لم يبقَ سوى أيام معدودة وينتهي فلاحو قرية "فاحل" من حصاد محصول القمح والشعير الذي تنتشر زراعته في القسم الشرقي والشمالي الشرقي من القرية المسمى"ايدوري"، وعلى الرغم من دخول المكنننة الزراعية إلى هذه الزراعة من جرارات زراعية ودراسات آلية إلا أن عمل الفلاح يبقى هو الأساس في إنجاز هذه الأعمال، خاصةً في الحصاد الذي ينجز بكامله بالاعتماد على اليد العاملة وبأدوات بدائية مثل "المنجل" لصعوبة دخول الحصادات إلى هذه المنطقة لوعورة طرقها الزراعية، كذلك الأمر بالنسبة لعملية درس الزرع والتي تعتمد على ساعد الفلاح في تقديم الزرع إلى فم الدراسة باستخدام "المذراة".

وفي هذه العملية يتم فصل القمح والشعير عن التبن ولانستطيع أن نتجاهل الأعمال الأخرى التي يقوم بها الفلاح خلال العام من فلاحة وبذار ورش الأسمدة والتعشيب بين الزرع ووضع السموم للفئران التي إذا تكاثرت كالعام /2008/م فإنها تقضي على الموسم. موقع eHoms زار الفلاحين في حقولهم أثناء عملية درس المحصول والتقى المزارع"عبد الحليم بدور" الذي قال له: «تمر زراعة القمح والشعير بعدة مراحل فبعد فلاحة الأرض الفلاحة الأولى نعمل على رش البذار وفي هذه الفترة تكون درجات الحرارة تحت الصفر حتى أن الفلاح لايستطيع أن يطبق يده بالكامل على البذار، ثم تأتي الفلاحة الثانية لطمر البذار، وبعد أن تنبت البذور بحوالي شهر أو شهرين نعمل على رش الأسمدة الزراعية ولا نتوقف عند ذلك فالأعشاب الضارة التي تنبت بين الزرع يجب قلعها بشكل مستمر ولابد من متابعة أوكار الفئران في الحقل بشكل مستمر وخلال فترات تتراوح من /10-15يوم/ حيث نعمل على وضع السموم في لفافات ورق صغيرة مخلوطة مع الحبوب ونضعها في باب الوكر ثم نعمل على إغلاقه بحجر صغيرة حتى لا تأكله الأغنام التي ترعى بعد الانتهاء من جني المحصول».

المحصول هذا العام كان جيد مقارنةً بالأعوام الماضية فتنكة القمح وزن/16كغ/ كانت في عام /2008/م تنتج "شوال ميل أحمر" يبلغ وزنه /80كغ قمح/ و/2-3شل تبن/ والشَل يبلغ وزنه من/60-65كغ/ أما في هذا العام /2009/م فقد أنتجت التنكة حوالي الشوال وربع من/110-120كغ قمح/ و/5شلول تبن/

مضيفاً: «يتمثل التعب الحقيقي للفلاح في مرحلتي الحصاد ودرس الحبوب حيث تكون الحرارة في شهري (أيار-حزيران) مرتفعة ولا يجد في هذا القسم من "ايدوري" شجرة نستظل بها فهي تزرع منذ زمن بعيد بالقمح والشعير، لذلك وتلافياً لحرارة النهار نستيقظ في الساعة الثالثة والنصف صباحاً ونبتدئ الحصاد في الرابعة صباحاً وبذلك نعمل حوالي الساعة دون أن نرى شئ حتى يطلع النور ولانتوقف عن الحصاد إلا في الساعة (11صباحاً)، ثم نعمل على "تغمير" الزرع الذي قمنا بحصده أي (تجميعه على شكل طبقات)، وبعد الانتهاء من الحصاد نعمل على "رجده" إما على الجرارات أو على ظهر الدواب أي (نقله إلى أماكن تستطيع الدراسة الآلية الوصول إليه وعلى الأغلب يقوم الفلاحين بتجميع الزرع بجوار بعضهم البعض في بيدر واسع)، ثم يأتي بعد ذلك مرحلة الدريس وتعبئة التبن ونقل المحصول إلى القرية ونحن في هذه الأعمال وخاصةً الحصاد والدريس نعتمد على مساعدة أقاربنا وأصدقائنا لأنها تحتاج إلى مجهود كبير وتكلفة تثقل كاهل الفلاح».

المزارع عبد الحليم بدور

كما التقينا المزارع"محمد طعمه" الذي حدثنا عن محصول هذا العام بالقول: «المحصول هذا العام كان جيد مقارنةً بالأعوام الماضية فتنكة القمح وزن/16كغ/ كانت في عام /2008/م تنتج "شوال ميل أحمر" يبلغ وزنه /80كغ قمح/ و/2-3شل تبن/ والشَل يبلغ وزنه من/60-65كغ/ أما في هذا العام /2009/م فقد أنتجت التنكة حوالي الشوال وربع من/110-120كغ قمح/ و/5شلول تبن/».

ويتابع"طعمه" : «زرعت هذا العام /20تنكة قمح/ و/5تنكات شعير/ وكان محصولي من هذه الزراعة /25شوال قمح/ و/100شَل تبن/، وفي العام الماضي /2008/م لم نحصل على هذه الكمية ولاحتى في السنوات التي قبلها لأن كمية الأمطار لم تكن كافية فزراعة القمح والشعير في القرية بعلية وترتبط بكمية الأمطار، كذلك فإن فأر الحقل في عام /2008/م قضى على قسم كبير من موسم القمح والشعير لدى فلاحي القرية ودون أن تجدي السموم التي تقوم الإرشادية بتزويدنا بها نفعاً!!!؟؟».

المزارع محمد طعمه

وبحسبة بسيطة يقدم لنا المزارع "محمد" تكلفة الفلاح لزراعة /16كغ/ من القمح ويقول: «نحن كفلاحين نسعى إلى أن نقوم بكل الأعمال بأيدينا من بذار ورش الأسمدة إلى أعمال التعشيب والحصاد والرجيد والدريس وتعبئة التبن حتى نبقي لأنفسنا هامش من الربح على حساب أجسادنا، فزراعة تنكة واحدة وزن/16كغ/ من القمح تحتاج إلى /25دقيقة/ فلاحة بسعر/ 300 ل. س/ و/175ل.س/ أسمدة وتحتاج لحصادها لو اعتبرنا الفلاح عامل إلى /800ل.س/ أجرة عاملين ونقل إلى/400ل س/ ودرسها يأخذ من الوقت ثلاث أرباع الساعة بسعر/400 ل. س/ وأجرة نقل المحصول إلى القرية يكلف/125ل.س/ إذا علمنا أن المنتج سيكون شوال/150كغ قمح/ و/5شلول تبن/، وهكذا فإن التكلفة تكون /2425ل.س/ لزراعة /16كغ قمح/، ولو علمنا أن الكيلو الواحد من القمح سعره /20ل س/ وكيلو التبن سعره /4ل س/ واصل إلى القرية وبذلك يكون ثمن الناتج /3960ل س/ وبقسمة ثمن الناتج على التكلفة فإن الربح الصافي يكون /1535ل.س/ وهي في الحقيقة لا تساوي حجم التعب على مدى /8 أشهر/».

قسم كبير من الفلاحين تحول منذ بداية /2003م/ إلى زراعة التين والزيتون والكرمة بدلاً من زراعة القمح والشعير في هذا القسم من القرية الذي كان فيما مضى يزرع كاملاً بالحبوب، وعن ذلك يقول المزارع "نديم خليل" صاحب دراسة آلية: «أعمل على الدراسة منذ /10أعوام/ وكان الفلاحين في السنوات الماضية يزرعون أكثر من هذه الأيام والسبب في ذلك هو أن زراعة القمح والشعير لازالت تعتمد على العمل اليدوي والجهد العضلي في أكثر مراحلها أهمية وهي الحصاد والدريس اللذان ينجزان في ظروف صعبة تجتمع فيها الحرارة المرتفعة والغبار المتصاعد خاصةً أثناء درس المحصول,كذلك فإن وعورة الطرق الزراعية وارتفاع تكاليف النقل والفلاحة والدر يس والأسمدة على الفلاح وعدم القدرة على استخدام الحصادات الآلية كون هذه الأراضي ليست سهلية ومستصلحة كل هذه الأمور جعلت الفلاحين يحجمون عن زراعة هذا المحصول الهام والتحول إلى زراعات أخرى تحتاج إلى جهد أقل كزراعة الزيتون والتين والكرمة».

المزارع نديم خليل

"مضيفاً": «نستمر في الدريس حوالي الشهر تقريباً وفي اليوم الواحد أدرس بمعدل/13ساعة/، وفيما مضى كنا نستمر بالدريس أكثر من شهر لأن الزراعة كانت أكثف وكذلك فالدراسات القديمة كانت بطيئة وما تنجزه الدراسة الآن بساعة تحتاج الدراسة القديمة إلى ثلاث ساعات لإنجازه، كذلك فالدراسة القديمة كانت تحتاج إلى طاقم يتكون من /7-8/ أشخاص لأنها مرتفعة عن الأرض حيث يبلغ ارتفاعها /3م/ أما الحالية فلا يتجاوز ارتفاعها/1م/ وطاقمها يتكون من /4/أشخاص».

ويرى "خليل" أن الفلاح هنا منسي والاعتماد الأكبر يكون على فلاحي المناطق الشرقية اللذين لايتكبدون نصف شقاء وتكلفة الفلاح هنا، ولو تم تهيئة هذه الأراضي والطرق بشكل جيد لدخول الحصادات الآلية وخفضت التكلفة لما تحول الفلاح عن زراعة القمح والشعير.

الجدير ذكره أن محصول القمح يتم تسويقه فقط ضمن القرية والقليل منه يتم تحويله إلى الصوامع وهو يكفي حاجة القرية ويتم بيعه إما على شكل برغل جاهز للإستهلاك أو على شكل قمح مغربل أي (منظف من الحصى والأعواد التي تخرج مع القمح أثناء الدريس)، أما الشعير والتبن فيتم بيعه إلى أصحاب مداجن الأبقار والعجول ويبقي الفلاح قسم منه لحيواناته.