إذا كانت الساعة الجديدة هي من أشهر معالم مدينة "حمص"، فإن "آل كيشي" هم أشهر "ساعاتيّة" في هذه المدينة، وقد ارتبط اسم الساعة القديمة (أول ساعة عامة بالمدينة)، بهذه العائلة التي تقوم بتصليح الساعات منذ أكثر من مئة عام، وقام أبناؤها بتنفيذ وتصليح معظم الساعات الموزعة بين جامعة "البعث" والساحات العامة في "حمص".

ولمعرفة المزيد عن هذه العائلة موقع eHoms التقى السيد "توفيق كيشي" (أبو زاهر)، أحد الأحفاد الذين لا زالوا يعملون بهذه المهنة في محل بحي "الحميدية" إحياءً لمصلحة الآباء والأجداد والذي تحدث بداية عن تاريخ العائلة بهذه المهنة فقال: «في أوائل القرن العشرين كانت ساعات الجيب أو اليد السويسرية منتشرة بكثرة بين الناس وكانت تأتي إلينا من "بيروت"، وعندما يصيب إحداها عطل ما، لا تجد من يصلحها هنا فيضطر صاحبها لإرسالها إلى "بيروت"، فكان أول من صلح الساعات من الحماصنة الشيخ "محمود كيشي" وكان نجاراً تعلم المهنة عن ساعاتي تركي، وبدأ بتصليح ساعات أخوته ورفاقه، ثم صار يصنع قطع غيار بنفسه وكان ذلك عام /1908/م وامتهن هذه المهنة ليعتاش منها، لكنه عاش فقيراً وكانت هذه الصنعة مضنية لأنه كان يبذل جهدا في صناعة القطع الدقيقة».

عندما صنّعت الساعة القديمة بـ"حمص"، لم يكن هناك ساعاتي سوى جدي فصار يقوم بتصليحها عندما تتعطل، وبعد وفاته أصبح أبناؤه مسؤولين عنها

ويشير المؤرخان "فيصل شيخاني" و "طارق كاخيا"، في كتابهما /تاريخ حمص/، أن الشيخ "محمود" تحول إلى إصلاح الأسلحة وتصنيعها بترخيص من الحكومة، ثم اتجه لصنع الموازين الدقيقة وإصلاحها بنفس الأسلوب المتبع في الساعات، وكذلك عمل ابنا الشيخ "محمود" "عبد الوهاب" و"عبد الهادي" في مهنة إصلاح الساعات وكان لديهم محل في شارع "باب هود" حتى قبيل الحرب العالمية الأولى. إضافة لعملهم بتصليح الساعات عمل بعض أبناء "كيشي" بتصليح السيارات بعد دخول سيارات السياح إلى المدينة وذلك بفضل مهاراتهم بتصليح الساعات.

الساعة القديمة قبل أكثر من 50 عاما

وفي العودة إلى الحاج "توفيق" ابن المرحوم "عبد الهادي" ،الذي حدثنا عن جده "عبد الله كيشي" أشهر ساعاتي عرفته "حمص" والذي توفي قبل عامين وكان المسؤول عن تصليح الساعة القديمة فقال: «عندما صنّعت الساعة القديمة بـ"حمص"، لم يكن هناك ساعاتي سوى جدي فصار يقوم بتصليحها عندما تتعطل، وبعد وفاته أصبح أبناؤه مسؤولين عنها»، ويذكر السيد" محمود" أن العمل فيها كان ممتعا جداً رغم أنه صعب ويحتاج لأدوات جداً دقيقة لكن طباعة اسم المرحوم "عبد الله كيشي" عليها ساهم أيضا في انتشار اسم العائلة التي كانت تاريخياً أول عائلة بـ"حمص" تعمل بتصليح الساعات.

في هذا العصر تراجعت هذه المهنة كثيراً ويتحدث السيد "توفيق" عن هذا الموضوع فيقول: «بكل تأكيد شهدت مصلحتنا تراجعاً كبيراً في السنوات العشر الأخيرة، الناس بدأت تتعرف على الوقت من الخليوي وقلّ نوعا ما استخدام ساعة اليد وصارت نوعاً من أنواع الزينة مع الإبقاء على بعض أنواع ساعات الحائط والساعات والمكتبية، بعض أنواع الساعات الشهيرة لازال لها زبائنها»، لكن السيد "محمود" يقول أنه مستمر بالمهنة حتى لو تراجعت لأنها مهنة الآباء والأجداد .

السيد توفيق كيشي أبو زهير
شعر كتب عام 1313 هجري بخصوص تصليح الساعات