في غزل ينشأ بين الحبر والقصبة تُترجم قصة عشق تتماشى على الورق الصقيل، لتخلّف آثاراً تنطبع في عقل المشاهد وقلبه بمجرد تشكيلها للوحة، فالخط العربي لا يقصد به مجرد الكتابة، لأنه وببساطة شديدة أقرب للرسم منه للكتابة، إلا أنه ومع تطور الوسائل والأدوات راح والرسم يكمل بعضهما الآخر.

موقع eHasakeh التقى الخطاط "مروان ياسين عساف" الذي حدثنا عن رحلته في عالم الخط بالقول: «للخط معي قصة جميلة فقد كان والدي يمتلك خطاً جميلاً ولكنه لم يكن خطاطاً، إلا أنني أحببت الخط منذ صغري ورحت أتدرب عليه بشكل ذاتي، وكانت بداية الثمانينيات هي أولى المراحل التي مارست فيها الخط كهاو، وفي عام 1990 م بدأت بممارسة الخط العربي بشكل فعلي».

تعلمت الخط من والدي ونما مع الخط حتى أصبح صديقي الحميم، وتفوقت على كل زملائي بالخط العربي، وهذا كله بفضل ما أولاه لي والدي من تدريب وتحفيز، وأتمنى أن أتفوق على والدي لكي أصبح من المشاهير في الخط العربي

يضيف "عساف": «نحن عائلة تعشق الخط بالكامل فلغة التخاطب والتحدي هي الخط العربي، ولكني أنا من نمَّا هذه الموهبة في العائلة، ولدي أخي الأصغر "قصي" فقد قمت بتدريبه منذ فترة وهو يتمتع بخط جميل ولكنه لا يمارس هذه المهنة فهو متفرغ للتدريس، وأيضاً ولدي "حيدر" والذي أعول عليه أن يكون في يوم من الأيام خطاطاً مشهوراً فهو يجيد أربع إلى خمسة خطوط، وقد حاز مرتبة رائد على مستوى القطر في الصف الخامس الابتدائي».

نية المؤمن خير من عمله

يضيف "عساف": «أنجبت محافظة "الحسكة" خطاطين يمكن تصنيفهم على مستوى الوطن العربي، من حيث الدقة في رسم الحرف والحرفية العالية في ترتيب الحروف وأيضاً الالتزام الصريح بقواعد الخط العربي، فمن مميزات الخط أنه يتبع قواعد صارمة في رسم الحرف ابتداءً بالحرف وانتهاءً بالجملة أو النص بأكمله، ويمكن ذكر العديد من هؤلاء المبدعين إذا صح التعبير، فقد أنجبت المحافظة خطاطين يضرب بهم المثل مثل "سمير آدمو" و"عكلة الحمد" والخطاط "معصوم"، ولكن وللأسف فقد تفرقت بهم السبل فاليوم كل واحد منهم في مكان، ولكن حتى لا نظلم أحداً فلا يزال هنا الكثير فمحافظتنا ولادة للمواهب وأذكر على سبيل المثال لا الحصر الخطاط "علي محمود" و"عماد النمشان" وكثيرون» .

أما عن واقع الخط في المحافظة يقول: «لقد تأثر الخط العربي وعلى وجه الخصوص ممارسو مهنة الخط تأثراً كبيراً بظهور الكمبيوتر، فهو من جهة يمكّّن الزبون من مشاهدة اللوحة قبل كتابتها، ومن جهة أخرى ينتج العمل بسرعة فائقة كما يمكن له أن يجمل الخط ببعض الإيحاءات التي لا يتمكن من فعلها الخطاط، ولكن الأصل في الخطوط التي يكتبها جهاز الحاسوب هو الخطاط نفسه، وللعلم أيضاً فإن الحواسيب لا تجيد كل أنواع الخطوط فهي تشتهر بخط النسخ والخط المتطور وما خلا ذلك فالغلبة للخطاط، أما ما يجب ألا يفوتني هو أن خط الحواسيب يفتقر إلى الروح الموجودة بقصبة الخطاط والتي تجبرك على التعايش مع عظمة هذا الخط».

لوحة بالخط النافر

يختم "عساف": «أنا لا أمارس الخط مثل باقي الخطاطين المتفرغين لهذه المهنة، ولم أقيم أي معرض بسبب ضيق الوقت ولكني أتأمل أن أتمكن تجميع بعض اللوحات لعرضها في المستقبل، إلا أنني شاركت في مسابقتين في تركية وأنا أنتظر النتائج».

"حيدر مروان عساف" يقول: «تعلمت الخط من والدي ونما مع الخط حتى أصبح صديقي الحميم، وتفوقت على كل زملائي بالخط العربي، وهذا كله بفضل ما أولاه لي والدي من تدريب وتحفيز، وأتمنى أن أتفوق على والدي لكي أصبح من المشاهير في الخط العربي».

هذا من فضل ربي

الخطاط "عماد النمشان" يقول: «يمتلك "عساف" موهبة الخط العربي والخط لا يأتي بالتعلم بل هو موهبة تولد منذ الصغر مع الشخص، فمن الناس من يتابع الخط من خلال التدريب والممارسة ومنهم من لا يعيره أي اهتمام، وبالنسبة للخطاط "مروان عساف" فهو مقصر بالنسبة للممارسة ولكنه ليس مهملاً، إلا إن الظروف الحياتية قد تفرض على كل شخص طريقة متابعة مواهبه، ولكن يجدر القول أن "عساف" يملك خطاً جميلاً لا ينقصه سوى بعض المتابعة، فهو يجيد الكتابة بالقواعد ويعطي للحرف حقه، ولهذا أتمنى أن يمنح الخط وقتاً أطول، فبالمحصلة الخط رسالة يجب على من يمتلكها أن يسعى بشكل دائم لتطويرها».