بعد دخول أنواع عديدة من الأحذية الجاهزة إلى الأسواق "الديرية" سواء الحلبية منها أو الحموية، والتي ساهمت في انخفاض الطلب على "الكلاش الديري" الذي يعتبر الموروث لدى أبناء "دير الزور" خصوصاً، والمنطقة الشرقية عموماً عبر الآباء والأجداد، ليتحول لاحقاً من حذاء شعبي يستخدمه الأغنياء والفقراء، إلى هدية تقدم إلى الأصدقاء والأقارب في مختلف المناطق والدول.

ولمعرفة قصة "الكلاش الديري" وأصل صناعته التقى موقع eDeiralzor السيد "حسون المصطفى" الرئيس السابق لجمعية صناع الأحذية "بدير الزور" الذي قال: «يعود أصل (الشاروخ)، أو ما يسمى محلياً في "دير الزور" بـ"الكلاش الديري" إلى جزيرة العرب، حيث قدم إلى "دير الزور" في أوائل القرن الماضي شخص يدعى "أبو أحمد العكيلي"، وكان يعمل صانعاً للأحذية، وقام بصناعة "الكلاش" في "دير الزور" وعلم عدداً من حرفيي المحافظة هذه الحرفة الذين أبدعوا فيها وأدخلوا عليها التعديلات وتفننوا في ذلك إلى أن وصل "الكلاش" إلى شكله الحالي».

على الرغم من ارتفاع أسعار المواد التي تدخل في صناعة "الكلاش الديري"، إلا أن سعره ما يزال ثابتاً منذ عدة سنوات وذلك بسبب البيئة في "دير الزور" ذات الحساسية المعينة لارتفاع الأسعار، وهذا ما أثر على الحرفيين، وجعلت عدداً منهم يهجرون الحرفة حيث أصبح مردودها المادي ضعيفاً

وأشار "المصطفى" في حديثه بالقول: «إن صناعة "الكلاش الديري" هي حرفة يدوية مئة بالمئة ولا يوجد استعمال لأي آلة في صناعته، ويصنع بالشكل الرئيسي من جلد البقر الذي يتم جلبه من دباغات "دمشق" أو من نوع جلد يدعى "المنشور"، وهو أقل جودة من النوع الأول، أما النعل فكان يصنع من جلد الجمل الذي يعتبر ذو متانة عالية أو من جلد الماعز، أما اليوم فأصبح يصنع من مادة الإسفنج المجمع الذي يتم صناعته في "حلب"».

السيد حسون المصطفى

وبين رئيس الجمعية أن الإقبال على "الكلاش" الديري ما يزال كبيراً، ويقوم حرفيو "دير الزور" بالبيع بالجملة إلى المحافظات المجاورة مثل "الحسكة" و"الرقة" لكون "الكلاش" يلبس بكثرة من قبل سكان تلك المناطق كما أن أبناء "دير الزور" المغتربين يقومون بأخذه إلى أصدقائهم وأقاربهم في المغترب كهدية تمثل حرفية الصناع في محافظتهم إلا أن موضوع التصدير ما يزال متوقفاً لصغر حجم الإنتاج وعدم وجود أسواق للتصريف.

وأضاف "المصطفى" بالقول: «تناقص عدد العاملين في حرفة صناعة "الشاروخ" إلى أن وصل عددهم لحوالي 25 حرفياً وكان العدد سابقاً يفوق ذلك بعشرة أضعاف، لكن لكون الحرفة تحتاج إلى رأس مال معين وكذلك امتهان عدد من الأشخاص غير المؤهلين الحرفة، واتباعهم الأسلوب التجاري في العمل، كل هذا أدى إلى خلل في السوق ومنافسة غير شريفة جعلت بعض الحرفيين يتركون المهنة».

بعض من أنواع الكلاش الديري

وختم "المصطفى" حديثه بالقول: «على الرغم من ارتفاع أسعار المواد التي تدخل في صناعة "الكلاش الديري"، إلا أن سعره ما يزال ثابتاً منذ عدة سنوات وذلك بسبب البيئة في "دير الزور" ذات الحساسية المعينة لارتفاع الأسعار، وهذا ما أثر على الحرفيين، وجعلت عدداً منهم يهجرون الحرفة حيث أصبح مردودها المادي ضعيفاً».

في حين بين الباحث "غسان رمضان" أن "الكلاش الديري" يعتبر أحد أشكال التراث في "دير الزور"، ويعود أصله إلى منطقة "نجد"، ويعتبر تطويراً لما يسمى النعال الذي كان يرتديه العرب في مختلف المناطق التي سكنوا فيها، وذلك لتوفر المواد التي يصنع منها وسهولة صناعته، وبالنسبة "لدير الزور" فقد اشتهرت بصناعة "الكلاش" بسبب وجود قطعان الأغنام والأبقار والإبل فيها التي تعد جلودها المكون الأساسي لصناعته، وكذلك محافظة السكان وخاصة في الأرياف على اللباس القديم من "كلابية وحطة وعقال" وغيرها.. وهذا يستدعى ارتداء "الكلاش" وتطور صناعته.

طريقة قص الجلد

وأوضح "الرمضان" أن تجارة "الكلاش الديري" تعتبر تجارة موسمية حيث تزدهر في فصل الصيف لكون الجو في "دير الزور" يعد صحراوياً حاراً، أما في الشتاء فيقوم بعض حرفيو الصنعة بقلب مصلحتهم إلى صناعة أنواع مختلفة من الأحذية وذلك لعدم ملاءمة "الشاروخ" للطقس البارد، ما يجعل الطلب عليه قليلاً».

وأشار "الرمضان" بالقول: «يعد "الكلاش الديري" موروثاً ثميناً لدى أبناء "دير الزور" حيث يستخدم لأغراض طريفة أحياناً منها تعليق "كلاش" صغير على السيارة بغية ألا تصيب السيارة أو سائقها العين الشريرة، أو أن يصنع للطفل عندما يبلغ عدة أشهر "كلاش" صغير من أجل التعلم على المشي، وكذلك ليتعلم التمسك بالأصالة منذ نعومة أظافره».

السيد "وليد جراد" صاحب محل لتصنيع "الكلاش الديري" قال: «تتركز محلات تصنيع الأحذية في الشارع العام، ولا يزال ذلك المكان المركز الرئيسي لتصنيعه و"للكلاش الديري" ثلاثة أنواع: (الحجازي، الهجاني، بدون أصبع)، وأسعار كل نوع منها تتراوح بين 150 إلى 400 ليرة، لكن هناك بعض المعوقات التي تعترض عملنا سواء الدباغة للجلود من قبل دباغات "دمشق"، وثانيها احتكار المواد من بعض التجار وهذا ما يزيد من قيمة بعض المواد الداخلة في تصنيعه، وثالثها ارتفاع أسعار الجلود والأسفنج، ودخول المنتجات الحموية كالحقن والبروتان أثر بشكل كبير على إقبال أهل المنطقة لاقتنائه».