جمعَت كلمة فن الكثير من أعمال الإنسان الإبداعية والجميلة على مختلف الصُعُد وعلى مر العصور، يسمّى "فنان" كل من اختار واحدة من الفنون وعمل بها، أما الأستاذ "عبدو نبيعة" فلم يكفيه نوع واحد فهو رباعي المواهب، فالرسم، التصوير الضوئي، الكاريكاتور، والخط العربي كلها فنون من اختصاصه.

موقع eLatakia زار مرسم الأستاذ "نبيعة" ليبدأ حديثه معنا بالتحدث عن بداياته في هذه الفنون حيث قال: «لم يكن للمورثات أي دور في مجموعة المواهب التي وهبني إياها رب العالمين، فقبل سن المدرسة تفتحت موهبة الرسم بشكل لافت وكنت أرسم كل ما أراه في محيطي من أشياء وما أتخيله من حيوانات وهذا ما جعلني فيما بعد أعتمد على نفسي في رسم الواجبات المدرسية، فكان هذا بمثابة التدريب اليومي على التآلف مع القلم واللون والمنظور والتنسيق، تطورت فيما بعد إلى البحث عن مراجع واكتشاف مدارس الفن وطبيعة الألوان وتعددها وكيفية التعامل معها، وكان ذلك كله بحث ذاتي دون الاعتماد على أحد سوى بعض الملاحظات من هنا وهناك».

"اللاذقية" مدينة غنية بالمواهب والفنانين على كل الصعد ولكنهم –مثلي- كسالى في التعريف بما لديهم

وأضاف قائلاً: «أما الوافد الثاني الذي سكن روحي فقد كان فن الخط العربي الذي غيّر مجرى حياتي فيما بعد، فكنت أتدرب يومياً على جميع أنواع الخطوط وخاصةً بعد أن اقتنيت كتاب "محمد هاشم البغدادي" الخطاط العراقي الكبير وكان ذلك عام 1980، حيث بدأت مرحلة التمييز بين الخطوط، ولعلاقتي الوثيقة وحبي بالرسم فقد أدخلت الحرف العربي إلى لوحاتي كعنصر تشكيلي وصرت أشتغل على اللوحة الحروفية وأهتم بها كثيراً».

إحدى لوحات التصوير الضوئي

يقال أن الخط العربي يمكن أن يكون مصدراً للرزق على غير الكثير من الفنون الأخرى وهذا ما لم ينكره الأستاذ "نبيعة" حيث قال: «أتذكر أول عمل (تجاري – إعلاني) قمت به، حيث كنت في الصف السادس الإبتدائي عندما كتبت لوحة إعلانية صغيرة (30×30) ويومها أخذت أجرتها – ليرة سورية كاملة – وقد كان فعلاً مصدر رزق لي بعد أن عملت في مجال الإعلان، وكانت هذه مرحلة مهمة جداً إذ أنها ساعدت على تطوير الحالة الإقتصادية والمادية واكتساب مهارات إضافية في العمل الفني الخاص».

وعن التصوير الضوئي (الفوتوغرافي) حدثنا الأستاذ "نبيعة" عن سبب اهتمامه بهذا الفن الحديث مقارنةً مع الفنون الأخرى قائلاً أن حبه للرسم وعالم اللون والاهتمام بالواقعية ومفردات الحياة ومراقبة ما يوجد حوله من بشر وحجر ولّد لديه عشقاً لتوثيق ذلك وتثبيت الزمن، فوجد الكاميرا ضالته، فلم تفارقه منذ أكثر من 30 عاماً، وعند سؤالنا عن أكثر ما لفت انتباهه كمصوّر قال: «لفت انتباهي الإنسان البسيط في الشارع كثيراً، لا سيما الإنسان الكهل ومعاناته في الحياة وصراعه مع لقمة العيش وتشرده على الأرصفة الموحشة، كما صوّرت الطبيعة والمناطق الجميلة في سورية واهتممت كثيراً بتصوير الآثار لاسيما بعد انضمامي لأسرة مهرجان "ملامح أوغاريتية"، ولا أنسى البحر الذي أحب التقاط صور له بأوقات وظروف مناخيّة مختلفة كما القوارب والصيّادين والزبد والموج والصخر».

مختارات من لوحات الخط العربي

أما عن حكايته مع فن الكاريكاتور فقد قال أنها تعود إلى فترة التسعينيات التي كانت تضج بكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية ومفارقات الحياة في العالم والعراق وفلسطين، وأضاف: «إن أكثر ما استهواني في هذا الفن هو الاختزال في التعبير عن الفكرة وارتباطه بمسحة من الدعابة والإبتسامة».

وبعد المرور السريع على قصص بداياته بهذه الفنون الأربعة، يخطر على البال سؤاله عن اللقب الذي يحب أن يوضع قبل اسمه، حيث قال رداً على السؤال: «لم أبحث في يوم من الأيام عن لقبٍ ما ولكن –والحمد لله- أثق بإمكانياتي وأرى في نفسي القدرة على ممارسة كل مواهبي بثقة كاملة دون إدعاء أو تكلف، فكلمة فنان وفنان خطاط أو مصور فنان تؤدي جميعاً إلى طاحون الفن»، وأضاف بجو من الدعابة: «لقد كنت لاعب كرة قدم فنان أيضاً».

إحدى لوحات "عبدو نبيعة"

وعن مشاريع الأستاذ "نبيعة" القادمة، أخبرنا قائلاً: «الأحلام كبيرة جداً، ففي مجال الخط العربي هدفي الوصول إلى لوحة تشكيلية حروفيّة خاصة بي وإقامة معهد لتعليم فن الخط العربي بالتعاون مع كبار الأساتذة الخطاطين في سورية، وعلى صعيد التصوير فأسعى إلى إنتاج أفلام وثائقية عن سورية ومشروع سورية في (50.000) لقطة».

ختم الأستاذ "عبدو نبيعة" حديثه بكلمة أخيرة وصف بها واقع الفنون الأربعة في "اللاذقية"، حيث قال: «"اللاذقية" مدينة غنية بالمواهب والفنانين على كل الصعد ولكنهم –مثلي- كسالى في التعريف بما لديهم».

والجدير بالذكر أن "عبدو نبيعة" هو مدرس تربية رياضية، يعد الآن خطاط محترف للإعلان، ومصمم فوتوشوب يعلم فن الخط العربي وتحسين الخط المدرسي في مرسمه، كما صمم العديد من أغلفة الكتب، ونشر العديد من المقالات عن الخط العربي، بالإضافة إلى مشاركته في معارض للخط العربي والتصوير الضوئي داخل وخارج القطر.