«تشتهر محافظة "الحسكة" وقراها بالعديد من العادات والتقاليد التي لاتزال قائمة إلى يومنا هذا، ومن هذه العادات التي لا تزال موجودة في العديد من القرى صناعة "خبز التنور"، حيث تختلف طريقة إعداد هذا الخبز ما بين القرى نتيجة للعادات والتقاليد السائدة فيها، فمنها تلك التي تستخدم الصاج بدلا من بيت التنور كوسيلة سهلة للخبز، ومنها من تستخدم التنور التقليدي في الخبز».

بهذه الكلمات افتتحت الخالة "سمية الأحمد" من قرية "تل مجدل" كلامها عن صناعة خبز التنور لموقع eHasakeh.

إلا أن كبر فوهة التنور دليل على كثرة أفراد العائلة داخل المنزل الواحد وغنى هذه العائلة حيث تتباهى العائلات في هذه القرى بكبر فوهة التنور أو وجود أكثر من تنور للخبز داخل المنزل الواحد التابع لمنازلها في القرى، كما تتباهى النسوة في هذه القرى بعدد الأرغفة التي تقوم بخبزها

وأكملت الخالة "سمية" كلامها عن هذه الصناعة التراثية فقالت: «أستيقظ صباح كل يوم مع إشراقة الشمس لأعجن عجين خبز "التنور" المعد مسبقاً فأقوم مساء كل يوم بعجن العجين الذي يكفي أسرتي، وأضعه حتى يختمر صباح اليوم التالي، وأقوم بمساعدة أحد أفراد العائلة بجلب الحطب لإشعال "التنور" والخبز فيه، كما أننا لا نستطيع الأكل دون هذا الخبز الذي نعتبره أحد مقومات ومتطلبات العيش في القرية».

الخبز داخل الفرن

وعن ذكريات هذا الموروث الحضاري أكملت الخالة "سمية": «أتذكر كيف كانت أمي توقظني مع خيوط الصباح الأولى لأساعدها في عجن العجين المخصص لهذا الخبز، كما كانت تفعل نساء القرية تفعل، حيث نقوم أولاً بتجهيز الحطب الذي كنا نجمع في فصل الصيف لنخزنه حتى يصبح جاهزاً في فصل الشتاء، وإشعال النار، وتجهيز الموقد، لتأتي أمي وتخبز هذا الخبز الشهي الذي يعتبر من أساسيات العيش لنا».

وتذكر الخالة "سمية": «إلا أن كبر فوهة التنور دليل على كثرة أفراد العائلة داخل المنزل الواحد وغنى هذه العائلة حيث تتباهى العائلات في هذه القرى بكبر فوهة التنور أو وجود أكثر من تنور للخبز داخل المنزل الواحد التابع لمنازلها في القرى، كما تتباهى النسوة في هذه القرى بعدد الأرغفة التي تقوم بخبزها».

تقسيم العجنات

وعن استمرار هذا الموروث الحضاري في القرى اختتمت الخالة "سمية" حديثها فقالت: «على الرغم من التطور الهائل الذي يشهده العالم ودخولنا في القرن الحادي والعشرين تستمر هذه القرى بالتمسك بالعادات والتقاليد السائدة في المنطقة بالإضافة إلى أن أفراد العائلة اعتادوا على الاستيقاظ صباح كل يوم وتناول هذا الخبز مع السمن العربي.

ويرتبط خبز التنور بالطقوس المتبعة في قرى "الحسكة" لأن سكان هذه القرى اعتادوا على المناسف في الأفراح والأتراح التي أساسها خبز التنور، وخبز التنور يدخل في عادات الزواج في هذه القرى كدليل على الخير والعطاء للعروسين، كما يدخل خبز التنور في صنع العديد من الأكلات الشعبية في قرى المحافظة منها "الثرود" و"السيالات" كما تدخل عملية الخبز ضمن طقس اسري كبير وحميم حيث تجتمع العائلة عند فرن التنور حتى نضج هذا الخبز الشهي كما اعتدنا في حياتنا اليومية، فنحن نشتهر بالعديد من العادات التقاليد بالإضافة إلى عادة صناعة "خبز التنور" فإذا مر بنا ضيوف لابد لهم من تذوق خبز التنور كدليل على كرم ريفنا».

الخبز الجاهز للأكل