«إن المشحمية "الديرية" الأصلية، يجب أن تكون دسمة تعجن اللحمة مع البصل والبهارات الخاصة والعصفر فهو شيء أساسي بها، ولا تختلف نساء "دير الزور" في طريقة إعدادها، ولكن من أصول إعدادها أن تكون مشوية على فرن التنور».

هذا ما قالته السيدة "صفية الحسن" عندما التقتها edier-alzor بتاريخ 26/1/2009 داخل بيتها وجانب تنورها الذي يروي حكايات الجدة الفراتية بتاريخها الجميل:

وفي مناطق ريفنا ما تزال مشحمية التنور تحتل مكانتها المرموقة ولا يمكن الاستغناء عنها، وحتى الآن لا يمكن استبدالها بمشحمية الأفران الحديثة، والمرأة التي تتقن أقراص الخبز البيتي من المشحمية تعبر عن مهارتها من خلال حجم قرص الخبز وطريقة شيه

«إن المشحمية تقدم في جميع المناسبات سواء كانت في الأفراح أو الأتراح، وقد كانت الجارات سابقا تتسارعن وتتسابقن على عملها، يتساعدن فيما بينهن من عجن وخبز وتحضير اللحمة، أما وبوجود الأفران الحديثة وانشغال المرأة بالعمل وعصر السرعة والتكنولوجيا أصبح عمل مشحمية التنور نادراً، بالرغم من أن لها الطعم الأصلي».

«مشحمية التنور اشتهرت منذ القدم، حيث كان الناس في الماضي قليلي الاعتماد على مشحمية الأفران الحديثة، فقد كانت النساء تصنعها وتتنافس في مهارتهم بها، ولا يكاد يخلو بيت ديري من وجود تنور الطين لعمل الخبز المنزلي والمشحمية وغيرها من الأكلات الطيبة، فلم يكن أحد من أهل "الدير" يشتري الخبز وهذا ما نجده في ريفنا الآن، حيث يأخذ التنور مكانه في أحد زوايا البيت وبالقرب منه كميات من الحطب».

وتتابع "أم أحمد":

«وفي مناطق ريفنا ما تزال مشحمية التنور تحتل مكانتها المرموقة ولا يمكن الاستغناء عنها، وحتى الآن لا يمكن استبدالها بمشحمية الأفران الحديثة، والمرأة التي تتقن أقراص الخبز البيتي من المشحمية تعبر عن مهارتها من خلال حجم قرص الخبز وطريقة شيه».

تتابع "أم أحمد":

«المشحمية بواسطة تنور الطين تحتاج لخبرة في كيفية التعامل ولتهيئة التنور وفق درجة حرارة معتدلة وكذلك تحتاج إلى نفس طيبة، والمشحمية تختلف طعمها وشكلها من خبازه لأخرى، فأنا أهتم بطريقة العجن وتجانسه مع كمية الماء والملح والخميرة، ولنوعية الطحين دور أساسي في ذلك».

ومن اللافت للانتباه أن نساء "الدير" قديما ولازال بعضهن ممن جعلن من صنع المشحمية، وصنع الخبز من التنور رأسمالهن الرئيسي انطلاقا من إيمانهن بواجبهم الأسري، في إعالة أسرهن ومساعدة أولادهن على متطلبات الحياة الصعبة.

"أم أحمد" تكتنز عيناها بالأمل، وهي تحمل رغيف المشحمية بطريقة مبتكرة، بطريقة تحيي فينا عاداتنا وتقاليدنا الفراتية "الديرية"، لتكون على موعد مع الأصالة والحنين.

كما التقينا السيد "وجيه حوكان" صاحب مخبز "العبد" لصناعة المشحمية:

«إن اغلب الأفران الحديثة الآن تقاوم بعمل المشحمية فهي أكلة محببة لدى "الديريين"، وهي توازي الكباب إن لم تكن أكثر، حيث نجد سعر الكيلو مرتفعاً ويصل إلى /500/ ل.س، وهناك إقبال شديد على شرائها، وعادة ما يقوم "الديريون" بإرسالها كفطور للعروس وفي أغلب المناسبات كما ترسل في الأتراح أيضاً، فالمشحمية أكلة عظيمة «غير شكل» كما يقول "الديريون"».

«وعلاقة أهل الدير بالمشحمية، ترسم لنا تفاصيل الحياة البسيطة، وتجسد كرم الضيافة العربية في (طحين وماء ولحم) لتبقى مصداقاً على أن الإنسان العربي يكرم ضيفه بأهم مقومات حياته اليومية وتعتبر المشحمية لدى مجتمعاتنا، من أهم مظاهر إكرام الضيف وإنزاله منزلته الكبيرة في المناسبات، كما تمثل طريقة مميزة للاحتفال بقدومه، وهي متوارثة عبر الأجيال منذ القدم وتتصدر موائدنا إلى الآن».