من يتجول في بادية "دير الزور" في فصل الربيع فسيستوقفه منظر قطعان الأغنام، وهي ترعى طلباً للكلأ، وسيشده بالتأكيد من وجود النعاج متقابلة في صف طولي بغية حلابتها "وهو ما يعرف "باشباك الغنم".

وللحديث عن هذه العملية وما تتضمنه من تفاصيل التقى eSyria السيد "حسن العجاج" /من سكان قرية "سعلو" في محافظة "دير الزور"/ لمعرفة سبب لجوء أصحاب القطعان لشبك النعاج، والغرض من هذه العملية، حيث شرح لنا ذلك قائلاً: «نظراً لوجود عدد كبير من النعاج القابلة للحلابة في القطيع، ونظراً لصعوبة حلابتها واحدة تلو الأخرى وخصوصاً أثناء رعيها في البادية طلباً للكلأ، لكونها تكون متباعدة عن بعضها بعضاً، لذا يلجأ الرعاة لطريقة تسمى بالعامية "اشباك الغنم".

وقد تعطي النعاج الجيدة حوالي 2كيلو غرام من الحليب إذا كان المرعى جيداً والعشب وفيراً

و"اشباك الغنم" هي عملية يتم من خلالها ربط الأغنام من خلال استعمال حبل طويل حيث تصف الأغنام بشكل متقابل، وبحيث يحيط أو يلتف الحبل حول عنقي كل نعجتين متقابلتين مع بعض، وستستمر هذه العملية بحيث تربط النعاج بشكل أزواج متجاورة حتى يتم ربط كل النعاج المعدة للحلابة مع بعضها بذات الحبل- بطريقة معينة تجعل من فك النعاج عملية سهلة سريعة-، لتبدأ بعدها مرحلة أخرى وهي البدء بحلابة هذه الأغنام تباعاً وهنا أيضاً يتعاون عدة أشخاص /نسوة غالباً / للإسراع في عملية الحلابة».

الباحث التراثي عيدان العمران

الباحث التراثي الأستاذ "عيدان العمران" وهو من سكان ناحية "موحسن" أعطانا فكرة عن طريقة تشكيل قطعان الأغنام في ريف الجزيرة السورية والفرات بقوله: «يجتمع أصحاب المواشي القليلة عند راع واحد ويبنون بيوت الشعر في البادية بشكل صفوف منتظمة ومتقاربة وتسمى "النَـزِل" والراعي يأخذ أجرته من الخراف وكان أحيانا يأخذ عن كل عشرة أغنام خروفاً واحدا مع تأمين اللباس والطعام ويوفي عقده وشرطه في منتصف الربيع عادة عندما تكبر الخراف.

ويتم الحليب من الأغنام مرتين في اليوم في فصل الربيع واحدة قبل الظهر والثانية عند العصر وتسمى حليب العصر حيث تُجمع الأغنام التي يراد حلبها وتربط بحبل بانتظام يسمى "اشباك"».

صورة أخرى تبين شباك الغنم

وهذه العملية تتطلب تضافر جهود عدد من الرعاة، إذ يبين السيد "العجاج" ذلك بالقول: «يقوم بهذه العملية عدد من الرعاة، إذ لا يستطيع شخص بمفرده القيام بذلك، أما أعداد النعاج المستخدمة للحلابة بهذه الطريقة فيجب ألا يقل عن أربعة أغنام، ويزيد العدد ليتجاوز الخمسين نعجة في بعض الحالات».

ثم يضيف "العجاج" قائلاً: «وقد تعطي النعاج الجيدة حوالي 2كيلو غرام من الحليب إذا كان المرعى جيداً والعشب وفيراً».

ويحتاج الحليب الناتج لمعالجة لكي لا تؤثر عليه العوامل الجوية في البادية سلباً ما يؤدي لفساده، وقد لخص لنا الباحث "عيدان العمران" هذه المعاملات بقوله: «بعد الانتهاء من الحليب يُغلى الحليب ويبرّد ومن ثم يحول إلى لبن باستخدام البادئ أو ما يعرف بالعامية "بالخثرة" وفي الصباح الباكر تقوم النساء بعملية الخض وهي وضع الخاثر في الشِكوة ونفخها لسهولة حركة الخاثر وبعد خضها ومسكها من الحبل الذي يسمى "التجّه" وحوالي نصف ساعة تقريبا يتم فرز الزبدة من اللبن أما اللبن فيجمع في كيس قماش ويستخرج منه اللبنة ونفس اللبن يجفف ويستخرج منه "الإقط" أو ما يسمى في اللهجة المحلية "الهقط" لاستخدامه في فصل الشتاء ويستخدم في أكلة شعبية تقوم بها النساء المرضعات وهي من "الهقط" وحب الحنطة وتسمى السليقة أو"السليجة" في اللهجة المحلية واعتادت بعض النساء المرضعات أن تذهب المرأة المرضع وتحمل معها مهاد ابنها إلى أهل الحصيد ليعطوها ملء مهاد ابنها من شمائل الحنطة ومن هذه السنابل تصنع طبخة "السليجة".

وتجمع الزبدة في وعاء مصنوع من الجلد يسمى "المزبد" وبعدها يتم تذويبها بإناء أو قدرية ويوضع معها برغل لامتصاص الماء والشوائب من الزبدة ويسمى "خلاصة" فتتحول الزبدة إلى سمن ويجمع السمن في أوان جلدية حسب الكمية "فالعُكة" للسمن القليل و"الظرف" للسمن الكثير».