تعود أولى المحاولات المسرحية في المالكية إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وذلك عن طريق محاولات فردية كانت تُقدم ضمن إطار الطقوس الدينية والحفلات الشعبية في مدرسة "الدجلة".

موقعeHasakeh جال في بيوت قدماء المسرحيين وعاد لكم بهذه اللقاءات، بدايتنا كانت مع السيد "كبرو صورو" الذي حدثنا قائلاً: « تُعتبر مدرسة "الدجلة" للسريان الأرثوذكس من أقدم مدارس المحافظة وكانت تُعتبر من المدارس التي ساهمت بنشر الثقافة في المدينة، وفي باحتها الصغيرة بدأت أولى المحاولات المسرحية خلال الأعياد الدينية والحفلات الشعبية وكان يشرف عليها ويديرها السيد "مراد بولص ايليا"، حتى جاءت أولى المحاولات لتقديم مسرحية في العام 1947 وذلك على إثر جلاء الفرنسيين وقيامهم بأخذ قسم من أبناء المدينة معهم للهجرة إلى "فرنسا" عن طريق "بيروت"، وقيام السلطات الدينية والسياسية آنذاك بإعادتهم، فقام حينها المرحوم "عبد الأحد إيليا" بإخراج نص مسرحي حمل عنوان "عودة الابن الضال" يدعو فيها الرجوع إلى الوطن وعدم تركه، شارك فيه كل من "مراد إيليا– يوسف القس– جورج رزقو– يعقوب صلبي– كوركيس كنة– كوركيس بيري"، وفي العام 1957 قام شباب المالكية بتأسيس "نادي المالكية الرياضي الثقافي الاجتماعي" وشكلوا فرقة مسرحية باسم "شباب ديريك" قدمت أول عروضها في أيار 1957 بعنوان "في سبيل التاج" في باحة مدرسة "الدجلة" وخصص ريعها لدعم النادي».

كانت السمة العامة للأعمال المسرحية وقتها هي الروح الوطنية والبطولة مع بعض المسرحيات الدينية، وكانت معظم تلك المسرحيات تُقدم في باحة مدرسة "الدجلة" على مسرح خشبي بدائي، وكانت الأعمال لا تشهد مشاركة أنثوية ما أضطر بعض الممثلين لأخذ أدوار أنثوية وكانت هذه الأعمال تشهد حضوراً جماهيرياً حاشداً

ويختتم "صورو" بالقول: «كانت السمة العامة للأعمال المسرحية وقتها هي الروح الوطنية والبطولة مع بعض المسرحيات الدينية، وكانت معظم تلك المسرحيات تُقدم في باحة مدرسة "الدجلة" على مسرح خشبي بدائي، وكانت الأعمال لا تشهد مشاركة أنثوية ما أضطر بعض الممثلين لأخذ أدوار أنثوية وكانت هذه الأعمال تشهد حضوراً جماهيرياً حاشداً».

ملصق مسرحية"في سبيل التاج"

ولمعرفة المزيد كانت لنا وقفة مع المسرحي "أندريه إيليا" الذي قال: «عام 1958 شهد تقديم مسرحية حملت "هدية السماء" ألفها وأخرجها المرحوم "لحدو اسحق" ومسرحية "صلاح الدين الأيوبي" ومسرحية "سمير أميس"، وكان من أبرز ممثلي تلك الفترة "شكري حنا- حنا شيعا- شمعون إسحق- ببو الخياط"، بينما كان كل من "أفرام عبد النور- منصور سليمان" يتوليان إعداد النصوص المسرحية، ومن ثم شهدت الحركة المسرحية سباتاً بسبب قلة الكوادر الفنية والإمكانيات المادية وقلة التشجيع والظروف السياسية آنذاك وشهد العام 1963 عودة الحركة المسرحية للانتعاش بسبب إنشاء "المركز الثقافي العربي بالمالكية " بإدارة المرحوم "لحدو اسحق" الذي كان من المهتمين بالمسرح حيث شكل مع رفاقه فرقة مسرحية أسموها فرقة "أصدقاء المركز"، حيث كانوا يخرجون ويؤلفون ويمثلون المسرحيات التي كانوا يقدمونها على خشبة مسرح المركز وفي سينما "الدجلة"، وقد ساهموا من خلال نشاطهم الكبير في دعم الحركة المسرحية في المحافظة عبر تقديم عدد كبير من الأعمال التي جالوا بها على مسارح " المالكية – رميلان – كراتشوك – القامشلي"، حيث كان من أهم أعمال تلك الفترة مسرحية "مفاجأة الحفلة "عام 1964 من تمثيل " محمود عمر -افرام يعقوب - لطيف ملكي - شكري صومي - حبش سليمان - افرام كوركيس - شكري رزقو"».

ويختتم "إيليا" بالقول: «عادت الحركة المسرحية مجدداً للتوقف حتى العام 1969 حينما قام الفنان "فريد إيليا" الذي كان يخرج المسرحيات آنذاك بإحياء فرقة"أصدقاء المركز الثقافي" حيث قدمت مسرحيات من أهمها "دم وتراب - مطعم البيكاوات- دماء على الدرب"، وشهدت تلك الفترة دخول العنصر النسائي بقوة في الأعمال المسرحية وكان من أبرز الممثلين على سبيل المثال لاالحصر " سمير عيدو – صاموئيل منصور – سعد الله إبراهيم – كبرو يعقوب – حنا صليبا – سمير منيرجي – ادوار خوكاز – مصدق خليل –زهير كيراكوسيان – محمد طه– سليم يونان – جمال قاسم – سعيد كوكي– علي قنوع – أديب كوركيس - جاك ايليا - شمعون صليبا ومن الوجوه النسائية " سعاد يعقوب – مارين نور الدين – سميرة عيسى – أديبة افرام –فكتوريا مرقص"، وقد شاركت حينها بمسرحية "اللحاد" في مهرجان الشبيبة وحصلت على جائزة أفضل ممثل، ولكن العلامة المميزة في تلك الفترة هو الفنان القدير "زهير ايليا" خريج المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وقد كانت له تجارب مرموقة في المسرح التجريبي في "القاهرة" ومختلف الدول العربية والأوروبية حتى وصل إلى ان يكون واحد من ابرز ممثلي المسرح التجربيي الألماني كممثل في احد أشهر فرقها، وكذلك الفنان "وديع عمسيح" الذي يعتبر حاليا من الوجوه المسرحية المعروفة في "السويد"».

الفنان" اندريه ايليا" خلال احدى المسرحيات

وللمخرج والفنان "جاك يوسف" إضافته في هذا المجال حيث يقول: «الفترة الذهبية للمسرح بدأت بين عام 1974- 1982 من خلال إخراج العديد من المسرحيات كان منها "إلى متى يا رفيقي- رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة"، وقد كان من أسباب هذه النهضة الفنية قدوم فرق مسرحية من خارج المحافظة مثل فيها أبرز ممثلي المسرح السوري من قبيل "محمود جبر- سعد الدين بقدونس"، واستقبلت خشبة سينما "الدجلة" عروض مسرحية من "مصر" كما كان للمسرح الشبيبي تأثيره البالغ على دفع العمل المسرحي عبر المخرج "عصام المانع" وقد شهدت تلك الفترة ممثلين بارزين منهم " فؤاد افرام – بهنان اسطيفو – زهير كبرو – جوزيف زيتون – توما بيطار –افرام دنحو – جرجيس حنا – يعقوب ببي – حنا عامو صليبا – سيروب ماتيروس – كابي لحدو – نبيل شمعون –شوكت توما – ابراهيم كوركيس كميل نعنو ومن الوجوه النسائية سيلفا سيروب – نورا حكيم – مادلين بوغوص – هيام عيدو –سلوى شمعون"، ومن ثم شهدت الحركة المسرحية جموداً تاماً دام حتى مطلع التسعينات بسبب الهجرة وابتعاد الناس عن المسرح بسبب ظهور التلفزيون ».

ويتابع "يوسف": «أتاحت لي دراستي الجامعية فرصة العمل مع قامات إخراجية مسرحية من قبيل "فواز الساجر ومانويل جيجي وطلال الحجلي وسمير الحكيم" وممثلين من قبيل "غسان مسعود وماهر صليبي وحسن دكاك"، وعند عودتي حاولت نقل تجربتي وخبرتي في مجال المسرح الجامعي من خلال التوجه نحو المدارس عبر المسرح المدرسي والنشاط الشبيبي حيث قدمنا مجموعة أعمال منها "فوق المستطيل وقع حادث- أوديب والوحش - لعبة السلطان والوزير- استعد- ثلاثة أحزان"، كما كانت لنا مشاركات في مسابقات المسرح الشبيبي حيث نلنا جوائز متعددة تنوعت ما بين الأداء والإخراج والديكور، وقد كنت في تلك الفترة أتولى التمثيل والإخراج وتصميم الديكور، وقد شهدت فترة التسعينيات مجموعة ممثلين منهم " حنا عبد الأحد – كابي عبد الأحد – فراس داؤود – أسامة أبلحد – باسل وديع – شربل بيطار – كبرئيل حنا – أمل نعيم – شربل صليبا – لويس نعيم – موريس داؤود – جاك عبدي"، ولكن أبرزهم كان الممثل المتميز "متى سارة" وبكل الأسف عاد المسرح ثانية ليدخل مرحلة السبات المستمرة حتى يومنا هذا، نتيجة جملة من الظروف منها الهجرة المتواصلة ونزف الكوادر المستمر».

الفنانين"جاك ايليا ومتى سارة"