كثيرة هي الرموز التي ظهرت في الريف وانطلقت إلى المدينة حباً ولذّةً وحفاظاً عليها كخبز "الصاج"، والذي يفرض نفسه بقوة عند الولائم ليضفي متعة أكثر.

موقع eHasakeh تجوّل بين الريف والمدينة للتعرف على علاقة الأبناء مع "خبز الصاج"، وكان للسيد "عبد الرحيم أحمد" من مواطني المدينة كلمة عن هذا الخبز عندما قال: «نحن نأخذ هذا الخبز في العطل الرسمية حيث اجتماع العائلة جميعهم، وتناوله يعطي طعماً مميزاً يذكرنا بماضي الأجداد وكل ما قدموه وصنعوه فهو مفيد وحضاري، ونحمد الله بأنّ الخبز تنقّل إلى المدينة من خلال صنعه بشكل أكبر في المطاعم ليستطيع الجميع الحصول عليه، وهو دليل على أن تراث الماضي مهما كان بسيطاً لا يندثر».

منذ عامين تقريباً بدأنا بصنعه هنا، بسبب كثرة الطلبات عليه من الزبائن، وأكثر ما يرغبه الشخص مع أقراص الفلافل حيث يعطي نكهة مضاعفة، وعملية الصنع هي واحدة، ولكن في المطاعم تسخين الصاج من خلال الغاز، وليس بالحطب وما شابهه كما في الريف

أمّا السيد "علي صالح" فقد تحدث قائلاً: «نحن بالأساس خلقنا في الريف، وبحكم العمل انتقلنا إلى المدينة، ولكن لابدّ أن نتذكر حضارتنا وتراثنا الجميل، وإحدى الهدايا الرائعة التي عرفناها من خلال ريفنا الجميل خبز "الصاج"، فبين الفترة والأخرى نذهب لشرائه من المطاعم، أو تقوم إحدى السيدات الماهرات بصنعه في الدار، والخبز بحد ذاته يحوّل الأكلة إلى وليمة ممتعة مهما كانت متواضعة، والشيء الجميل هو وجود الخبز في جميع الأوقات حتّى في المساء، وعندما نأخذ هذا الخبز للعائلة تكون بمثابة الهدية».

عملية ترقيق العجين

وللسيد "صالح محمود" أحد أكبر رجالات قرية "قلعة الهادي" حديثه عن خبز "الصاج" عندما قال: «منذ أكثر من خمسين عاماً ونحن في هذه القرية، ومع نشوئها لم تكن هناك أفران آلية لتأمين الخبز، وكنّا نضطر لصنعه محلياً في الدار ولم نكن نحتاج إلا لصاجة ليتم تصنيع أحلى وأشهى خبز، ومنذ ذلك الوقت وحتّى تاريخه نرسل الخبز بين الحين والآخر لأهلنا في المدن، ولطلابنا في الجامعات، ولأصدقائنا في المحافظات الأخرى والذي يعتبر أغلى هدية، والآن كثرت الأفران في القرى ومع ذلك حافظ أبناؤها وسكانها على صنع هذا الخبز وخاصة عند الولائم، فأحياناً الزوّار هم من يطلبون ذلك الخبز مع ولائمهم».

السيد "محمد علي" صاحب أحد المطاعم في المدينة تحدّث عن صنع الخبز في المطعم قائلاً: «منذ عامين تقريباً بدأنا بصنعه هنا، بسبب كثرة الطلبات عليه من الزبائن، وأكثر ما يرغبه الشخص مع أقراص الفلافل حيث يعطي نكهة مضاعفة، وعملية الصنع هي واحدة، ولكن في المطاعم تسخين الصاج من خلال الغاز، وليس بالحطب وما شابهه كما في الريف».

مرحلة تسخين الخبز

أمّا كيفية تحويل الطحين إلى خبز "الصاج" فكان للموقع وبتاريخ 16/10/2011 زيارة لإحدى ربات المنازل في مدينة "القامشلي" السيدة "عائشة خليل" والتي لها باع طويل في صنع الخبز، خاصة عندما كانت في أحضان الريف ولسنوات كثيرة فبدأت حديثها بالقول التالي: «الخطة الأولى تتطلب منّا أن نبدأ بغربال الطحين بشكل جيد الذي سيتحول إلى عجين، لإزالة جميع الزوائد والشوائب التي قد تتواجد فيه، فالطحين الذي يكون لخبز "الصاج" يجب أن يكون نقيّاً بشكل جيد، وبعد ذلك نضيف كمية من الملح إلى الطحين حسب كميته، فمن دون الملح لا يتحول الطحين إلى عجين، ثم نبدأ بعجن الطحين جيداً ونرشّ الماء عليه بين الحين والآخر وخلال فترات العجن، وهذه العملية تحتاج إلى ما يقارب النصف ساعة، وعند ظهور فقاعات من الماء ضمن العجين ننتهي من عجنه وهو دليل جاهزيته، ومن ثمّ نقوم بتشكيل قطع من العجين على شكل دوائر صغيرة كي يكون الخبز رقيقاً».

وتتابع السيدة "عائشة خليل" عن صنع الخبز بالقول التالي: «ثمّ نضع تلك القطع من العجين على كمية من الطحين حتّى لا يلتصق باليد عند ترقيقه، وعندها نأتي بالصاجة، والتي تكون على شكل دائري ونضعها على ثلاث حجرات بحيث تكون متوازنة، ثمّ نشعل النيران التي تحتها حتّى تُسخّن جيداً، ونرقق قطع العجينة الواحدة تلو الأخرى ونضعها على الصاجة ونقلب العجين على الوجهين لمدة دقيقتين ويكون جاهزاً للأكل، ولكن يجب أن يكون بجانب الصاجة كمية من الماء لنثره على الصاجة ضمن كل فترة حتّى لا تزداد حرارتها بشكل زائد فيحترق الخبز، والذي يجب أن يكون أبيض لذيذاً ورقيقاً، ورائحته فقط كفيلة بفتح الشهية».