«موعد بدء صيانة حصادة الحبوب مع بداية شهر نيسان من كل عام هو بمثابة ميعاد تؤرخ عليه الأحداث الاجتماعية في محافظة "الحسكة"»، هذا ما قاله المزارع "عبد الله سليمان كاباري" في بداية حديثه عن استعداد أصحاب الحصادات قبيل الحصاد والمتمثل في عمليات الصيانة للحصادة، وهو من سكان قرية "جوخ رش" التابعة لناحية "عامودا"، التقاه eHasakeh في قريته وهو يقوم بعمليات صيانة حصادته مع أخيه وأولاده، وأضاف "عبد الله سليمان كاباري": «هناك أحداث اجتماعية كثيرة تؤرخ بموعد بداية صيانة الحصادة مثل الولادة أو الزواج أو الوفاة، مثلاً كأن يقول شخص ما، تزوجت في عام كذا قبل أن يبدأ موعد صيانة الحصادة بشهر».

سألنا السيد "عبد الله": لماذا جرت العادة أن يبدأ المزارعون في صيانة حصاداتهم في شهر نيسان بالذات؟

هناك جاهزية اسعافية، نتيجة الخبرة لا ننسى ما نحتاجه من أدوات وأدوية للإسعافات الأولية في حالة إصابة عامل بجرح أو حرق أو حادث، بالإضافة إلى المواد التموينية وخزان كبير متحرك بالعجلات لمياه الشرب

فأجابنا: «الصيانة بعد شهر نيسان لا تجوز ولكن يجوز أن يبدأ المزارعون بذلك في شهر آذار ولكن يمثل شهر نيسان الوقت الأنسب في ذلك لأن الطقس معتدل ومناسب للعمل، والسبب الآخر أن شهر نيسان كما يقول أهل الزارعة يظهر فيه وجه الموسم، وعبارة (وجه الموسم) في منطقة الجزيرة تعني المحصول المتوقع إنتاجه في هذه السنة، ووجه الموسم هو أيضاً يحدد مقدار الصيانة في الحصادة فعندما نتوقع أن يكون الموسم وفيراً نزيد من عملية الصيانة للحصادة أما إذا كان الموسم أقل وفرة فنقلص من تكاليف الصيانة، وعادة تطول مدة الصيانة في حدود شهر أو أقل هذا طبعاً لأن أغلب الحصادات في محافظتنا حديثة أما بالنسبة للحصادات القديمة الصنع فإن عملية صيانتها تطول لأكثر من شهر وحتى الحصادات القديمة لم تعد تستعمل لحصد الحبوب مثل القمح أو الشعير ولكن يستعملها المزارعون في أعمال حصاد العدس أو دِراسة القش لتحويله إلى التبن كعلف للحيوانات».

يقوم بصيانة الحصادة

وعند السؤال عن ماهية عمليات الصيانة للحصادة قبيل الحصاد أجابنا المزارع "عبد الله": «صيانة الحصادة هي تبديل لبعض قطعها التالفة أو التي يمكن أن تتلف أثناء العمل بشكل سنوي قبيل موسم الحصاد، أما القطع التي نبدلها هي حلقات الحركة أو ما يسمى "البيليات" وقشاطات بلاستيكية للحركة الميكانيكية وشَفرات القص لأنها تفل بنهاية الحصاد من السنة السابقة، ونحن نقوم بعملية التبديل لهذه القطع بأنفسنا فالحصادة صيانتها تكون في مكانها ولا تقاد إلى محلات التصليح الميكانيكية مثل الآليات الأخرى كالسيارة أو الجرار أما بالنسبة لتغيير الإطارات فذلك في حدود السنتين من الزمن، فالغاية من الصيانة هي الجاهزية الكاملة لبدء الحصاد والجاهزية البشرية للحصادة يعني أننا نتفق مع ما نحتاجه من عاملين للعمل معنا خلال الموسم كسائقين أو عتالين أو خياطي أكياس الحبوب وطباخ، حتى تكتمل "المصلحة"، ومفهوم "المصلحة" بلغة المزارعين في الجزيرة تعني مجموعة الآليات المعدة لعملية الحصاد من الحصادات والجرارات وسيارات الخدمة ونقل الحبوب حيث تكون هذه الآليات مكملة لبعضها بإدارة شخص واحد يسمى "معلم المصلحة" وهو بمثابة المدير في شركة أو مؤسسة خدمية أو تجارية حيث يكون معلم المصلحة متأهب طوال فترة الحصاد تبدأ بحدود 13 أيار وتنتهي بحدود 10 تموز من كل سنة، إن موسم الحصاد يعني الاستنفار بالنسبة للمزارعين فإذا تعطلت الحصادة ساعة واحدة أثناء الحصاد يعني ذلك مشكلة حيث يتعاون جميع العاملين لإصلاح هذا العطل بالسرعة الممكنة، وهذا الاستنفار سببه وجود أخطار محدقة بالموسم يمكن أن تؤدي إلى إتلاف مساحات كبيرة من مزارع الحبوب منها أخطار طبيعية مثل سقوط البَرَد أو أمطار غزيرة وشديدة أو رياح قوية وهناك أخطار غير طبيعية مثل إشعال حريق إذ أكثر الخوف منها، ونتيجة الخبرة فالعاملون المدخنون ينتبهون إلى هذه الناحية».

وتحدث المزارع "عبد الله" عن الاستعدادت غير الميكانيكية أو البشرية التي تحتاجها المصلحة قبيل الحصاد حيث أفادنا: «هناك جاهزية اسعافية، نتيجة الخبرة لا ننسى ما نحتاجه من أدوات وأدوية للإسعافات الأولية في حالة إصابة عامل بجرح أو حرق أو حادث، بالإضافة إلى المواد التموينية وخزان كبير متحرك بالعجلات لمياه الشرب».

عبد الله سليمان كاباري

وفي إطار الحديث عن استعداد وصيانة الحصادة التقينا المزارع "عبد الرحمن سليمان كاباري" الملقب بأبي "إدريس" فقد حدثنا عن تكاليف صيانة الحصادة ومعوقات الحصاد قائلا: «إن تكلفة صيانة الحصادة قبل كل موسم بحدود المئة ألف ليرة سورية، طبعاً هناك غلاء في أسعار قطع التبديل، أنا أتذكر أنه كان حاصل الحصادة في سنة 1988م يبلغ من 10 أكياس إلى 12 كيساً أجرة حصاد مئة كيس، (مفهوم "حاصل الحصادة" يعني إجرة الحصد المئوية حيث تؤخذ الأجرة مادةً من نفس الزرع الذي تم حصده فإن كان قمحاً يؤخذ القمح وإن كان شعيراً أو عدساً يؤخذ بمثله من الأرض والزرع نفسه وليس نقداً بالعملة) أما في السنوات الأخيرة فأصبح سعر حاصل الحصادة لا يتجاوز 5 أكياس بسبب كثرة الحصادات، لأن هناك حصادات تأتي من المحافظات الأخرى من محافظة "حماة" و"حلب" و"الرقة" للحصاد في محافظة "الحسكة" لأن موسم الحصاد في تلك المحافظات يبدأ وينتهي قبل بدء وانتهاء الموسم في "الجزيرة" ما يؤدي إلى تخفيض في سعر الحصاد، ومن المعوقات الأخرى التي يمكن أن تؤثر علينا غلاء سعر الوقود، فإذا قارنا بين استهلاك الوقود وسعر القمح نجد أن ذلك غير متناسب، لأن الحصادة تستهلك 450 لتر مازوت كل 24 ساعة أما سعر الكيلو الواحد للقمح حسب تسعيرة المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب فهي 19 ليرة سورية هذا إذا كانت نسبة الشوائب هي الصفر أي في أحسن الأحوال، وهذا غير مناسب في نظري، من ناحية أخرى نحن في محافظة "الحسكة" من أكثر المحافظات استهلاكا للوقود في مجال الزراعة لأننا نعتمد على المحركات في ضخ المياه من الآبار لري حقولنا الزراعية، وأعتقد أن الأمر سيصبح يسيراً جداً عندما ينتهي مشروع مديرية الري في "الحسكة" في جر المياه من نهر دجلة إلى أراضي المحافظة والذي يمر من طرف المحافظة على الحدود السورية- العراقية».

عبد الرحمن سليمان كاباري