أصبح الاحتفال به أحد الطقوس التي تميز المدينة لكل من يمر بأسواقها في هذه الأوقات بالتحديد، حيث أنك ستجد قواميع الحلاوة الخبزية بألوانها الحمراء والبيضاء وتهافت الناس على شراء البعض منها، فقد حول بعض التجار حوانيتهم بالكامل لبيع هذا الصنف من الحلاوات وغيره من الأصناف الأخرى كا"البشمينة"، و"السمسمية"،... وتجاوزوا حدود الدكان فوصلوا إلى نصف الطريق بمعروضاتهم وبقولهم المعتاد (الله يرحم الأموات كانوا يحبو الحلاوات) .. لما لا فهو الموسم المنتظر وهو المؤشر بأن الخميس الذي يليه هو "خميس المشايخ" الذي يحتفل فيه المسلمون بطقوس خاصة ويكون المسيحيون الشرقيون يحتفلون في نفس الوقت بخميس الجسد.

و"خميس الحلاوات" هو أحد الخميسات أو (الخمسانات) السبعة كما يسميها البعض من الحمصيين، التي كان يحتفل فيها المسلمون في "حمص" بشكل كبير، لكن أغلبها لم يعد موجوداً إلا في ذاكرة الأجداد وأحاديثهم الجميلة، وفي ما تم تأريخه عن مدينة "حمص" وأعيادها.

منذ أن كنت طفلاً وأنا أعرف يوماً يسمى بخميس الحلاوات في "حمص"، وكانت زيارة المقابر في هذا اليوم مقترنة مع شراء أهلي للحلوى اللذيذة التي يأخذونها معهم، فكانوا- ومازالوا- يجولون بأعواد الريحان والآس على قبور أقرباءهم المتوفين موزعين الحلوى على الموجودين هناك من الزوار وذلك في كل عيد الحلاوات، لكن السبب تماما لهذه المناسبة لا أعرفه

ويرتبط توقيت أول هذه الخميسات حكماًً (باثـنين الراهب) أي ببدء الصوم الكبير عند المسيحيين الذين يتبعون التقويم الشرقي بحيث يكون آخرها "خميس المشايخ". لكن وكما هو معروف فإن توقيت عيد الفصح الشرقي متحوِّل يتغير من سنة إلى سنة وبالتالي تتغير مواعيد هذه الخميسات كل سنة حسب تحديد بدأ الصيام. والخميسات السبعة هي: "خميس التايه" أو (الضايع)- "خميس الشعنونة"- "خميس المجنونة"- "خميس القطاط" أو (القطط)- "خميس النبات"- "خميس الأموات" (الحلاوات)- "خميس المشايخ" أو "خميس البيض".

موقع eHoms التقى الحاج "مصطفى المصري" الذي يملك متجراًً لبيع الحلاوة في إحدى أسواق "حمص" القديمة وعن سبب تسميته "خميس الأموات" أو "خميس الحلاوات" أوضح الحاج "المصري" أنه يذكر أن عدد كبير من النساء في "حمص" كن يخرجن بعد ظهر يوم "خميس الحلاوات" إلى المقابر لزيارة أمواتهن والترحم عليهم وكن أثناءها يوزعن ما يحملنه من الأصناف المشكلة من هذه الحلاوات على الفقراء وعلى قراء القرآن، كما يُقال أن بائعوا الحلاوة من أجل بيعها وجذب أكبر عدد من الزبائن كانوا ينادون بصوت مرتفع "الله يرحم الأموات، كانو يحبوا الحلاوات"».

كما التقينا السيد "عبد الخالق" صاحب محل حلويات في السوق الحمصي المسقوف، الذي حدثنا عن ذكريات هذا الخميس في ذاكرته بالقول: «منذ أن كنت طفلاً وأنا أعرف يوماً يسمى بخميس الحلاوات في "حمص"، وكانت زيارة المقابر في هذا اليوم مقترنة مع شراء أهلي للحلوى اللذيذة التي يأخذونها معهم، فكانوا- ومازالوا- يجولون بأعواد الريحان والآس على قبور أقرباءهم المتوفين موزعين الحلوى على الموجودين هناك من الزوار وذلك في كل عيد الحلاوات، لكن السبب تماما لهذه المناسبة لا أعرفه».

السيد "مصطفى طليمات" حاج كبير في السن التقيناه يشتري الحلاوة فبادرنا لسؤاله عن سبب هذا العيد الحمصي حصراً، فقال: «في قديم الزمان دبّ خلاف عميق بين كبار رجالات "حمص" ووصلت الأزمة إلى درجة الاقتتال فيما بينهم، فتدخلت مشايخ وكبار رجالات المدينة وعقدوا اتفاقا في منطقة "بابا عمرو" قضت على فتيل الأزمة وحل السلم بين أفراد المدينة وتم توزيّع الحلويات على جميع أفراد المدينة على إثرها، وكان ذلك في شهر نيسان وكان يوم خميس، وهكذا ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن يحتفل أبناء مدينة "حمص" بـ"خميس الحلاوات" سنويا ًحتى أصبح من التقاليد السنوية للمدينة وأعرافها.

إذاً من يود أن يعيش أجواء "خميس الحلاوات" الحمصي الفريد، ما عليه إلأ أن يذهب إلى "حمص" ليستمتع بمناظر القبب الملونة المصنوعة من الحلاوات الخبزية باللونين الحمر والأبيض، فحتى لو رأيت مثل هذا النوع من الحلوى في محافظة أخرى، فإنك لن تنسى أنها حلاوة حمصية.