رغم أنها دكان صغيرة في القامشلي، إلا أن هذه المحمصة البسيطة منتجاتها تصل إلى بلاد الشمال الأوروبي، والسبب أن أبناء القامشلي المقيمين في تلك الدول يحرصون في كل زيارة على أخذ كمية لا بأس بها من "موالح القامشلي".

"eHasakeh" زار "محمصة "القامشلي" بتاريخ "13/12/2011" والتقى بعض الزبائن وتعرف أسباب اختيارهم لموالح "القامشلي" دون المحلات الأخرى؛ إذ يقول السيد "نزار عبدي": «منذ عشر سنوات وأنا أقصد هذا المحل؛ والسبب أن نكهة الموالح لم تتغير منذ ذلك التاريخ، أيضاً تجد أن كثير من أهالي "القامشلي" اعتادوا منذ أكثر من نصف قرن على الشراء من هذا الدكان الذي يعد الأقدم في بيع الموالح في المدينة».

الشهرة التي كسبها هذا المحل جعلته نقطة علام لباقي المحلات والأمكنة المجاورة حتى أصبح اسم الشارع الذي يتواجد فيه المحل يدعى "شارع موالح فريد" وهذه الحقيقة يدركها جميع أبناء "القامشلي" وريفها

أما السيدة "تولين إسحاق" فتقول: «في كل مناسبة وكلما تهيأت لي فرصة إرسال كمية من الموالح إلى أبنائي في "السويد" آتي إلى هذا المحل لانتقاء تشكيلة واسعة من الموالح، هناك العديد من محلات بيع الموالح في المدينة؛ لكن البضاعة هنا تُصنع محلياً».

السيد "جورج بسي"

وأما السيد "إلياس لحدو" فيقول: «الشهرة التي كسبها هذا المحل جعلته نقطة علام لباقي المحلات والأمكنة المجاورة حتى أصبح اسم الشارع الذي يتواجد فيه المحل يدعى "شارع موالح فريد" وهذه الحقيقة يدركها جميع أبناء "القامشلي" وريفها».

يقول السيد "جورج بسّي" صاحب المحل: «هناك أكثر من مئة صنف ونوع من الموالح التي نصنّعها في المَحْمصة الخاصة بالمحل ومن أهم هذه الأنواع؛ "البزر" بجميع أصنافه (القرع؛ الكوسا؛ الجبس؛ البطيخ؛ دوار الشمس) "القضامة" و"الفستق الحلبي" "اللوز" "البندق" وقمنا حالياً بإدخال بعض التعديلات في تجهيزها مثل "الفستق المدخّن؛ اللوز المدخّن" إضافة للـ"الكاجو والكاتشب المدخّن" كذلك "حلاوة جوزية؛ السجق والباستيق" وأدخلنا في السنوات الماضية المواد الصينية في صناعة الموالح مثل "التشكيلية الصينية؛ الطابات المحشية بالفستق؛ وفستق الكناكر الحاد والحلو».

"جورج بسي" و"نعيم حنا"

لم تكن أنواع الموالح التي ذكرها السيد "بسّي" متداولة في بدايات وجود المحل أي قبل خمسين عاماً؛ بل اقتصرت طلبات أهالي المدينة على أصنافٍ قليلة من "البزر" والتي أشار إليها "بسّي" بالقول: «في فترة الستينيات لم يكن هنالك سوى عدة أصنافٍ نتعامل معها في المحل وهي الأكثر رواجاً؛ فمثلاً "بزر الجبس" كان صنفٌ واحد فقط أما اليوم فتوجد عشرة أنواع، و"القضامة" أيضاً باتت لها أنواع وألوان مختلفة تتجاوز ستة أصناف؛ كذلك "دوار الشمس" و"الفستق" و"البندق"».

بداية هذا المحل كانت من "ماردين" بعدما حافَظَ أبناء "عبد المسيح" على مهنة والدهم عند قدومه إلى "سورية" وهنا يقول "جورج بسّي": «تعلّم والدي "عبد المسيح بسّي" مهنة تحميص الموالح في ولاية "ماردين" التركية وتابع نفس العمل حتى عند قدومه إلى "سورية" عام /1943/م حيث استقر في محافظة "الحسكة" وقد تعلّمتُ وإخوتي الكار على يديه؛ وفي عام /1970/م انتقلنا إلى "القامشلي" وافتتحنا محلاً خاصاً بتحميص الموالح تحت اسم "فريد" وهو اسم شقيقي الأكبر، ثم تعلّم باقي أشقائي واثنان من أبنائي المهنة وعملنا معاً في نفس المحل، والآن يوجد لدينا فرعٌ آخر في "كندا" بعد هجرة "فريد" وأحد أبنائي إلى هناك وبات اسم موالح "فريد" معروفاً حتى في تلك البلدان».

يكتظ المحل بأصناف الموالح

خلال فترة السبعينيات وعند مزاولة أبناء "بسّي" مهنتهم في المَحْمصة؛ كان سوق مدينة "القامشلي" مكوناً من محلاتٍ قديمة مبنية بطرقٍ بدائية؛ حيث يقول السيد "نعيم حنا" أقدم عامل في المحل: «أعمل هنا منذ ثلاثين سنة وقد كان المكان مبنياً من الطين مثل باقي المحلات المجاورة، عَمَلُنا كله كان محصوراً ضمن ذلك المحل من تحميص وتعبئة أكياس والبيع بالمفرق للزبائن؛ حينها لم تكن توجد محمصة في "القامشلي" سوى محمصة "فريد" ومع مرور الزمن تطورت المدينة وتوسع معها السوق وازدادت طلبات الزبائن؛ الأمر الذي دفعنا لتوسيع المحل وبنائه وفق نمطٍ حديث وفصل المحمصة عن صالة البيع لتكون الأمور أكثر يسراً بالنسبة لنا».

ويتابع عنه السيد "جورج" بالقول: «كانت المحمصة القديمة عبارة عن صاج يُرفع بواسطة ثلاثة حجارة ثم توقد النار تحته؛ ويتم إضافة الماء والملح إلى حبات البزر النّيّئ وبتأثير حرارة النار تتحول إلى بزرٍ مُحمّص، وقتها كان العمل يدوياً ومتعباً وبطيئاً إذ إن الإنتاج لم يكن يفي بطلب السوق، وبعد ظهور الآلات الكبيرة والمحامص الحديثة بات العمل أسرع من السابق وكميات الإنتاج أكثر وتصل إلى /2/ طن في اليوم الواحد كما تم الاستعانة بعدد إضافي من العمال الذين تجاوزوا العشرة بين محاسب وموزّع وعمال تحميص».

ويختم حديثه: «إنتاجنا يتوزع على جميع مدن ومناطق محافظة "الحسكة" وخلال سنوات سابقة قمنا بتصدير كميات من الموالح لدولٍ أوروبية مثل "ألمانيا، السويد، النمسا" لكن لم نستطع المتابعة؛ لأن حجم الإنتاج محدود ولا يُغطي إلا سوق المحافظة لذلك ركّزنا على التسويق المحلي، ومع ذلك هناك العديد من الجاليات العربية المقيمة في بعض الدول الأوروبية يقصدون موالح "فريد" عند زيارتهم لأرض الوطن وأثناء عودتهم يصطحبون معهم حاجتهم من الموالح».