إن الزائر لقلعة مصياف يقف حائرا من أين سيبدأ بزيارة معالم هذه القلعة التاريخية التي مرت عليها حضارات عديدة، يظهر ذلك من التنوع العمراني في طبقاتها الست التي تعود للقرن الخامس ميلادي.

*القلعة تاريخيا ومعماريا:

بنيت قلعة مصياف في العصر الروماني (القرن الخامس الميلادي)، وكانت في البداية عبارة عن برج دفاعي لتأمين حماية طرق المواصلات، ثم خضعت للبيزنطيين، وتتوضع على حافة الجبال الساحلية الغربية الممتدة من الشمال إلى الجنوب في موقع استراتيجي اكتسب أهمية كبيرة، وقد كان لهذا الموقع هدفين الأول عسكري والثاني اقتصادي.

وقد أمن موقع القلعة الاستراتيجي طرق المواصلات العابرة من الداخل إلى الساحل وهي تتصل عبر هذه الطرق بقلاع عدة منها، قلعة القدموس، قلعة العليقة، قلعة المرقب، ومدينة بانياس الساحلية بالإضافة إلى الطرق العابر للجبال، وقد كانت هذه الطرق مهمة بالنسبة إلى كل من الرومان والبيزنطيين.

تنووع عمراني في تداخل أنواع الحجر والوانه

*شكل القلعة الخارجي:

خان القلعة

شيدت قلعة مصياف فوق كتلة صخرية بيضوية الشكل اتجهت من الشمال إلى الجنوب، وقد أخذت القلعة شكلها البيضوي من شكل الصخرة وحافظت على هذا الشكل على رغم من تعدد طوابقها، وقد ارتكزت على الصخرة عرضيا ً وعموديا، واستدعى شكلها وطراز عمارتها أن تكون أبنية الجدران الخارجية متينة وعريضة حتى تتحمل الثقل المتموضع فوقها، ويلاحظ أن بعض الجدران قد حفر أساسه في القاعدة الصخرية وثبت عليها بواسطة أسافين حجرية لها شكل أسطواني، ويبرز ذلك في الجدار الغربي المطل على المدينة الحالية.

*أقسام القلعة:

قاعدة القلعة كما ذكرناهي الكتلة الصخرية الضخمة التي بنيت فوقها القلعة بمجموع طوابقها.

وقد شكلت الأبنية المرتكزة على الصخرة سلسلة أبنية وأقبية كما تضمنت صهريج (خزان) الماء، وهو يمتد من الشمال إلى الجنوب وبعض أجزائه محفور في الصخر، والآخر عبارة عن جدران طليت بطينة عازلة، ويتضمن سطحه عدة فتحات تنتشر في القلعة لاستخراج المياه منه، كما توجد فتحات أخرى لتغذيته بمياه الأمطار عبر أنابيب فخارية إلى جانب خزان الماء توجد غرف التموين، وهي غرف معزولة لا تصلها الرطوبة لحفظ المواد التموينية خلال فترات الحصار وهنالك أيضا أقبية وإسطبلات للخيول وغرف خدمات.

أما أبراج القلعة الخارجية فهي تشكل في مجموعها الطابقين الثاني والثالث، وتتركز فيهما الشرفات الدفاعية والجدران التي تحتوي على فتحات مختلفة بغرض استخدامها لأغراض الدفاع.

القسم الداخلي من القلعة بني في المرحلة الإسلامية، وهو يشكل قلعة داخل القلعة، وقد بنى هذا الجزء سنان راشد الدين كما ذكر نصر بن جوسن وهو يشكل الطابق الرابع من القلعة، أما الطابقان الخامس والسادس فيوجد فيهما كتابات عربية كوفية، مما يدل على أنهما إسلاميان. وقد درست الطوابق الستة من القلعة من قبل الباحث الألماني ميخائيل براون، وقد ضمنها المستويات الستة ثم رفع مخططاتها الإنشائية متضمنة تفصيلات معمارية لكل طابق.

*الترميمات الأخيرة:

مؤسسة الآغا خان للثقافة وأحياء المدن التاريخية وبموجب اتفاق مع الحكومة السورية قامت بترميم عدد من القلاع في سورية ومنها قلعة صلاح الدين وقلعة حلب وقلعة مصياف.

في العام( 2001) شكلت لجنة من المديرية العامة للآثار والمتاحف في كل من دمشق وحماة ومصياف، بتمويل من المؤسسة لتحديد الأماكن المطمورة بالأتربة والحجارة، والكشف عن بعض المواقع التي تشي بما تحتها وإزالة نواتج الكشف وترحيله في قلعة مصياف, اللجنة بالفعل اكتشفت أنفاق وغرف مختلفة وأقبية، إضافة إلى شبكة من الأنابيب الفخارية كانت تتفرع من عدة اتجاهات لتصب في المستودعات المائية التي اكتشفت أثناء عمليات التنقيب، كما اكتشفت أحواض حجرية وأفران، كما تم الوصول إلى الأرضيات الأساسية لبعض الطوابق وأدراج وممرات تقود إلى باطن القلعة. وقامت اللجنة بتحديد الأماكن التي سترمم أولا ً ثم آلية العمل وذلك بعد تدريب كادر محلي على عمليات الترميم والحقن وتكوين الخلائط اللازمة لعمليات الترميم، وقد اقتضت عمليات الترميم الإبقاء على الجدران والمساحات دون إضافات في الارتفاعات أو إتمام للمساحات.

المراجع:

كتيب مؤسسة الآغا خان الدولية للأثارعن قلعة مصياف.

-محاضرة للأستاذ هيثم الحسن معاون مدير الآثار والمتاحف( قلعة مصياف وأثرها التاريخي)

-القائمين على القلعة.