الكشك أو كما يلفظ في "الحسكة" بالجيم الفارسية، أكلة من الموروث الشعبي سارت معه ردحاً من الزمن، ومع التغيرات التي جرت على العادات والتقاليد، بقي الكشك على حاله محافظاً على مكوناته التي وُجِدَ بها، كما بقي الحبيب الأقرب في الشتاء إلى قلوب القرويين وأهل الأرياف.

موقع eHasakeh زار السيدة "عنود الأحمد" لتخبرنا عن رحلة "الچشچ" من الحقل إلى الأكل فقالت: «في البداية وتحديداً في فترة الموسم نأخذ القمح إلى المطحنة، لا يهم نوع القمح أو صنفه، ما يهم فقط هو أن يكون القمح خالياً من الشوائب، تقوم بتكسير القمح إلى نصفين ليصبح جاهزاً للاستخدام، بعدها تأتي عملية "التذَّرية"* لفصل حبة القمح عن القشر، في المرحلة التالية نقوم بوضع كمية من القمح مع كمية من اللبن، يشترط أن تكون الكمية بالمقدار، بمعنى مكيال قمح إلى مكيال لبن، نتركه حتى يتخمر بعدها نقوم بتحويله إلى أقراص، نضعه تحت الشمس حتى يجف ثم نقوم بتخزينه».

أن أحب هذه الأكلة كثيراً وآتي إلى جدتي لتناولها، طعمها لذيذ ونحن لا نطبخها في البيت، لذلك كلما أردت تناولها أطلب من جدتي تحضيرها

تضيف "عنود": «في أيام الشتاء الباردة نطبخ "الچشچ" لتناوله كحساء ساخن، في الصباح الباكر نضع خمس إلى ستة أقراص في ماء فاتر، نتركه حتى وقت الظهيرة ليتحلل في الماء، ثم نقوم بفركه لمدة ربع ساعة باليد ليتحلل عنه اللبن المجفف، ثم يوضع على النار ونستمر في التحريك حتى يبدأ بالغليان، من الممكن أن يتجمع القمح في الأسفل ويحترق إذا لم نحركه، بعد الغليان نكف عن التحريك ونتركه لمدة عشر دقائق حتى يأخذ لون الكاكاو الفاتح، هناك بعض الإضافات إلى هذه الوجبة بعد نهاية الطهو، نقوم بتقطيع البصل وقليه مع الزيت أو السمن حسب الطلب، ثم يضاف للچشچ عند الغليان، هذا حسب الرغبة لأنه يضاف أي البصل دون قلي، تستخدم هذه الطريقة عندما يقدم للمصاب بالزكام».

التحريك من اهم عناصر طهو الكشك

السيدة "فوزية السليم": «يختلف الكشك في تحضره عند البعض بشكلٍ بسيط، يتبع هذا لتوافر المواد الأولية للصناعة، القسم الأول يصنعه من "الخاثر" المعروف باسم اللبن في الداخل، وهو اللبن الجامد وتختلف النتيجة بحسب الخاثر المستخدم، أفضل أنواعه هو خاثر الغنم وهو متوافر في الأرياف بسبب وجود الأغنام، القسم الثاني يصنعه بالبن الممدد بالماء وهو ما ينتج عن فصل الزبدة عن الخاثر بطريقة "الخض" بـ "الشجوة"، نحن كبار السن نشأنا على هذه الأكلة السريعة والسهلة التحضير، وأكثر ما تُطلب في الصباح لتقدم على الإفطار، إلا أن الأولاد في هذا الزمن لا يحبونها الأمر الذي قلل من انتشارها مؤخراً، إلا أن كبار السن لا زالوا يطلبونها كاما تذكروها».

السيد "خضر الهيجل" زوج "عنود" يقول: «منذ كنت صغيراً كان أهلي يخزنون الكشك، كنا من أصحاب الأغنام لذا كانت صناعته ميسرة بالنسبة لنا، كنا في السابق نأكله ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع، لم يكن لدينا في السابق الكثير من الخيارات لنفاضل بينها، فأنواع الأكلات لا يتجاوز العشرة، اليوم ومع تطور الحياة تنوعت الأطعمة لتحتار ماذا تأكل وماذا تترك، لقد أصبحت أحن لأكلة الكشك، أطلب من زوجتي أن تحضرها لي قبل يوم من الموعد، لكن أولادي لا يحبونها يمكن لأنهم لم يكبروا عليها، طبعاً يخزنها الناس كلٌ حسب إمكاناته، ويحز في نفسي أن وجبة اليوم هي الأخيرة لهذا العام، لم نخزن منها الكثير بسبب عدد من العوامل مثل الجفاف الذي أثر على كم الحليب ونوعه، أيضاً لم يكن موسم القمح أفضل حالاً وهذه هي مكوناته الأساسية».

الكشك المجفف قبل الطبخ

الطفلة "يسرا عبيد خضر" حفيدة "عنود" تقول: «أن أحب هذه الأكلة كثيراً وآتي إلى جدتي لتناولها، طعمها لذيذ ونحن لا نطبخها في البيت، لذلك كلما أردت تناولها أطلب من جدتي تحضيرها».

•الخاثر: هو الحليب بعد وضع الخثرة فيه وتجمده، وهو يختلف عن اللبن الذي يكون ناتج عملية لاستخراج الزبدة، يسمى عندنا "شنينة" وفي الداخل عيران.

الكشك وجبة اليوم الماطر

يذكر أن "عنود الأحمد" هي نفسها الفنانة التشكيلية التي كتب عنها موقع eHasakeh.