في قرية نائية من ريف "الحسكة" البعيد، وبين جدران منزل طيني بسيط نسيه الزمن وجدناها ترقد في نوم عميق تلتحف بغطاء شتوي لا يبعد كثيراً عن حال منزلها.. حفر الزمن بقسوة بصمته على وجهها مخلفاً ودياناً وأخاديد، أما يديها المتجعدتين المرتجفتين فتخبئ خلفيهما آلام وأوجاع زمن ٍ غابر ٍ.. إنها "فاطمة الحسن" من قرية "أم قصير" التي تقع إلى الشمال الشرقي من مركز مدينة "الحسكة" على بعد /60/ كم وتتبع إدارياً لناحية "تل براك"..

مراسل موقع eSyria بتاريخ 8/12/2009 طرق باب منزل المعمرة "فاطمة" من قرية "أم قصير" والتقاها مع عدد من أبنائها وأحفادها حيث بدأ بالتعريف بيننا وبينها أبنها الأصغر "رشيد" وهو من مواليد /1944/ والذي أفادنا بدوره عن بطاقتها الشخصية ووضعها الصحي فقال: «والدتي من مواليد سنة /1880/ أي أن عمرها يناهز /130/ سنة، لها من الأبناء الذكور خمسة ومن الإناث ثلاثة، اليوم رأت والدتي الجيل الرابع من أحفادها، وهي ككل النساء الريفيات عانت من الفقر والتعب والمرض ما عانت، أكلها اليوم شبه طبيعي وحركتها محدودة جداً، ذاكرتها وسط، يبلغ عدد من بقي على الحياة من أبنائها وأولادهم وأحفادها ما يقارب /70/ شخصاً فقط لأن أغلبهم مات وهو أعزب».

والدتي من مواليد سنة /1880/ أي أن عمرها يناهز /130/ سنة، لها من الأبناء الذكور خمسة ومن الإناث ثلاثة، اليوم رأت والدتي الجيل الرابع من أحفادها، وهي ككل النساء الريفيات عانت من الفقر والتعب والمرض ما عانت، أكلها اليوم شبه طبيعي وحركتها محدودة جداً، ذاكرتها وسط، يبلغ عدد من بقي على الحياة من أبنائها وأولادهم وأحفادها ما يقارب /70/ شخصاً فقط لأن أغلبهم مات وهو أعزب

رغم وضعها الصحي المتدني إلا أنها أفادتنا بما يختزنه خريف الذاكرة من معلومات قديمة والذي فُسر بعضه من قبل أبنائها حيث ذكرت: «حادثة سويقات الأرمن في عشرينيات القرن العشرين وكيف لجؤوا للعشائر العربية بالمنطقة وكذلك عن العسكر العثماني وكيف كانوا يأخذونهم للسخرة وكذلك تحدثت عن الفقر المدقع وعن زمن الإقطاع وكيف كانوا يأخذون "الخوة" أي مبلغ من المال أو أي شيءٍ له قيمة من أجل الصفح عنهم ويبقوا تحت حمايته ولا ينوبهم من أذيته شيئاً، وأيضاً تحدث عن حادثة السبع ثلجات في أربعينيات القرن العشرين وكيف تراكمت الثلوج وخيمت لمدة أشهر ما جعل الكثير من الماشية تنفق من شدة البرد».

أربع أجيال تلتقي

من جانبه الجار "محمود التركي" قال: «أنا الآن في العقد الخامس من عمري، وقد عشت طوال تلك السنين مجاوراً للسيدة "فاطمة" التي يعتبرها كل أفراد القرية كبيراً وصغيراً بمثابة الوالدة لهم، لأن لها أفضال على الجميع، هي خير الجارة ومن خير النساء، كانت تحب العمل ومواظبة على تربية أبنائها والحفاظ على منزلها رغم مرارة الأيام، لم نسمع عنها أية إساءة لتاريخه، وفي النهاية لقد أكل منها الدهر وشرب بعد أن كانت كالسنديانة الشامخة لكنها سنة الحياة، وبالحقيقة الكل يراها بأنها بركة القرية».

لحظة تأمل
مع بعض الأبناء والأحفاد