يسميه الأقدمون بالشراب الشافي كترياق لكلّ الأمراض، حمله "الصليبيون" معهم من "دمشق" بلده الأم إلى أوربا، يدخل الآن في تركيب مستحضرات التجميل وبالأخص أقنعة الوجه الليلية وفي أدوية مضادة للسعال والإسهال. أمّا في "الشام" ويقصد بها سورية كاملة لم يستطع أهلها أن يستغنوا عنه كشراب رئيسي في الأفراح والمناسبات وفي ليالي الصيف الحارة وحتى في الشتاء.

شراب الورد" والأخص منه الشراب المصنع من وردة "الجوري" شراب منعش وعنه تحدّث السيد "محسن عباس" الذي يعمل في تجارة "الورد" الخاص بصناعة الشراب منذ عشرين عاماً، لـ eHoms بالقول: «يعتبر شراب "الورد" من التراث السوري، لا ينفصل عنه خاصّة في أجواء السهرات وليالي الصيف في الحارات الشعبية، ولكنّه تراجع في هذا الزمن لانتشار مشروبات عديدة وأهمّها المياه الغازية وأصناف العصائر الأخرى، إضافة إلى عامل مهم في عدم طلبه كثيراً وهو غلاء المواد، فشراب "الورد" يحتاج إلى كميات كبيرة من "السكر" وإلى -الغلي على النار- لمدّة طويلة تتراوح بين الثلاث والأربع ساعات وهذا بدوره يستهلك كمية "غاز" كبيرة قد لا تتحملها نفقات الكثيرين، والسبب النهائي يعود إلى التخفيف من زراعة "الورد" الجوري" وقلّة تسويقه».

اعتدت صناعة شراب "الورد" منذ حوالي ثمان سنوات وأنا لا أشتريه بحكم أنني أسكن في الريف وكلّ بيت في القرية يزرع "الورد" بشكل أساسي وهو على الرغم من سهولة صنعه وعدم احتياجه لكثير من المواد إلّا أنّه يحتاج لوقت طويل

يزرع "الورد الجوري" في أماكن عديدة ولكنّه كغيره من المزروعات تشتهر بها مناطق وقرى، ويضيف: «يأتينا "الورد" إلى "حمص" من قرى شرقي "حمص" أشهرها "النزهة"، "العاليات"، "جديدة" وأخرى غربي "حمص" مثل "الحصن" وتزرع في مساكب قرب المنازل أو مزارع صغيرة، على خلاف مدينة "حلب" المشهورة ببساتين خاصّة بزراعة "الورد" الذي يكون له مواسم أيضاً تتالى كلّ ثلاث أو أربع أشهر والمواسم الأكثر إنتاجاً تأتي مابين العاشر من نيسان والعاشر من أيلول، أمّا الطلب والبيع فيتمّ حسب التوصية، أي على طلب الزبون –بالكيلو غرام الواحد- لأنّه -الورد- يذبل بسرعة وبتأثير طبيعة الجو وهذا بدوره يؤثر على نكهة الشراب ومذاقه».

مرحلة قطف أوراق وبتلات "الورد الجوري"

يُعتبر "الجوري" ذو اللون الزهري أكثر ما يستخدم في صناعة الشراب أمّا الأحمر الغامق منه فهو الأفضل لكنّه الأندر، والذي يوفر على من يصنع الشراب إضافة الصباغ الاصطناعي فكيف يصنع شراب "الورد"؟

تقول السيدة "هيفاء منصور" وهي تصنع شراب الورد بشكل سنوي لموسم الصيف: «اعتدت صناعة شراب "الورد" منذ حوالي ثمان سنوات وأنا لا أشتريه بحكم أنني أسكن في الريف وكلّ بيت في القرية يزرع "الورد" بشكل أساسي وهو على الرغم من سهولة صنعه وعدم احتياجه لكثير من المواد إلّا أنّه يحتاج لوقت طويل». أمّا عن طريقة صنعه فتضيف: «يستخدم في الشراب أوراق الوردة –البتلات- والبعض من الناس يستعمل الوردة كاملة مع الكأس الأخضر لضمان حفظ النكهة بشكل أكبر ولكنّ الأفضل هو فرط أوراق الوردة، غسلها بالماء ونقعها قليلاً ثمّ يوضع على النار في قدر كبير حتّى يغلي ويتحول لون الأوراق من الزهري إلى الأبيض، ليصفى الورق من الماء بعد أن يبرد ويُستخدم الماء المستخرج في صناعة الشراب، حيث يُغلى من جديد بعد إضافة السكر إليه وعصير "الليمون" بمقادير معينة، ويتحول الماء إلى سائل لزج يشبه "دبس العنب" عندها يضاف إليه عطر خاصّ يوجد لدى العطارين والبعض يضيف أيضاً صباغ بلون أحمر». يعبأ شراب "الورد" بأوعية زجاجية حصراً لضمان جودته وعدم تلفه كما ذكرت السيدة "هيفاء".

غلي أوراق "الورد الجوري"

الجدير بالذكر أنّ العديد من الناس يستخدمون ورق "الورد" المتبقي لصناعة "مربى الورد" إضافة إلى استخلاص الزيت الطبي المستخدم في العطور، ومستحضرات تحسّن نكهة الفم وعلاج "حبّ الشباب" والتئام الرضوض والجروح ويستخدم أيضاً عند حلّه لصنع كمادات للعينين لاحتوائه على 300 مكون كيميائي لم يُعرف منها إلى الآن سوى 100 فقط وفيتامينات عديدة منها (ب، ج، ك)، إضافة إلى ذلك فقد استخدم شراب "الورد" كبديل "للشمبانيا" في آخر سباقات "الفورميلا واحد" المقامة في البحرين لكي يكون للسباق نكهة عربية خاصّة ومميزة.

شراب الورد جاهزا ويتم تعبأته