منذ أقدم العصور عرف الناس التداوي بالأعشاب، وقد قامت دراسات عديدة لكل نوع على حدا، وكان للحرمل نصيب وافر منها، وهو ذلك النبات الصحرواي الذي ينتشر في البادية بشكل كبير، ويتنوع استخدامه بين المغلي والمنقوع.

ويقال أن أهل البادية يجدون في إشعاله بين المواشي لتبخيرها نوعاً من أنواع البركة مع أنه ممنوع عليها أكله لأنه سام للمواشي، ومنهم من سماه بخور الملائكة.

السيد "غسان ميشيل قوج" من أقدم العطارين في مدينة "الحسكة" التقاه موقع eHasakeh في محله ليحدثنا عن عمله في بيع الأعشاب لاستخدامات طبية بالقول: «ورثت هذه المهنة عن والدي "ميشيل قوج"، حيث كان السوق يضم عدة عطارين ولكن منهم من توفي ومنهم من اعتزل المهنة وبهذا أصبحت أقدم العطارين».

الحرمل في وقت الإزهار

يقول "قوج": «نعمل على بيع الأعشاب بكثرة والسبب يعود إلى تعلق الناس بالتداوي بالأعشاب، فعلى الرغم من تطور الطب ما زال التداوي عند البعض متعلق بالثقافات التي تعود إلى مئات السنين».

وبسؤالنا عن الحرمل أجاب "غسان": «الحرمل نبات صحراوي ينمو في البيئة الجافة والبادية والصحراء، جذره ثخين وشديد التفرع وله قشرة سمراء، وساقه قائمة ومتعرجة يتراوح طولها بين 30 – 60 سم، أوراقه عميقة، وعميقة التفصص ومقسمة إلى أجزاء ضيقة، ثماره عبارة عن علبة كروية ثلاثية المصاريع تحتوي بذور بنية اللون. يزهر الحرمل في بداية الصيف تحديداً في شهري أيار وحزيران، وتستعمل بذوره وأزهاره طبياً قبل الإزهار».

ويختم "غسان": «يستخدم "الحرمل" كدواء لالتهابات البلعوم ويغسل به الجسم للتداوي من الروماتيزم، كما يستخدم لإدرار الحليب عند النساء المرضعات، كما يستعمله الرجال للتقوية الجنسية، كما يستخدمه مربي الأغنام في وقت التزاوج لتحريض الأغنام».

  • ماذا يقول العلم عن "الحرمل" (1)
  • ** المكونات الفعالة: «تحتوي بذور الحرمل على قلويدات تشكل في مجموعها 4 -6%من وزن البذور، وأهمها هو "الهارمالين Harmaline ويشكل 60% من مجموع القلويدات، والهارمين Harmine ويشكل 30% إضافةً إلى الهارمالول Harmalol والبيغانين Peganine، كما فصل منه أيضاً قلويد Pegarine، وتحتوي البذور على مواد ملونة حمراء بنسبة 14% تستعمل في الصباغة.

    أما العشب فيحتوي على قلويدات بنسبة 1.5 – 3% من وزنه الجاف، يشكل البيغانين 60% منها إضافة إلى كميات قليلة من قلويدات بيغانيدين وبيغامين وبيغانول، وتحتوي الجذور على 2.1 – 2.7% قلويدات أهمها قلويد الهارمين.

    الاستعمال الطبي: ترجع أهمية الحرمل الطبية إلى عهد قدماء اليونان، حيث استخدموا مسحوق البذور في العلاج من الديدان الشريطية، وتؤثر قلويدات الحرمل على الديدان الشريطية إذ تشلها وتفقدها القدرة على الحركة، كما تؤثر على الكائنات الدقيقة وتستعمل البذور لهذا الغرض لغاية يومنا هذا، وتستعمل أيضاً في علاج الملاريا المزمنة، كما يستعمل الحرمل في الطب الشعبي لإدرار الحليب عند السيدات وتقوية الناحية الجنسية عند الرجال.

    يستخدم مستحضر الهارمين المستخلص من الجذور، على شكل هيدروكلوريد الهارمين تحت الجلد لعلاج داء باركنسون والشلل الإهتزازي والتهاب الدماغ، حيث يحرض الهارمين الجملة العصبية المركزية وخاصةً المراكز المحركة في قشرة الدماغ، فيسرّع التنفس ويخفض ضغط الدم ويوسع الأوعية الدموية المحيطية ويرخي عضلات الأعضاء المختلفة، ويعتبر البيغانين من المركبات المسكنة للسعال إلا إن الجرعات الكبيرة منه تسبب التحسس والقيء و الإسهال.

    يستعمل الحرمل منقوع أو مغلي مع بعض الأعشاب كغرغرة في حالات التهاب الحلق والحنجرة، ويضاف العشب للحمامات لمعالجة الروماتيزم ومختلف أمراض الجلد، ويستعمل الحرمل المغلي لتهدئة وتسكين الألم وهو مضاد للالتهابات والانتانات، ويستعمل أيضاً كمادة معرِّقة في حالات الرشح والملاريا والعصابات وهو أيضاً مادة مدرة للبول، وتستعمل الأوراق على شكل لفائف في حالات الربو.

    (1)- من كتاب "النباتات الطبية واستعمالاتها للدكتور "محمد العودات" والدكتور "جورج لحام" الصفحة 290– 291 الطبعة الرابعة.