يعتبر محصول القطن على رأس الهرم بالنسبة للمحاصيل الاقتصادية، فهو يساهم في رفد الاقتصاد الوطني، ويؤمن فرص عمل لشريحة واسعة، ويدخل في العديد من الصناعات النسيجية وصناعة الزيوت والأعلاف والصناعات الطبية، ويعتمد عليه الفلاح بشكل أساسي، لتأمين مستلزمات حياته، وتأمين معيشة أسرته، لما يجلبه من دخل جيد، وقد دخل موسم قطافه في مدينة "دير الزور" منذ أيام قلائل.

ولتسليط الضوء على هذا المحصول وطريقة زراعته وتسويقه وما يجلبه من منفعة، التقى eSyria مجموعة من الفلاحين ومسؤولي التسويق، وكانت البداية مع الفلاح "زهدي الحسين" من قرية "الجفرة"، والذي حدثنا بالقول: «القطن من المحاصيل ذات المردود المادي الجيد بالنسبة للفلاح، ويأتي في مقدمة المحاصيل التي نزرعها، إضافةً إلى القمح والشوندر، وفي بداية شهر نيسان تتم زراعة محصول القطن، وقبل ذلك تروى الأرض بشكل جيد، وتكون فارغة، أي لا يوجد فيها محصول سابق، وتسمى باللهجة المحلية "حايلة"، وعملية السقاية قبل الحراثة، تسمى أيضاً باللهجة المحلية "طربيس"، وبعد أن تجف الأرض جيداً ويبقى فيها شيء بسيط من الرطوبة، تتم حراثتها حراثة عميقة، والغاية من هذه العملية مساعدة الأعشاب الضارة على الإنبات ومن ثم القضاء عليها بالحراثة، وكذلك تأمين رطوبة مناسبة لإنبات بذور القطن، بعدها تسوى الأرض وتكون جاهزة للزراعة، ولزراعة محصول القطن عدة طرق، منها الزراعة نثراً وهي طريقة بدائية وقديمة وأضرارها كثيرة ومردود المحصول فيها قليل، أما الطريقة الثانية فهي طريقة التقبيع، حيث يتم تشكيل الأرض بواسطة الجرار، على شكل أثلام، وهي تشبه الهرم، وتزرع البذور يدوياً بواسطة عمال الزراعة، وتكون مسافة الزراعة بين البذور من 60- 65 سم، الطريقة الثالثة هي استخدام البذارة الآلية، حيث توضع كمية البذور المخصصة للأرض داخلها وتعيـّر المسافة المطلوبة بين البذور، وهي من أسهل الطرق وأفضلها».

يستفيد الفلاح من محصول القطن، بعد الانتهاء من عملية القطاف للوجهين الأول والثاني، حيث الفائدة الأولى تكون برعي الأغنام للمجموع الخضري للنبات، الأوراق والأغصان الغضة، فهي تعتبر مادة علفية جيدة، كذلك قطع حطب القطن بوساطة الفؤوس، واستخدامه بعد جفافه لإشعال تنور الطين وصنع خبز التنور، ويستفيد من عملية القطاف العمال وسائقو سيارات النقل، وتشغيل محالج القطن ومعامل الغزل ومعامل الزيوت "زيت بذرة القطن" وكذلك استخراج كسبة القطن لاستخدامها كعلف للحيوانات الزراعية

الفلاح "عوض المهيدي" من "الحويجة" تحدث بالقول: «بعد زراعة المحصول بالطرق المعروفة، يتم ريه، فإذا كانت الزراعة بعد "الطربيس"، فلا يروى إلا بعد الإنبات، أما إذا كانت الزراعة على الناشف أو ما يسمى "عفير" فتسقى مباشرةً، ويحتاج محصول القطن من 5-7 ريات وذلك حسب درجة الحرارة وطبيعة الأرض، فالأراضي الطينية تحتاج إلى كميات مياه أقل من التربة الخفيفة، والطرق المتبعة في ري المحصول هي الري السطحي، وهناك الري بالرذاذ ولكنه غير مطبق لدينا، وأثناء الإنبات يحتاج المحصول إلى القيام بعملية التفريد، أي ترك نبات واحد في الحفرة للحصول على إنتاج جيد، والمحصول يحتاج إلى عملية تعشيب، إي إزالة الأعشاب الضارة وتسمى بلهجتنا "الركاش" وتتم بواسطة الفؤوس، ولها فائدة في تهوية التربة، وتجرى العملية من مرتين إلى ثلاث».

المزارع زهدي الحسين

المزارع "حسن الحميد" من قرية "الجفرة" قال: «رغم موجات الحر الشديد التي تعرض لها محصول القطن، وكذلك وجود بعض الديدان وخاصةً ديدان اللوز، إلا أن المحصول يعتبر جيداً، وتبين ذلك لنا من خلال القطفة الأولى، أي الوجه الأول، وهناك قطفة ثانية بعد شهر تقريباً، لأن جوز القطن لا يتفتح بوقت واحد مع بعضه، وعملية القطاف تتم يدوياً لعدم توافر آلات خاصة بالقطاف، كما هو الحال في حصاد القمح والشعير، وآلة قلع البطاطا، ولا ينصح بالقطاف في الصباح الباكر، وذلك لترك الندى يتبخر تحت أشعة الشمس، حتى لا يؤثر على جودة المحصول، وتجري عملية القطاف بأن يقف العمال أو العاملات على نسق في بداية الحقل، ويبدؤون القطاف حتى نهايته، ويتم تعبئته في البداية بوساطة أكياس صغيرة موزعة على العمال، وعندما تعبأ هذه الأكياس، يتم إفراغها بأكياس كبيرة من الخيش تسمى "شلول"، ومن ثم تجمع هذه الأكياس في الحقل لتنقل إلى المحلج بوساطة سيارات نقل كبيرة أو صغيرة حسب الكمية المقطوفة، وهناك أهازيج يرددها عمال قطف القطن، مثل:

غابت الشمس غابت/ فيـّها وصل الحيطان/ ما حدا يكلنا حلوا/ يا قلة الوجدان.

المزارع حسن الحميد

"فيـّها" أي ظل الحائط، وذلك دليل على تعب العمال وانتظارهم الانصراف إلى منازلهم».

الفني الزراعي "أمين عكلة" تحدث لنا عن بعض الأمور الفنية التي تخص المحصول حيث قال: «إن مردود القطن يتأثر بشكل واضح وكبير بموعد الزراعة، وإن التبكير بالزراعة يعتبر من أهم العوامل المؤثرة على زيادة الإنتاج أما الفوائد التي نجنيها من الزراعة المبكرة فهي إعطاء الوقت الكافي للإزهار والنضج الكامل، كذلك الهروب من تأثير الموجات الحرارية المرتفعة خلال شهري تموز وآب على البراعم والأزهار والجوز الحديث العقد، والحد من الإصابات الحشرية والمرضية ما أمكن، القطاف بوقت مبكر لتفادي أضرار الأمطار الخريفية، الحصول على أقطان نظيفة وذات مواصفات جيدة ومحصول أكبر، وأما كميات الأسمدة المستخدمة للهكتار فتبلغ 150 كغ سماد آزوتي و45 كغ سماد فوسفوري، يوريا 46% 325 كغ، وسوبر فوسفات 98 كغ وقد تزيد الكمية بقليل وذلك حسب تحليل التربة».

عوض المهيدي يجهز القطن للتسويق

المهندس "صالح الحسن" مسؤول تسويق محصول القطن قال: «المحصول هذا العام يعتبر جيداً حسب إحصائيات مديرية الزراعة والتي توقعت أن تكون كمية الإنتاج في محافظة "دير الزور" بحدود 90 ألف طن وذلك استناداً إلى ما تم قطافه، رغم الظروف القاسية التي تعرض لها نبات القطن، وهناك حقول تكون إنتاجيتها متفاوتة بين المرتفع والمتدني وذلك بسبب عملية الخلط التي تحدث في البذور، والصنف المستخدم هو "دير نقاوة"، فبعض الفلاحين يعمد إلى شراء البذور من التجار، والأفضل الشراء من المصرف الزراعي عن طريق الجمعية الفلاحية، أو من مؤسسة إكثار البذار، وذلك للمحافظة على جودة القطن السوري، فهو مرغوب عالمياً ويصدر إلى عدة دول منها: من "تركيا"– "إيطاليا"– "بلجيكا"– "أندونيسيا"– "تايلند"- "الباكستان" ومنذ عام 2004 بدأ التصدير إلى "مصر"– "تونس"– "الصين"- "كوريا الجنوبية"– "بنغلادش"– وأخيراً "اليابان"، أما ما يخص التسويق فنحن متواجدون على مدار الساعة، لتسهيل العمل على المزارعين، وفي كل وحدة إرشادية يوجد مسؤول تسويق، ويبدأ موسم التسويق اعتباراً من 20 أيلول ولغاية 20 كانون الاول».

وللقطن فوائد أخرى حدثنا عنها السيد "علي الفريج" من قرية "العبد" حيث قال: «يستفيد الفلاح من محصول القطن، بعد الانتهاء من عملية القطاف للوجهين الأول والثاني، حيث الفائدة الأولى تكون برعي الأغنام للمجموع الخضري للنبات، الأوراق والأغصان الغضة، فهي تعتبر مادة علفية جيدة، كذلك قطع حطب القطن بوساطة الفؤوس، واستخدامه بعد جفافه لإشعال تنور الطين وصنع خبز التنور، ويستفيد من عملية القطاف العمال وسائقو سيارات النقل، وتشغيل محالج القطن ومعامل الغزل ومعامل الزيوت "زيت بذرة القطن" وكذلك استخراج كسبة القطن لاستخدامها كعلف للحيوانات الزراعية».