ليس هناك لا كراسي ولا حتى منصة يطل عليها ممثلون إلى جمهورهم المنتظر، بل هناك عائلة واحدة اجتمعت عند ساحة القرية الصغيرة وقرب بيت فلان وفلان، الجميع اجتمع ومنذ عام 1968، ويد بيد بني بالطين وببعض الأقمشة البسيطة "مسرح شعبي" يرجح البعض بأنه أقدم مسارح المنطقة الشعبية الريفية. من خلال حديثنا عن تراث وثقافة قرية "عين البيضا" علمنا عن حكاية "المسرح الشعبي" الذي بدأ في القرية وبتعاون الجميع، فيقول الأستاذ "برهان حيدر" آخر المؤسسين لهذه التظاهرة القديمة:

«كنت في "اللاذقية" وفي دار المعلمين، أحببت جميع أشكال الثقافة، وكان لقريتنا الصغيرة حكاية مع طقوسها البسيطة رغم إمكاناتها التقليدية، رأيت النساء يتجمعن مع بعضهن من أجل بناء مسرح القرية، رأيتهن يجمعن الطين ويجبلنه ويساعدن الرجال في تصميم المسرح وموقعه عند ساحة القرية، وعند اكتمال المسرح البسيط والمكون من منصة يصعد إليها ممثلون لم أحتاج يوماً إلى تغيير ملابسهم أو حتى التدخل بمظهرهم الخارجي، فالممثل رأيته وأنا ضمن تجاربي الإخراجية آنذاك، ممثل واقعي، يمثل دون سيناريو مسبق ترانا نعمل ونشاهد ونسهر مع طقوس مسرحية مميزة. الشعب هنا في دمه عشق البساطة وحب التعاون خصوصاً في مجال الثقافة والمسرح خصوصاً، إذ أنه كان مرتعاً للمسرحيات والحفلات الشعبية التقليدية وغيرها من الجلسات».

كنت في "اللاذقية" وفي دار المعلمين، أحببت جميع أشكال الثقافة، وكان لقريتنا الصغيرة حكاية مع طقوسها البسيطة رغم إمكاناتها التقليدية، رأيت النساء يتجمعن مع بعضهن من أجل بناء مسرح القرية، رأيتهن يجمعن الطين ويجبلنه ويساعدن الرجال في تصميم المسرح وموقعه عند ساحة القرية، وعند اكتمال المسرح البسيط والمكون من منصة يصعد إليها ممثلون لم أحتاج يوماً إلى تغيير ملابسهم أو حتى التدخل بمظهرهم الخارجي، فالممثل رأيته وأنا ضمن تجاربي الإخراجية آنذاك، ممثل واقعي، يمثل دون سيناريو مسبق ترانا نعمل ونشاهد ونسهر مع طقوس مسرحية مميزة. الشعب هنا في دمه عشق البساطة وحب التعاون خصوصاً في مجال الثقافة والمسرح خصوصاً، إذ أنه كان مرتعاً للمسرحيات والحفلات الشعبية التقليدية وغيرها من الجلسات

الزجل والعتابات والميجنات والدلعونا كانت حاضرة بقوة على خشبة ذلك المسرح، فالبيت الطيني وتقسيماته البسيطة، وتلك السيدة التي كانت وفي الكثير من الأحيان تسابق الديك في الاستيقاظ عند كل صباح، لتذهب وتقاطع ضوء الشمس في الحقول وخانات تربية الدواجن والحيوانات، جميع تلك الصور وجدتها حين تجوالي بين حديث الأستاذ الباحث وأزقة القرية التي رأيتها تُحدث كل من يأتيها بأنه ثمتى هنا من صارع القيود جميعها كي يحفر وفي بطن الصخر حكايات الزمان المزينة بأغنيات الدلعونا وأبيات أشعار المتسابقين.

اطلالة مميزة للقرية على البحيرة

(ما طلع للشاطرة كبول) مثل شعبي عرف في القرية ويعني حسب قول الأستاذ "حيدر" بأن مشاركة النساء للرجال في ترميم البيت الطيني المتهدم وتحويله إلى مصطبة أو ما يعرف بالمسرح الذي مضى عليه اليوم 41 سنة من حين تنفيذ فكرة الشباب المتحمس، فهنا للمثل حكاية مدح طويل عن سرّ هذا التعاون وعمق الوصف الذي كرسه المثل للمرأة ومكانتها في ذلك المجتمع البسيط.

والجدير بالذكر أن إضاءة هذا المسرح كانت عبارة عن قناديل زيت قديمة موجودة إلى الآن ضمن متحف الأستاذ "حيدر" في المركز الثقافي بالقرية، وغلب على هذا المسرح المسرحيات الغنائية والمشتقة من التراث وما تخللته من شعبية وتقليدية وبساطة عفوية.

برهان حيدر باحث في التراث الشعبي