقشير الصبارة فيقول: «بداية كما ترى عدتي سكين صغيرة وكف من البلاستيك يحميني من الأشواك الناعمة، والعملية يجب أن تتم بسرعة، وبراعة كي لا يتلف أي جزء من الصبارة، ويتشوه منظرها، لأنه وببساطة العين هي التي تأكل أولاً».

يعمل بائعو الصبار على تزيين بسطاتهم بالأزهار والرياحين والثلج، ما يثير شهية المارة ويدفعهم لالتهام أكبر عدد من حبات الصبار

ومن هنا أضاف السيد "أحمد": «يعمل بائعو الصبار على تزيين بسطاتهم بالأزهار والرياحين والثلج، ما يثير شهية المارة ويدفعهم لالتهام أكبر عدد من حبات الصبار».

صيدلية متنقلة:

لكن لماذا هذا الاهتمام بالصبارة كفاكهة صيفية درج على تناولها أبناء "دمشق" على مدى سنوات طويلة، يلخص لنا الطبيب "أيمن الجباوي" فوائد الصبار فيقول: «أكدت الدراسات العلمية أن الصبار يحتوي على كمية كبيرة من السكريات بنسبة(14%) وبروتينات بنسبة(1%) ومقادير متوسطة من الأملاح المعدنية إلى جانب فيتامين(ج) وفيتامين( أ ) والثمرة ممتلئة بالفيتامينات والمعادن بشكل متوازن وطبيعي لرفع مناعة الجسم بالدرجة الأولى وأهم المعادن التي تحويها ثمرة الصبارة الكالسيوم والمغنيزيوم والبوتاسيوم ومجموعة من الفيتامينات مثل فيتامينيِِِ (A-C) واكتشف الباحثون عدة فوائد صحية أخرى لتناول الصبار حيث يساعد على إفراز الصفراء وطارد للديدان المعوية وعلاج حب الشباب وبثور الوجه، ويدخل في صناعة الكثير من مستحضرات التجميل، وقد يستعمل طازجاً في دهان بشرة الجلد المحترقة من أشعة الشمس المباشرة، كما يستخدم في التئام الجروح المختلفة، وعلاج بعض الأمراض الجلدية، وتستخدمه النساء في ترطيب وتنعيم جلد البشرة للوجه والأطراف، وتناول عصير الأوراق الطازجة يمنع الإسهال، إنه باختصار صيدلية متنقلة».

أكثر من مئتي صنف:

ويصف لنا المهندس الزراعي "سعيد الزعبي" شجرة "الصبار" أو "التين الشوكي" فيقول: «شجيرة يبلغ ارتفاعها نحو المترين، وأصلها من بلاد المكسيك في أمريكا، ويزرع في منطقة البحر المتوسط، وبعض المناطق من أوروبا، والهند، وأستراليا، وشمالي أفريقيا، وللصبار نحو(200) صنف، بيد أن طريقة زراعتها متشابهة، ويتكاثر الصبار بغرس قطع من ألواحه، أو من خلال البذور، وفي حال الرغبة في الحصول على نبات سريع الإثمار يغرس فرع عليه ألواح، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الصبار يثمر في السنة الثانية من زراعته، ولكن الحمل لا يكون غزيراً إلا بعد مرور ست إلى ثماني سنوات على الغرس، ويمكن لكل لوح أن يحمل أكثر من ثمرة، ولكن من المستحسن أن لا تزيد عن ثماني ثمرات لأن ذلك يؤثر على حجم الحبات، ويكون إثمارالصبار متتابعا طوال الصيف وزراعته مربحة حيث يباع ثمره بسعر مقبول، وينصح أن يكون حصاد الثمار في الصباح الباكر حيث تكون الأشواك أقل حدة».

بقي أن نشير أن بيع الصبارة أضحى جزءاً من الفلكلور الدمشقي الأصيل ويستمر بيعها طيلة أشهر الصيف، دون أن يكون هناك موعد محدد لبيعها، ويتراوح سعر الحبة الواحدة بين خمس وعشر ليرات سورية.