عرفه أبناء محافظة "الحسكة" في أفراحهم وسهراتهم، وعرفه "السوريون" من إطلالته المحببة إلى قلوبهم على شاشة التلفاز، وهو يفوز في مهرجانات الأغنية "السورية" التي يحصد جوائزها، غناؤه الدافئ يرسم البسمة على شفاه الناس، ويغمرهم بأمواج الأمل والتفاؤل بالحياة.

التقى eHasakeh الفنان "إبراهيم كيفو" بالمركز الثقافي "بالحسكة" بتاريخ 14/10/2008وآجرى معه الحوار التالي:

الشروط هي العنا صر الأساسية هي أولاً الصوت الجميل الذي يهبهُ الله للإنسان، وبعدها تأتي الأمور التالية: منها الدراسة التخصصية واختيار الألحان الجميلة والصحيحة وأيضاً النصوص الجميلة والمعبرة، وهناك شرط أساسي برأيي هو الأخلاق والتواضع

*هلا عرفتنا على بطاقتك الشخصية والفنية؟

**«ولدت في قرية "دوكر تليل" ناحية "عامودا" التابعة لمحافظة "الحسكة" سنة /1965/، حيث ملاعب طفولتي وحدائق فني، فدرست الابتدائية في مدرستها المتواضعة حتى أتممتها، ثم انتقلت إلى مركز المحافظة، فأكملت فيها الإعدادية والثانوية، وبعدها إلى مدينة حلب، فأتممت فيها دراسة المعهد الموسيقي، فتخرجت فيه سنة 1987 وخولتني بأن أمارس مهنة التدريس في المعهد الموسيقي في محافظة الحسكة. وما زلت، وكنت أهوى الفن والغناء منذ نعومة أظفاري، فهناك في قريتي البعيدة نمت محبتي للفن والموسيقى والغناء، وبين جوارح قريتي ومدينتي اكتملت شخصيتي الفنية، فكنت الفنان "إبراهيم كيفو" واشتركت في كل محفل فني ضمن محافظتي وخارجها وداخل بلدي وخارجه، فنلت الجوائز، واستحوذت محبة جمهوري المحلي والعربي والأجنبي العريض. انضممت إلى جوقة الفنان الأستاذ "نوري اسكندر" بعد تخرجي مباشرةً، وقدمت العديد من الأعمال المهمة معهُ.

شاركت في كثير من المهرجانات الفنية داخل المحافظة، منها المهرجانات التابعة للمراكز الثقافية ومنظمات ومؤسسات الدولة "كشبيبة الثورة". وأول جائزة نلتها جائزة أحسن عازف على آلة "البزق" على مستوى الشباب في أحد مهرجانات الشبيبة عام 1979 المقام في مدينة "اللاذقية".

كما شاركت في جميع دورات مهرجانات الأغنية السورية تقريباً ونلت جائزتين: "جائزة الأورنينا الذهبية" عن أغنية "مساء الخير" من كلماتي وألحاني في المهرجان الخامس بمدينة "حلب" عام 1998، وجائزة "الأورينينا" لأفضل أداء تراثي في المهرجان الثالث عام 1987 في "حلب" أيضاً. شاركت في مهرجان الموسيقى الدينية الذي أقيم في "دمشق" مع جوقة الباحث "نوري اسكندر" في "قصر العظم" بمدينة "دمشق".

كذلك شاركت بحفلات عديدة ومتنوعة داخل القطر من جلسات وندوات موسيقية عديدة. ولعبت دور البطولة الغنائية في المسرحية العالمية "عابدات باخوس" مع مسرح هولندا العالمي، ونلت جائزة من مخرج الموسيقى للعمل "الهولندي" المخرج "بول كوك". وكان لي مشاركة بمهرجان "الكُرين" الدولي المقام في دولة الكويت، وعدة حفلات غنائية بلبنان، وشاركت بمهرجان الغناء الديني في "أسبانيا" بمدينة "مدريد" مع كورال الباحث "نوري اسكندر"، وأول ظهور لي على المسرح عام 1979 بإشراف المدرس "جميل برو"».

*مَنْ حبّب إليك الغناء والموسيقى، ومن دفعك إليهما؟

**«أما من الناحية الفنية، فقد ولدت فناناً منذ أن رضعت حليب أمي، كنت استمع إلى صوتها العذب الشجي، فكانت ترتل التراتيل الدينية الشجية الروحانية الأرمنية التي استقدمتها من وطنها الأول هضبة "أرمينيا" بعد تعرض قومها إلى كارثة إنسانية واستقرارها في وطنها الثاني "سورية"، وكان لأمي دور بارز في إيصال ألوان جميلة من الغناء "التركي" و"العربي" بالطابع "المارديني" و"البدوي" أيضاً إلى مسامعي ونفسي المرهفة إلى الفن والغناء، كما كان لها الدور الأساسي في إجادتي للغة "التركية".

أما من ناحية تطور شخصيتي الفنية، فكان للطقوس الدينية الجميلة لسكان قريتي "دوجر" دور بارز في نمو موهبتي الفنية حيث كان أهل القرية، وهم من الطائفة "اليزيدية"، يؤدون صلواتهم ودعواتهم وعباداتهم ضمن أجواء الموسيقى الدينية الروحانية، لأنها جزء لا يتجزأ من عباداتهم حيث يقرع اليزيديون على طبولهم، وينفخون في ناياتهم، ويعزفون على آلاتهم الوترية المتنوعة "الطنبور" وغيرها، ومنها كان تعلقي بآلة "الطنبور" أي البزق وعائلته، فاندفعت إلى الفن والغناء، وهنا جاء دور والدي الذي لاتخلو روحه الإنسانية من حب الغناء ومجالسة الفـنانين، فسارع إلى شراء الآلة المحببة لدي من أحد أصدقائه، وكانت فرحتي عظيمة لا توصف في تلك اللحظة التي تناولت فيها غايتي وهدفي، وأيضاً كانت سعادة الأهل والأصدقاء كبيرة عندما وجدوا بين يدي آلة تكمل شخصيتي الفنية».

*ما رأيك بمستوى الأغنية "الجزراوية"؟ وما أهم الأسماء التي ساهمت فيها وطورتها؟

**«هناك تفاوت في مستوى الأداء، لم يكن السبب هو ضعف المؤدي أو المطرب، ولكن هناك عوامل عدة، منها قلة كتاب الأغنية بجميع ألوان الغناء في الجزيرة "العربية"، "الكردية"، "الآشورية"، "السريانية"، وهناك ضعف في طريقة ترويج هذا النوع من الأغاني في "الجزيرة" ومنها الوسائل الإعلامية من إذاعة وتلفزيون. والتواصل الصحيح بين صاحب الاختصاص والجمهور غير جيد، ولم يكن في مكانه المناسب، أما أهم الأسماء التي ساهمت فيها وطورتها: في مجال الأغنية العربية وألوانها، أذكر مثلاً الفنان "جان كارات" بالأغنية الماردلية، الفنان "فوزي البكري" باللون البدوي، والفنان "آرام ديكران"، و"سعيد يوسف" باللون الكردي والفنانين "أدور موس"، و"يوسف إيشو" بالغناء الأشوري وفرقة "الكرونك" للغناء الأرمني بمدينة القامشلي».

*تتداخل التخصصات في إطار الأغنية المحلية والعربية، فالمغني يؤلف كلمات الأغنية، ويلحنها في الوقت نفسه، والملحن يغني، ويؤلف، فلماذا هذا التداخل؟ هل يعني هذا خلو الساحة الفنية من الشعراء والملحنين؟ وهل تعتمد في أغانيك على الشاعر والملحن أم أنك تقوم بتأليف كلمات أغانيك وتلحينها أيضاً؟

**« لا! أنا برأيي لم يكن السبب خلو الشعراء والملحنين، ولا هناك حلقة ضائعة بين الملحنين وكاتب الكلمة، فالملحن لم يكن على تواصل عميق مع شاعر معين، ولا يحاول التقرب منهُ، وفهم ما يدور بداخل هذا الشاعر والعكس صحيح، لذلك نرى الفجوة ونرى المطرب الذي يعرف قليلاً، أو ملماً قدر الإمكان بالموسيقى، يعتمد على نفسه بالتأليف والتلحين، لأنهُ أقرب إلى نفسه من غيره. أما من ناحيتي، فهناك كثير من أغانيي من كلمات شعراء من محافظتي، أذكر منهم على مستوى الأغنية الماردلية، الشاعر الصديق "جاك إبراهيم"، "سليمان طاووس"، "فواز يوسف"، "خنساء إبراهيم"، "عزت الحديدي"، "راغب السهو" وأنا أكتب أيضاً بعض الأغاني أما من ناحية الألحان، فأغلب أغانيي من ألحاني، والسبب مثلما ذكرت بالأول، لأني أدرى بقدراتي الصوتية وأعرف كيف أصوغ اللحن المناسب لصوتي».

*ما الشروط التي ترى من الضروري توفرها في المطرب الناجح؟

**« الشروط هي العنا صر الأساسية هي أولاً الصوت الجميل الذي يهبهُ الله للإنسان، وبعدها تأتي الأمور التالية: منها الدراسة التخصصية واختيار الألحان الجميلة والصحيحة وأيضاً النصوص الجميلة والمعبرة، وهناك شرط أساسي برأيي هو الأخلاق والتواضع».

*ما معيارك للأغنية الناجحة؟

**«معياري للأغنية الناجحة هو الجواب الكلاسيكي الذي يجيب عنهُ الفنان والمطرب وحتى الجمهور المستمع الصوت الحسن وللكلمة المعبرة واللحن الجميل فإذا طبقنا هذه المعادلة بشكلها الصحيح سوف نحصل على أرقى تفاعل بين هذه المواد ونحصل على نتيجة سليمة ومستمرة».

*ما الآلة الموسيقية التي تجيد العزف عليها، وتستهويك أكثر من سواها؟

**« الآلة الأساسية هي "البزق" وعائلتها يعني "الساز" و"الطنبور" و"البغلما" و"البوزوكي"، "البزق" تستهويني أكثر من غيرها لأنها رفيقتي منذ الطفولة وكل ألحاني لحنتها مع آلة "البزق"، وغنيتُ معها منذُ البداية، وأنا أحبُ كثيراً آلة العود الرائعة المناسبة لكل الأوقات والأزمان وفيها القدرة للتعبير لكافة الألوان الغنائية، وأعزف عليها أيضاً».

*ما الألوان الغنائية الجزراوية التي أديتها، ونالت إعجاب الجمهور؟

**«الحمدُ الله يسمونني سفير الأغنية الجزراوية لأنني أؤدي جميع ألوان الجزيرة الغنائية بشكل مقبول، فعندما أغني أغنية معينة فكل الجمهور في محافظتي "الجزيرة"، فالكردي يقول "إبراهيم" يغني اللحن الكردي، والأرمني يقـول يغني اللحن الأرمني، والعربي يقول يغني اللحن العربي، وأيضاً السرياني والآشوري، فغنائي يجمعهم بأسمى وأرقى المعاني وهذا غايتي دائماً والله الشهيد. ودليل ذلك عندما قدمتُ أغاني في مهرجان الأغنية "السورية" النقاد قالوا "إبراهيم" قدم الأغنية "السورية، لأن ألحانه من سورية لا توجد فيه بشكل مباشر ألحان من الدول المجاورة يعني "العراقية" و"اللبنانية" و"التركية"، إنما يستمد غناءه وألحانه من الألحان السورية القديمة بجميع ألوانها التاريخية».

*هل من الممكن التعريف بالتراث الغنائي الجزراوي إلى الخارج؟

**« نعم، عندما يكون هناك ناس غيارا ومحبون وجادون بتعريف تراث البلد المحلى إلى العالم الخارجي كل شيء ممكن فمثلاً: هناك شخص يدعى "شريف خزندار" مدير بيت الثقافة العالمي، فهذا الشخص يقوم بأرقى وأسمى عمل يقوم به الإنسان يقطع آلاف الأميال من بلد إلى بلد لكي يعرف العالم بالثقافات المتنوعة، ومن أعمالهُ النبيلة أتى من "فرنسا" إلى محافظة "الحسكة" والتقى بجمهورها، وقدمني إلى الجمهور العالمي المتنوع في مسرح بيت الثقافة العالمي، وقدمت فيه الألوان التخصصية بمنطقة الجزيرة "السورية"، ولاقى الاستحسان لدى الجميع، فهذا واحد منهم».

*هل غنيت القصائد، وما الموضوعات التي تناولتها أغانيك؟

**«حتى أكون صريحاً معك لم أغن سوى قصيدة واحدة، وهي ملحنة بطريقة القصيد السيمفوني من ألحان المايسترو "نوري إسكندر" واخترت دور الصولويني الغناء الإفرادي مع المجموعة وهي من كلمات الشاعر السوري "حسين حمزة" بعنوان "خطامة"، وقدمتها في "الكويت" و"سورية" وتغنت أيضاً "بالسويد" باللغة السريانية».

*ما مشاريعك في المستقبل، وما الجديد الذي ستقدمه إلى جمهورك االذي يتطلع إليك؟

**«كل ما لدي، وما أفكر فيه مستقبلاً سأقدمه لجمهوري الحبيب في العالم، بإذن الله هناك مشروع كبير سوف تقدمهُ لي إدارة مهرجان بيت الثقافة العالمي، سيقومون بإنتاج بمجموعة غنائية(قرص مدمج) عالمي للأعمال التاريخية الثقافية الموسيقية التي قمتُ بأدائها في مهرجان البيت، وهنا اشكر الإنسان النبيل "شريف خزندار" مدير بيت الثقافة العالمي في "باريس". وهناك أيضاً على المستوى المحلي مشاركات بمهرجانات في قطري الحبيب سورية وتقديم الأغاني الجديدة والفلكلورية لهم إن شاء الله، وأنا بصدد تسجيل سيدي جديد لأغان محلية وتقديمها لهذا الجمهور الوفي الذي شجعني دائماً وأنا مدين لهُ دائماً».