«تناقلت الألسن قصة "الفلاح والكنز" منذ خمس سنوات وحتى اليوم ما تزال هذه القصة حية تسكن عقول الناس على الرغم من وفاة الفلاح، بدأت الحكاية عندما قام ذلك الفلاح المسن بتخطيط أرضه الوعرة بمحراثه القديم استعداداً لبذارها لكن الأقدار قطعت عليه حلمه البسيط عندما علق محراثه الحديدي بإحدى الحفر التي ظهرت فجأة في التراب، وكان من ورائها عثوره على أعظم كنز ما زلنا نكتشف فيه كل عام عشرات الكنوز الأثرية التي لا تقدر بثمن».

هذا ما جاء على لسان السيد "ابراهيم شدود" رئيس دائرة التنقيب في "حماة" لموقع eHama الاثنين 20 تموز 2009 وهو يبتسم لظرافة الأقدار قائلاً: «يمكن اعتبار ما كشفه محراث الفلاح المسكين كنزاً حقيقياً لا ينضب وهو موقع "تل قرقور" الأثري في منطقة "الغاب" على بعد 70 كم شمال غربي مدينة "حماة" حيث يعود تاريخه إلى العصر البرونزي القديم، ولذا فإنه يعد من أقدم المواقع الأثرية المكتشفة حتى الآن في "حماة"، وهذا ليس غريباً لكون منطقة "الغاب" تتميز عموماً بالاستيطان البشري المبكر كما دلت بعض مكتشفاتها على ذلك ولا سيما "رماح" الصيد الحجرية التي استخدمها الإنسان "البدائي" منذ 700 ألف عام قبل الميلاد وهي تعد قطعاً نادرة يزخر بها "متحف" حماة الوطني».

إن البعثة الأثرية "الأمريكية" تستكمل حالياً أعمالها التنقيبية في الموقع لكشف النقاب عن "كهوف" وتجمعات سكنية قديمة يعتقد بوجودها كما دلت عليها النقوش المكتشفة والتي تعود للفترة البيزنطية

وتابع "شدود": «فمنذ الاكتشاف الأولي للموقع شكلت دائرة الآثار بـ"حماة" فرقاً تنقيبية وبعثات أثرية تضم خبراء "أمريكيين" نظراً لحساسية الموقع الأثرية وتاريخه الواغل في القدم والمتقلب بين عدة عصور تاريخية بدأ من العصر البرونزي القديم وحتى العصر "الإسلامي"، وتقوم هذه البعثات الأثرية بالتنقيب بشكل موسمي خلال فترات الصيف وفق خارطة مبدئية تم وضعها لموقع "تل قرقور" تحدد طبقاته العمرية وقدمها التاريخي حيث عثر في الموقع على مجموعة من اللقى الأثرية النفيسة تقدر بحوالي 250 قطعة أثرية نادرة».

ابراهيم شدود رئيس شعبة تنقيب الأثار بحماة

وأضاف: «أما نصيب البعثة التنقيبي هذا الموسم هو اكتشاف /40/ قطعة أثرية فريدة من "جرار وكؤوس وأوانٍ" حجرية وفخارية يرجع تاريخها للعصر البرونزي القديم الذي يعود إلى الألفية "الثالثة" قبل الميلاد وما يميز مكتشفات هذا العام هي مجموعة "الدمى" الطينية الطوطمية من بينها تمثال فريد من نوعه يجسد مجسم "فارس" على صهوة حصانه، وهي جميعها تعود للفترة "الفارسية" في القرن "الخامس" قبل الميلاد حيث إنها كانت تستخدم لأغراض العبادة».

من جهته أكد "راكان سليمان" أمين المتحف الوطني بـ"حماة" قائلاً: «إن البعثة الأثرية "الأمريكية" تستكمل حالياً أعمالها التنقيبية في الموقع لكشف النقاب عن "كهوف" وتجمعات سكنية قديمة يعتقد بوجودها كما دلت عليها النقوش المكتشفة والتي تعود للفترة البيزنطية».

دمية طوطمية طينية لأغراض العبادة

وتابع "سليمان": «سلمت البعثة الأمريكية كامل اللقى التي اكتشفتها هذا الموسم لمتحف "حماة الوطني" لتكتمل المجموعة الأثرية النوعية حيث إن المتحف يحضر حالياً قاعة خاصة بمكتشفات "تل قرقور" تضم أكثر من 250 قطعة أثرية مكتشفة في مواسم تنقيبية متتالية».

راكان سليمان أمين المتحف الوطني بحماة