علم الفلك من أقدم، وأهم العلوم التي عرفها الإنسان. ولا يخفى على أحد أن هذا العلم كان من أكثر المجالات التي برع فيها أجدادنا العرب، حيث وصلوا فيه إلى درجة الإبداع. فإذا نظرنا إلى السماء في إحدى الليالي الصافية لوجدنا أن معظم النجوم البارزة تحمل أسماءً عربية يتحدث بها الخبراء الأجانب، بينما لا يعلمها إلا نزر يسير من الناس في البلدان العربية. كما وأن علم الفلك قد وصل إلى درجة من التطور في البلدان الغربية لدرجة أن الفجوة بيننا وبينهم تزداد وتتعاظم كل يوم، حتى إنها أصبحت بحجم اتساع هذا الكون الفسيح.
موقع eSyria التقى السيد "مهدي الزوين" يوم الجمعة 24 تموز 2009
وهو من الذين سهروا وعملوا في هذا الاتجاه، وكان معه الحوار التالي:
** كنت في سن الرابعة عشرة من عمري، كان يزورنا بشكل متقطع عدد من المنجمين وضاربي الرمل، وكنت أرى رد فعل الأهل حول ما يتحدثونه أنه حقيقي، وكأن هذا الرجل ساكن بيننا، كنت أتوقع أن في الأمر سراً ما، واستمر هذا القلق حتى اشتد عودي ونما تفكيري أكثر من ذي قبل، وبدأت أحاول معرفة ما يمكن أن يكون عليه هذا الكون البديع، تأكد لي أن هناك علماً يسمونه "علم الفلك"، وأنه مميز وحري بي أن أتعلمه، وباعتبار الظروف لم تسنح لي في متابعة دراستي، فأخذت علمي في هذا المجال مما توفر لي من الكتب التي كانت تتحدث في هذا الإطار.
** لست في وارد أن أعزو الأمر لجهة معينة كي لا يفهمني أحد ما بشكل خاطئ، ولكن وجودي في "سلمية" أعطاني البعد الفلسفي لهذا التوجه سيما وأن الكل متفق على أن أبرز من كتب وناقش في علم الفلك من العلماء العرب هم "إخوان الصفا" الذين كانوا في "سلمية"، وأن أهل "سلمية" يؤمنون بالباطن، وهذا العلم يعتمد على خفايا الأمور أكثر من ظاهرها.
** كما أسلفت فإن علمي مستقى مما قدمه "إخوان الصفا" في هذا المجال، وما كتبه "البيروني"، وقرأت كتاب "النجوم والتنجيم" فرأيت فيه الكثير مما قد أستفيد منه، وهو بشكل ما يقدم نفسه بكل مفصل أكثر، رغم أن صاحب هذا المؤلف كان هدفه من الكتاب هو إلغاء فكرة التنجيم، وأن الكواكب عبارة عن كواكب لا تقدم ولا تؤخر في شيء، ولكنه بكل الأحوال قدم خدمة للفلكيين بطريقة أو بأخرى في غاية الأهمية، وهي شرح مراجع "البيروني" فأعطى من خلالها دراسة دقيقة ووافية، وخاصة عندما تكلم عن "الإنواءات" التي تدل على هطول المطر، وهذا النوع هو مما يعتمد عليه علماء الفلك، وقد قدمها بشكلها الصحيح رغم نفيه القاطع لمسألة التنجيم وعدم الاعتراف بها، وكان في متن الكتاب بعض من أشعار العرب التي تحدثت عن الكواكب السيارة.
** لا أعتقد أن "إخوان الصفا" و"البيروني" و"ابن سينا" ومنجمي الملك "فرعون" الذين توقعوا بدقة ميلاد النبي موسى (ع) في عام ميلاده وأنه لاحقاً سيقضي على حكم "فرعون" وبالفعل هذا ما حدث، أنهم من الدراويش، وبالتالي لا تنطبق هذه الصفة فقط على الدراويش كما قيل، في الوقت الذي تعتمد فيه على العلم، ولا أظن أن الدرويش ممن يتابع، أو يقرأ، ولكن هي طريقة عيش لا أكثر، والكل ساعد في انتشار هذه الظاهرة، كما وأنني لا أعتقد أن ظاهرة المنجمات النجمات التي تحتضنهن كبريات الفضائيات العربية، هن من الدراويش، فإذا كنَّ من الدراويش فماذا نطلق على الطبقة الأرستقراطية التي خرجوا منها.
** إن علم الفلك ليس علماً يتناول الغيب، فهو علم استدلالي يستدل به من النجوم والكواكب ومنازل القمر، إنما "علم الغيب" هو علم بلا استدلال، وهو علمُ ما يكون.. قبل أن يكون، وهذا لا يعلمه إلا الله. أما الإنسان فكل ما غاب عن ذهنه أو معرفته فهو بالنسبة له علم في الغيب.
** للتنجيم طرق كثيرة، منها "قراءة الكف" ففي كل إصبع من أصابع الكف كوكب مسؤول عنه، ولهذه الكواكب دلائل فلكية حول مستقبل الشخص، وما قد يعترضه من أحداث لاحقة، كما يمكن أن نعرف- من خلال الخطوط التي خلقت مع الإنسان في راحة كف اليد- إن كان عمر الشخص طويلاً، أو قصيراً. وهي ليست منفذاً آخر للاستغلال، ولكن هناك من يدعي صحة قراءته للكف، وهنا يكون استثمار هذا العلم في الموقع الخاطئ، والمحرك الأساسي هو المال.
** جاء في "سفر أيوب" أن الله يرعد صوتاً في السماء ليطبع على كف كل إنسان، ليقرأ، كل إنسان، فبكل عصر وزمان. من هنا كان لكل إصبع كوكب مرتبط به، فالسبابة لها كوكب "المشتري" والوسطى لها كوكب "زحل" والبنصر له "الشمس" وهكذا إلى نهاية الأفلاك السبعة.
** لقد قمت بمقارنة بين أيدٍ كثيرة، وقرأت أكف كثيرة، كما أنني اعتمدت على مراجع ضخمة تتحدث عن هذا العلم، وقارنت كل هذه الأيدي مع طوالعها الفلكية، ومن خلال قراءة خطوط اليد، والسؤال عن ماضي الشخص، فبحسب الإجابات التي وقعت عليها جاءت دقة الدلائل بنسب عالية.
** لن أدعي ما لست أملك عنه مستنداً مادياً، لي كثير من التوقعات أخبرت عنها من حولي، وقد حدثت بالفعل، ولكن أنا لست من المتنبئين المشهورين كي تسجل توقعاتي في الفضائيات العربية، فلن أقول أي توقع، كي لا أوصف بالمدعي.
** أنت تصر، ولكن أقولها لك بصراحة، فقد تنبأت بسقوط نظام "صدام حسين"، كذلك بتدمير برجي التجارة العالمي في أمريكا، ولكن السؤال الأهم، هل يصدق أحد من القراء أنني كذلك، أعتقد أن أحداً لن يصدق، لأن ما قلته ينقصه المادة الفلمية التي تثبت صحته.
** بالتأكيد، فمثلاً يأتيني طالب حاجة يسأل عن أمر يتعلق بنجاح ابنه في الامتحان فيدل الفلك على نجاحه فأقول له أنت ناجح، في حين يقول هو للآخرين أنني قلت له أن محصلتك ستكون كذا، وستدخل في الاختصاص كذا، في الوقت الذي لم أتحدث فيه بكل ما ذكره.
** على العكس تماماً فإنها تسبب لنا إحراجات كثيرة، وربما تفقد ثقة الآخرين بنا لو حدث عكس ما تكهنوا به، فأنا أعتمد على إيصال الحقيقة والواقع، ولا أدخل في متاهة الاستفاضة بغية مبلغ معين من المال، ولكن الهدف هو العمل على العلم الصحيح للفلك، وهذا أمر لا يدركه صاحب الحاجة، فكل ما يطلبه أن يخرج من عندي وذهنه مرتاح.
** أبداً.. لأننا بكل تأكيد نمارس علماً، ولسنا منجمين كما يعتقد البعض، وفي العالم هناك مجمع عالمي لعلماء الفلك، أضف إلى ذلك فإننا لا نذهب إلى البيوت بل تأتي البيوت إلى عندنا.
** نعم وأقولها بثقة تامة.
** توجه السؤال لي وكأنني أتقاضى أجراً، وهناك فرق شاسع بين المنجم وهو الذي يصنع "الحجابات" وبين من يدرس الفلك، ولا يجوز الجمع بينهما، لأن لكل واحد طريقة مختلفة عن الآخر، وإن ادعى المنجمون بأنهم من علماء الفلك، أنا أنفي أنني أتقاضى أي مبلغ من أي أحد، وهذا لا يعنيني في شيء، ولكني لا أنكر وجود مثل هذه الظاهرة، وبطبيعتها المرأة تبحث عن شيء يقويها في مواجهة الرجل، من هنا تجد أن أكثر زبائن المنجمين من النساء، وبالنسبة لي فلي قراء من كلا الجنسين، ولا أدعي التنجيم، بل أعمل في علم ليس أكثر.
** منذ القدم كان يطلق على من له علاقة بعلم الفلك اسم "العراف" وفي وقت لاحق أطلقت تسمية "الكاهن" وفي صدر الإسلام بات اسمه "ضارب الفال" وأما في هذه الأيام فيطلقون عليه اسم "الحسّاب".
لقد جاء في كتاب النبي "سليمان" (ع) أن الله وضع خطوطاً في أكف أيادي الناس لكي يدركوا مصيرهم من خلال معرفة أوضاعهم.