لكل من يزور مدينة "حماة" هناك شيئان لابد وأن يفعلهما، أولاً تأمل النواعير، وثانيها تذوق "حلاوة الجبن" فيها، فإن شدك "عنين الناعورة" فبالتأكيد ستجذبك رائحة "حلاوة الجبن"، ولهذه الحلاوة جاذبية النظر والرائحة المميزة التي تقترن بها، وهي إما رائحة ماء الزهر، أو ماء الورد التي تنعش القلب، وتبهج النفس.

في زيارة قام بها موقع eSyria إلى أحد محلات تصنيع و بيع "حلاوة الجبن" في "حماة" كان هذا الحديث مع الحاج "عبد الكريم طنجير" وشريكه "وليد الياسين "حيث تحدث الحاج "طنجير" عن تاريخ صناعة "حلاوة الجبن" فقال: «يعود تاريخ صناعة "حلاوة الجبن" إلى أكثر من مئة عام، وربما أكثر، وهي متوارثة أيضا لدى بعض العائلات، وقد اختصت بها مدينة "حماة" لغناها بالمواد الأولية اللازمة لصنعها فمن هذه المدينة يصدر الحليب والقشطة العربية والجبن وجميع الألبان ومشتقاتها، إلى كافة محافظات القطر، وإلى دول عالمية كثيرة».

هذا العدد من العمال يقوم بتحضير المواد الأولية، والطبخ، والتحريك، والتبريد، والتقطيع، والبيع، وخدمة الزبائن بالشكل الأمثل

ويضيف: «تعتبر مادة "السميد" المكون الأساسي لصناعة "حلاوة الجبن" متوفرة بكثرة في ريف المحافظة، وهذا ما دفع العديد من أبناء "حماة" يمتهنون هذه الحرفة».

الحاج "عبد الكريم طنجير"

بعد هذه اللمحة التاريخية عن صناعة "حلاوة الجبن" ننتقل إلى طريقة التحضير وعنها يتحدث الحاج "عبد الكريم طنجير" فيقول: «تحتاج صناعة "حلاوة الجبن" إلى مكونات أساسية منها "الحليب"، و"السميد" المصنوع من "النشاء"، بحيث يغلى الحليب على النار، ويضاف إليه "السميد" تدريجياً، ثم يضاف إليه "الجبن المحلى بالماء" عن طريق وضع الجبن القليل الملح في الماء لمدة يوم أو يومين، مع تبديل الماء حتى يصبح الجبن حلواً، ويتخلص من الملح تماماً، وأثناء فترة "الطهي" يتم التحريك بشكل مستمر حتى الوصول إلى مادة متجانسة ناضجة، بعد ذلك يتم تبريد هذه المادة عبر المراوح المخصصة لذلك، ويتم مدها على صواني خاصة بقطر ستين سنتيمتر لتصل سماكتها إلى ما يقارب خمسة ميليمترات، وتنشر بشكل اسطواني يتدلى على حواف هذه الصواني إلى الأسفل، وبعد تبريدها بشكل نهائي يتم تقطيعها حسب النوع المراد تصنيعه».

بعد أن حضّرنا المكونات الأساسية لهذه الحلاوة، بقي أن نتعرف على أصنافها، وكيف يتفنن "الحمويون" في صناعتها، فحدثنا عن ذلك السيد "وليد الياسين" فقال: «لحلاوة الجبن خمسة أصناف هي: "الحلاوة السادة" وهي الخالية من أي حشوة في داخلها، وتقطع بأشكال هندسية، وتؤكل مع أو بدون الماء المغلي مع السكر أو ما يعرف باسم "القطر"، وهذا تبعاً لرغبة الزبون. الصنف الثاني هو "حلاوة محشية بالقشطة العربية الممتازة" وتدرج على شكل لفائف بطول من أربعين إلى خمسين سنتيمتراً، وتقطع حسب الرغبة. الصنف الثالث "حلاوة محشية بالحليب"، ويضاف إليها "السميد"، و"الزبدة".

حلاوة الجبن

أما الصنف الرابع فهي عبارة عن "أصابع محشية بالحليب المطبوخ" مع السميد والزبدة، وتدرج بجوز الهند، والفستق الحلبي، ويمكن حشوها بالقشطة العربية. أما الصنف الخامس فهي "المعجوقة" وهي: الحلاوة التي تمد في الصواني، وتفرش عليها القشطة العربية، وترش بالفستق الحلبي».

وذكر "الياسين" بعض الحلويات الأخرى التي تعتمد الحليب كمادة أساسية مثل: "القشطلية"، و"المهلبية"، و"البوظة العربية بأنواعها" بالفستق الحلبي، و"البندق"، و"القشطة"، و"الفواكه".

من اليمين " عبد الكريم طنجير" و"وليد الياسين"

ولتحضير كمية من هذه الحلويات فإننا بحاجة إلى عدد كبير من العمال،

وأضاف الحاج "طنجير": «هذا العدد من العمال يقوم بتحضير المواد الأولية، والطبخ، والتحريك، والتبريد، والتقطيع، والبيع، وخدمة الزبائن بالشكل الأمثل».