يعتبر العلاج باستخدام الحجامة من أكثر الطرق العلاجية قدما؛ فقد استخدمها الآشوريون منذ عام 3300 ق.م. وتدل النقوش الموجودة على المقابر الفرعونية على أن الفراعنة استخدموا الحجامة لعلاج بعض أمراضهم منذ عام 2200 ق.م، أما في الصين فإن الحجامة مع الإبر الصينية تعتبران أهم ركائز الطب الصيني التقليدي حتى الآن.

وكذلك استخدمها الأطباء الإغريق ووصفوا طرق استخداماتها واستطباباتها. وقد عرف العرب القدماء الحجامة، ربما تأثراً بالمجتمعات المحيطة بهم. وكان الأطباء العرب ممن استخدموا هذه الطريقة العلاجية. فقد تكلم الرازي وبالتفصيل عن هذا الموضوع وخصص فصلاً كاملاً تحدث فيه عن الحجامة، وبين فوائدها، وطرائق تطبيقها.

بعد أن اطَّلع علماء الغرب على الحجامة قاموا بإجراء بحوث طويلة ومعقدة حصلوا من خلالها على نتائج مذهلة في شفاء قسم من الأمراض المستعصية، حتى أصبحت العديد من الجامعات تدرّس الحجامة وطرق العلاج بها، واليوم يُقدم الكثير من الأوروبيين على عمل الحجامة والتداوي بها

موقع eHasakeh رصد طقوس الحجامة عن كثب والتقى الشيخ "إبراهيم عويد أحمد" مواليد "الحسكة" 1933م وهو أحد الممارسين القدماء في المنطقة لمهنة الحجامة الذي حدثنا بالقول: «ورثت المهنة عن والدتي والتي ورثتها عن والدها لأن عائلتنا تتداول هذه المهنة منذ مئات السنين، حيث كانت الحجامة في البداية تفتقر للأدوات المستخدمة فيها نظراً لواقع المحافظة، فعلى سبيل المثال لم تكن الشفرات المعقمة في يومنا هذا موجودة في السابق، فكنا نستعيض عنها بالزجاج، كنا نقوم بتكسير لوح من الزجاج إلى قطع صغيرة نصنع منها على هيئة الشفرات، ونستخدمها لإحداث ثقوب في موضع الحجامة ومن ثم نعمل على سحب الدم بطريقة تفريغ الزجاجات من الهواء، أما اليوم فالأمور ميسرة بشكل أفضل فالشفرة تستخدم لمرة واحدة، أما أكواب الشفط فتغلى لمدة لا تقل عن ثلاث ساعات متواصلة».

ابراهيم مرعي أثناء الحجامة

يضيف الشيخ "أحمد": «للحجامة مواقيت معلومة ينتفع بها الناس بدايةً من شهر نيسان حتى السابع والعشرين من شهر أيار، أما من كان مريضاً فهي تستخدم في كل أوقات السنة وتستخدم الحجامة على كل أعضاء الجسد، وتستخدم الحجامة لعلاج العديد من الأمراض مثل الديسك والمناقير وأمراض الناسور وآلام العص الظهري وآلام المعدة وأمراض أخرى».

ويقول السيد "محمد محرم بدر" خبير الأعشاب: «ذكر أن أول استخدام للحجامة كان في عهد الرسل وبالتحديد الرسول الكريم "محمد"، وفي هذا حديث صحيح يقول "إن أمثل ما تداويتم به الحجامة"، إلا أنه ومع مرور الزمن بدأت قوانين الحجامة العلمية الصحيحة، وبقي الأمر على ما هو عليه حتى قامت كوكبة من علماء الطب في سورية بدراسة مستفيضة عن هذه الطريقة بالعلاج، وبعد سنوات من الدراسات والتجارب، حيث أظهرت الحجامة نتائج مذهلة إذ أدت إلى شفاء بعض أنواع السرطان والشلل ومرض الناعور وبعض الإصابات القلبية، كما أدت إلى تحسن بعض أمراض الربو والشقيقة والروماتيزم، وهذا الكلام تم إثباته بالفحص السريري والشعاعي والمخبري الذي أجري للمرضى».

خبير الأعشاب محمد محرم بدر

يضيف "بدر": «بعد أن اطَّلع علماء الغرب على الحجامة قاموا بإجراء بحوث طويلة ومعقدة حصلوا من خلالها على نتائج مذهلة في شفاء قسم من الأمراض المستعصية، حتى أصبحت العديد من الجامعات تدرّس الحجامة وطرق العلاج بها، واليوم يُقدم الكثير من الأوروبيين على عمل الحجامة والتداوي بها».

يختم حديثه بالقول: «انتشر اليوم في بلدنا عدد كبير من الحجامين منهم من هو على دراية بهذا العلاج من حيث الفوائد الناتجة منه، والأضرار الناتجة عن عدم التعامل بعناية فائقة مع الأدوات التي يتم استخدامها لعدد من الأشخاص دون أخذ الحيطة من مخاطر نقل بعض الأمراض عن طريق الدم، والصفات الأخيرة تنطبق على من يقوم بالحجامة لغاية الكسب المادي دون أخذ الطريقة من مصادر علمية ينتفع بها الناس مع تقليل الخطر الناتج عن سوء الاستخدام».

الدكتور فرحان محيسن الصالح

أما الرأي العلمي فيقول فيه الدكتور "فرحان محيسن الصالح": «الحجامة هي نوع من أنواع العلاجات التي تندرج ضمن ما يسمى الطب البديل والطب البديل هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات العلاجية التي لا تتعلق بالطب الحديث، وقد تم العمل بالحجامة في الحضارات القديمة وأشارت إلى ذلك المخطوطات المصرية والإغريقية التي عثر عليها، لكن أول القواعد والضوابط التي وضعت للحجامة كانت في عهد سيدنا "محمد" صلى الله عليه وسلم».

يضيف "الصالح": «تستخدم الحجامة للعلاج عند المرضى كما تستخدم للأصحاء من باب الوقاية، وقدمت تحاليل مخبرية من قبل الفريق الطبي المخبري في دمشق وأثبتت تحسن العديد من الحالات المرضية التي كانت مستعصية على أدوية الطب الحديث، مثل الأمراض العصبية والشقيقة والصداع العنقودي ومرض السكري ومرض السرطان، ولكن مع التقدم الهائل الذي تحرزه الحجامة يجب علينا ذكر بعض المحاذير، فإجراء الحجامة للأطفال ومن هم دون العشرين ليس له مبرر، كما أن إجراء الحجامة للمرأة قبل سن اليأس هو خطأ فادح، كما لا يجوز إجراء الحجامة في غير منطقة الكاهل لأن إجراءها في منطقة مثل العنق يحمل النزف الصاعق والموت».

ويختم الدكتور "فرحان": «لقد أصبحت الحجامة بين طرفين متناقضين الأول هم الجهلة الذين يقومون بالحجامة دون أي قواعد علمية، أو حتى إجراءات التعقيم التي تضمن عدم نقل أي عدوى من مريض لآخر، والطرف الثاني هم بعض الأطباء الذين يجهلون الحجامة والتعامل معها والانتصارات التي حققتها، والأمل معقود على وزارة الصحة للإشراف على الحجامة بشكل علمي ومراقبة جميع الحجامين ووضعهم في صورة العمل الصحيح، والأفضل أن يمنح الحجامون شهادات تخولهم العمل بالحجامة بعد أن يتم تصديق الجهات المسؤولة على أهليتهم للعمل».