تُشكّل المياه الكبريتية جزءاً مهماً من مياه منطقة "رأس العين"، وكان مصدرها سابقا بعض الينابيع المنتشرة حول المدينة وأهمها "عين الكبريت" التي ذاع صيتها لفترة طويلة، حتى أصبح يجذب الناس من داخل المحافظة وخارجها، أما وقد نضبت اغلب الينابيع الكبريتية، فقد أصبح الاعتماد على "الآبار الكبريتية" التي لا تقلّ أهمية عن تلك الينابيع سواء من حيث جذب الزوار والسيّاح أو في توفيرها مياه الريّ للزراعة.

موقع "eHsakeh" بتاريخ 5/4/2011 قام بجولة على الينابيع والآبار الكبريتية في منطقة "رأس العين" والتقى بدايةً الفلاح "صالح الشيخ السالم" من قرية "السفح" المشهورة بآبارها الكبريتية فقال: «تجذب "الآبار الكبريتية" الموجودة هنا عشرات الزائرين يومياً ممن يأتون طلباً للعلاج أو للسياحة أو للاثنين معاً خاصة في مثل هذه الأوقات في فصل الربيع، حيث يأتي الناس مع عائلاتهم من مختلف الأماكن داخل المحافظة وخارجها يقضون هنا طوال نهارهم، ومياهها الدافئة تجذب الزائرين حتى في عزّ الشتاء ممن يأتون طلباً للعلاج».

أُصبت بمرضٍ جلدي مزمن وعلى الرغم من مراجعتي لعدة أطباء إلا أني لم ابرأ منه، وقد نصحني بعض الأصدقاء في مدينة "القامشلي" أن استحمم بمياه كبريتية عدة مرات، لذلك أقوم بزيارة إلى "رأس العين" كل أسبوع للاستحمام في هذه المياه

السيد "عمر فاضلو" 65 عاما من سكان مدينة "رأس العين" اخبرنا قائلاً: «كانت "مدينة رأس العين" فيما مضى تتمتع بشهرة كبيرة فيما يخص ينابيعها، ولم يكن ظهور الينابيع الجديدة في هذه المنطقة بين الفترة والأخرى أمراً غريباً، لكن في حوالي عام 1960 على بعد حوالي 5كم عن رأس العين ظهر نبع يتصاعد من مياهه البخار بدأ يتدفق من الأرض، كان ذلك هو "عين الكبريت" كما صار معروفا فيما بعد، مع مرور الوقت اتسعت فوهته وازدادت غزارته حتى أصبح النبع الصغير بحيرة يتدفق منها كميه هائلة من المياه، وكانت المياه تتدفق بقوة تجعلها تبدو وكأنها تغلي وتشكل مجرى متعرجا يصب في النهاية في نهر الخابور، حتى انه كان يقال إن النبع ليس له قرار وان مياهه الساخنة هي بداية لظهور بركان خطير، لذلك كنا نخشى الاقتراب منه في البداية».

المزارع "بدر الدين درويش" تحدث عن "نبع الكبريت" قائلاً: «يقع أهم الينابيع الكبريتية "عين الكبريت" في "رأس العين" إلى الجنوب من المدينة على بعد حوالي 5كم في مكانٍ رائع الجمال، وقد أصبح من أهم مصادر "المياه الكبريتية" في "سورية" والعالم، حيث بلغت غزارة تدفقه حوالي 400 متر مكعب/ثا وزاد من أهميته قربه من المواقع الأثرية المشهورة "تل حلف" و"تل الفخيرية" وقد أصبح يزدحم بالزوار من داخل الوطن وخارجه الذين كانوا يأتون طلبا للعلاج في مياهه والتمتع بجمال الطبيعة حوله بعدما لاقى بعض الاهتمام، لكن غزارة النبع بدأت تتراجع شيئاً فشيئاً حتى لم يبق منه سوى عين صغيرة يسيل منها قليل من المياه سرعان ما تغور في أعماق الأرض، وصار مصدر "المياه الكبريتية" في "رأس العين" هو "الآبار الكبريتية"».

السيد "توفيق محمد" من سكان مدينة "القامشلي" التقينا به قرب الآبار الكبريتية في قرية "سفح" فقال: «أُصبت بمرضٍ جلدي مزمن وعلى الرغم من مراجعتي لعدة أطباء إلا أني لم ابرأ منه، وقد نصحني بعض الأصدقاء في مدينة "القامشلي" أن استحمم بمياه كبريتية عدة مرات، لذلك أقوم بزيارة إلى "رأس العين" كل أسبوع للاستحمام في هذه المياه».

وعن فوائد مياه الينابيع الكبريتية في "رأس العين" يتحدث الصيدلي "آزاد محمد": «مما لا شك فيه أن المياه الكبريتية ذات فوائد طبية وخواص معينة تجعلها علاجاً فعالاً لكثير من الأمراض وخاصة الجلدية منها، فيؤكد الخبراء أن الاستحمام بالمياه الكبريتية الحرارية مناسبة لعلاج الجهاز العضلي الهيكلي والأمراض الروماتيزمية والجلدية، وترجع التأثيرات الملطفة والمسكنة للألم والمضادة للالتهابات إلى عدة عوامل أهمها دفء المياه الذي يزداد تأثيرها مع وجود "كبريت الهيروجين" حيث إن الاستحمام بالمياه الكبريتية الدافئة التي تخرج من الأرض حديثاً تعمل على استرخاء العضلات في كل أجزاء الجسم، وتصبح الأنسجة أكثر مرونة، كما أنها مفيدة للمرضى المصابين بأمراض المفاصل والعمود الفقري "الديسك" و"التهاب الفقرات الروماتويدي" وأمراض الالتهابات الروماتزمية وآلام العضلات إضافة إلى ذلك يفيد الحمام الكبريتي في علاج "الإكزيما" و"الالتهاب الجلدي والعصبي" و"الجرب" و"الصدفية" و"حب الشباب" و"النقرس" ويتم العلاج بالاستحمام في المياه الكبريتية عدة مرات خلال فترة معينة، ويفضل أن يكون الاستحمام بالمياه الجديدة أي التي تخرج من الأرض حديثاً حيث تكون لا تزال محافظة على كامل خواصها، وان يكون تركيز الكبريت فيها لا يقل عن 1غ في كل لتر ماء».