مورس فن "الوخز بالإبر" على الحيوانات منذ قرون عدة، ويعود مصدر هذا النوع من العلاج إلى "الصين القديمة"، حيث طبق بداية على الخيول ثم انتقل تدريجياً إلى حيوانات المزرعة الأخرى، وأخيراً الكلاب والقطط والطيور.

وأول من أدخل هذا النوع من العلاج إلى سورية هو الدكتور "محمد صالح قباني"، حيث قضى ثلاثين عاماً من عمره في أبحاث ودراسات تهتم بهذا النوع الجديد من العلاج وقام بالعديد من الخطوات ساهمت في تطوره وانتشاره ليس فقط على الصعيد البيطري بل أيضاً على صعيد الطب البشري.

انتشر هذا النوع من العلاج عبر العالم بقوة وافتتح له في الدول المتقدمة مدارس أشهرها المدرسة "الألمانية" التي تعنى بالأبقار، و"الأمريكية" التي تعنى بالخيول والكلاب، و"الفرنسية" التي تعنى بالقطط، والإبر المستخدمة لها أنواع عديدة ومقاسات مختلفة تختلف حسب سماكة جلد الحيوان، وبشكل عام يمكن استخدام أي نوع من الإبر مع التشدد في شروط التعقيم للإبرة ومكان الغرز قبل وبعد الغرز وبالإضافة إلى الخبرة

وللاطلاع أكثر على هذا المجال eSyria التقى الدكتور "قباني" ليعرفنا أكثر على "الغرز الإبري" حيث قال:

الدكتور محمد صالح قباني

«"الغرز الإبري" هو تسكين وتحريض على إفراز "الأفيون الحيوي" الذي يفرز طبيعياً في حالات النعاس والنوم والارتخاء، ومدته لا تتجاوز (10- 15) دقيقة منذ بداية الغرز الصحيح وبداية التأثير وبدء سريان "القشعريرة" عبر جسد المريض، والأساس فيه هو فهم آلية تأثير الأمراض والتحكم بالنقاط والتعرف عليها ومعرفة وقت الغرز ومكانه وعدد جلساته حسب نوع المرض، وأشد ما يشبه به العلاج الغرزي برجل جالس على طرف بحيرة يرمي حجارة حيث يبدأ التأثير من نقطة واحدة ثم ينتشر إلى كامل البحيرة».

وعن سبب اختياره لهذا النوع من العلاج قال: «منذ وقت مبكر في ثمانينيات القرن الماضي بدأت بالاهتمام بـ"الطب البديل" وبإدخال الغرز الإبري عملياً وبدأت بتطوير إحداثيات النقاط الغرزية لمعالجة شتى أمراض الحيوان والابتعاد عن الحالات التي تسبب تسممات دوائية بالإضافة إلى الأمان الذي يوفره الغرز من ناحية صحة الحيوان، فضلاً عن نقص الأدوية وغلائها في تلك المرحلة، وللابتعاد عن التأثير الكيميائي للأدوية والتي يمكن أن تترسب في دم وأحشاء الحيوانات والتي سيتم استهلاكها بشرياً لاحقاً، وقد بدأت التطبيق العملي على الأبقار الحلوب، وعملت على نقل هذه المعارف إلى الطلاب بطرح الموضوع على شكل محاضرات حيث يدخل العلاج بالإبر في صلب مادة التشريح التي أدرسها، وقد تم تقديم ما يقارب العشرين مشروعاً للتخرج حول العلاج بالإبر الصينية وقمت بتدقيقها وإضافة بعض النظريات والمعارف ثم وضعناها تحت تصرف مكتبة الكلية، ومن ناحية الطلاب بدأ التطبيق العملي منذ عام 98 في علاج حالات التهاب الضرع وغياب الشبق والتهاب الرحم وغيرها، ويومياً تزداد حالات التحول من العلاج الدوائي إلى العلاج الإبري، وبعد تقاعدي قمت بنقل مجال الغرز الإبري إلى الحيوانات المنزلية حيث تطورت الحاجة له بسبب مرافقة هذه الحيوانات للإنسان في عمله وحتى في نومه لذا لابد من وسائل طبيعية لا تسبب ضرراً للحيوان ينتقل فيما بعد للإنسان».

انواع من الابر

وعن أنواع الغرز الإبري ومكانه والإبر المستخدمة قال:

«للغرز الإبري العديد من الأنواع منها "الغرز الابري دون تحريض" حيث يتم غرز الإبرة وتركها لفترة ثم نزعها، وهناك "غرز إبري مع تحريض يدوي" كالتدليك، و"غرز إبري مع تحريض كهربائي" حيث تقلل هذه الطريقة من مدة الوخز، و"غرز إبري مع تحريض بكميات من الأتروبين وفيتامين ب 12"، أما أماكن الغرز فلها خرائط موثقة وضعها "الصينيون" منذ أربعة آلاف عام وتستعمل عبر العالم حتى اليوم، بالإضافة إلى نقاط جديدة وضعها العلماء نتيجة أبحاث وتجارب عملية جديدة وهذا المكان يستهدف الطبقة تحت الجلدية فقط ولا يؤثر أبداً على الأعضاء الواقعة تحت الجلد ونقطة الغرز تكون خالية نهائياً من الأوعية الدموية والأعصاب وهو علاج كافٍ بمفرده وفي بعض الحالات تستعمل بعض المساعدات النباتية الطبيعية حصراً».

ويضيف قائلاً: «انتشر هذا النوع من العلاج عبر العالم بقوة وافتتح له في الدول المتقدمة مدارس أشهرها المدرسة "الألمانية" التي تعنى بالأبقار، و"الأمريكية" التي تعنى بالخيول والكلاب، و"الفرنسية" التي تعنى بالقطط، والإبر المستخدمة لها أنواع عديدة ومقاسات مختلفة تختلف حسب سماكة جلد الحيوان، وبشكل عام يمكن استخدام أي نوع من الإبر مع التشدد في شروط التعقيم للإبرة ومكان الغرز قبل وبعد الغرز وبالإضافة إلى الخبرة».

وعن أهم ما يميز العلاج بالإبر عن العلاج التقليدي بالأدوية قال:

«أهم ما يميز الغرز الإبري أنه أكثر أمناً وأقل سميـّة وأكثر فائدة ومتوافق مع البيئة ولا يسبب التعود من قبل الحيوان، وفي حالات الانقطاع عن العلاج لا توجد تأثيرات جانبية له، ولا يحدث مناعة ضد الغرز كما في حالات العلاج بالأدوية ومهما كانت نسبة نجاح الغرز فهذا يعد أفضل من العلاج الكيميائي ويعطي نتائج إيجابية دون محاذير الأدوية الكيماوية، وهو أقل إيلاماً حيث أننا لا نسبب تمزقاً بالنسيج أو تباعداً في أنسجته كما يحصل في حال استعمال الأدوية بالحقن حيث تعد عملية الغرز عملية سهلة وسريعة، وأيضاً عندما نحقن مادة دوائية في الجسم خطأ لا يمكن سحبها من جسم الحيوان أما في حالة العلاج الغرزي العملية بالمجمل طبيعية ويمكن تعديل موقع الغرز دون ضرر وهو اقتصادي جداً حيث نسبة عودة الأمراض بعد العلاج ضعيفة بسبب عدم المساس بالأجهزة الحيوية بالجسم».

وعن آلية سريان العلاج داخل الجسم قال: «الاستجابة تنشأ داخل الجسم بردة فعل مزدوجة، الأولى "موضعية" في نقطة الغرز حيث تتم المعالجة برد فعل منعكس عصبي حيث في البداية يلاحظ انكماش الجلد حول الإبرة ومن ثم انبساطه ثم يبدأ مفعول العلاج على شكل "قشعريرة" تنتقل من نقطة الغرز وتنتشر في أنحاء الجسم بشكل تدريجي أما الثانية فهي "عامة" حيث ينتقل التأثير عبر أقنية في جدران الأوعية الدموية إلى الجهاز العصبي المركزي حيث تنشأ في "الغدة النخامية" رد فعل ثم يفرز "الأفيون الحيوي" الذي يفرز في حالات النعاس والنوم والذي يسبب التسكين».

ومما يذكر أن الدكتور "محمد صالح قباني" من أبناء مدينة "حلب"، وقد شغل منصب "أستاذ التشريح الوصفي" في كلية الطب البيطري في "حماة" لثلاثين عاماً، وبعد تقاعده وجه كل أبحاثه نحو العلاج بالإبر، تخرج على يديه العديد من الأطباء الذين طبقوا الغرز الابري في المعالجات المختلفة، وأتم دورات تعليمية لأشهر الأطباء في المدن السورية.