صناعة أطباق القش حرفة يدوية تراثية عريقة عُرفت في مختلف مناطق محافظة "إدلب" وفي الريف بشكل خاص بسبب وجود موادها الأولية والخبرة بصناعتها، والحاجة اليومية إليها، حتى غدت في كل بيت، متنقّلة من جيل إلى جيل حتى يومنا الحاضر.

حيث نجدها اليوم في معظم الأسواق الشعبية ومحلات بيع الأدوات اليدوية القديمة محافظة على مكانتها وأصالتها وعراقتها رغم كل ما تواجهه هذه الحرفة من منافسة الصناعات الحديثة لها، حتى إنها تكاد تنقرض وتندثر في ظلّ التطور الصناعي الحاصل ووفرة الأدوات المنزلية التي تمتاز بسهولة وسرعة صناعتها، وبأسعارها الرخيصة التي تجعلها في متناول يد الجميع، حيث بات اقتناء "طبق القش" كقطعة تراثية ترتبط بالماضي، ويزيّن بها البعض من البيوت، بعد أن كانت في كل بيت.

المادة الأساسية في هذه الصناعة هي قصل القمح بعد أن تقطف منها السنابل لكونها قوية ومرنة ومتوافرة بكثرة في موسم الحصاد، حيث نقوم بجمع تلك الأعواد وتخزينها وربطها على شكل حزم، لتتم صناعتها وخاصة في فصل الشتاء، حيث وقت الفراغ الطويل، لعدم وجود أعمال زراعية نقوم بها

ومع ذلك لاتزال هذه الصناعة التراثية قائمة رغم قلة من يمارسها وغالبيتهم من النساء كبيرات السن لكونها تحتاج إلى مهارة ووقت طويل لإنجازها، ولأنّها تحتاج إلى تفرغ وعمل دؤوب وقضاء أوقات طويلة في المنازل، فنجدها في مناطق "سراقب"، وفي بلدة "اسقاط" وبلدة "قورقانيا" حيث تواظب بعض النسوة على صناعتها على الطريقة القديمة التقليدية التي لم تتغير بعد، وخلال زيارة موقع eIdleb إلى أحد بيوت بلدة "قورقانيا" التابعة لمنطقة "حارم" حدثتنا الحاجّة "صالحة الدبل" التي تبلغ من العمر اثنين وسبعين عاماً، وهي ما تزال تواظب حتى اليوم على صناعة أطباق القش، حيث قالت: «المادة الأساسية في هذه الصناعة هي قصل القمح بعد أن تقطف منها السنابل لكونها قوية ومرنة ومتوافرة بكثرة في موسم الحصاد، حيث نقوم بجمع تلك الأعواد وتخزينها وربطها على شكل حزم، لتتم صناعتها وخاصة في فصل الشتاء، حيث وقت الفراغ الطويل، لعدم وجود أعمال زراعية نقوم بها».

الحاجة صالحة الدبل ومهارة بصناعة أطباق القش

وعن مراحل العمل بهذه الحرفة قالت: «في البداية نقوم بنقع قصل القمح بالماء لمدّة يوم أو يومين، لتصبح طريّة ومرنة، وأحياناً يتم صباغة العيدان بألوان متعددة، أو تصنّع كما هي حسب نوع الطبق أو الوعاء المراد صناعته، ثم نأخذ حزمة من العيدان عددها حوالي خمسة عشر عوداً تقريباً متساوية الطول، وتلف هذه الحزمة بعود آخر وقبل نهايته يتم وصله بعود آخر بواسطة "المخرز"، وهو أداة معدنية تشبه "المسلّة" أحد أطرافها أرفع من الطرف الآخر، وهي أساسية في هذه الحرفة ومواصلة عملية لف الحزمة، حيث يبدأ الطبق بشكل دائرة ضيقة جداً تتسع إلى أن يأخذ الوعاء أو الطبق شكله النهائي، وأحياناً تقوم بعض الفتيات برسم بعض الأشكال على الطبق أو كتابة كلمات لتزيينه والتباهي بمهارتهن في هذه الصناعة، ومؤخراً تمّ استخدام العيدان البلاستيكية في هذه الصناعة بدلاً من قصل القمح لسهولة الحصول عليها، وبألوانها مختلفة، خلال كافة فصول السنة».

وتضيف الحاجة "صالحة": «كانت تتم صناعة أشكال مختلفة من أطباق القش حسب الحاجة والاستعمالات سواء في المنزل، أو في الحقل، أو في الدكاكين، وأشهر الأوعية المصنوعة من القش ما يعرف بالطبق، وهو وعاء مسطّح دائري الشكل يبلغ قطره حوالي المتر، ويسمى "النسفة"، وأحياناً أقل من ذلك، وهي تستخدم لتناول الطعام عليها أو لوضع الخبز الذي تخبزه النسوة على "التنور" كما كانت تصنع سلال القش التي تستخدم، لنقل وتخزين بعض أنواع الخضار والفواكه، وهي ذات تسميات مختلفة من منطقة لأخرى كما كان البعض يعتمد على بيع أطباق القش في تأمين معيشته».

طبق قش ملون