يبحر في جمال الخطوط وروعة الحرف العربي ويعيدنا للماضي بلوحات يطل علينا من خلالها بأسلوب حديث متطور متجاوزا الخط العربي الكلاسيكي بمهارة عالية ودقة فائقة إنه الفنان "إياد ناصر"، الذي كانت بدايته من مرسم والده الخطاط والرسام "أحمد ناصر" ومن ثم مركز الفنون التشكيلية وهو الآن عضو في نقابة الفنون الجميلة، عضو اتحاد الصحفيين ويعمل في جريدة "الوحدة" قسم الإخراج منذ عام/ 1993/ ويدرس الخط العربي في مركز الفنون التطبيقية.

له العديد من المشاركات في معارض فنية فردية وجماعية منذ عام /1997/ وحتى /2010/ وهذه المعارض أقامها في سورية والوطن العربي وأوروبا وحاز على الجائزة البرونزية بنادي الشارقة عام /1999/.

إياد ناصر فنان تشكيلي له رؤية خاصة لطرح الألوان المائية لديه إحساس كبير ينقله إليك مع الخطوط الذي يشكلها مع العمل الفني ويسعى ضمن عمله في مركز الفنون التطبيقية على تطوير الحركة الفنية والذائقة الفنية ضمن مدينة اللاذقية

موقع eLatakia زار الفنان "إياد ناصر" في مرسمه ليحدثنا عن مسيرته الفنية

الحياة وترانيمها في خطوط اياد ناصر

*حدثني عن طبيعة أسلوبك الذي تسير عليه؟

** في البداية تعاملت مع الحرف كمساحة تشكيلية وظفت الحرف باللوحة التشكيلية استخدمت خلفيات تجريدية وظفتها في انحناء الحركة والمساحة اللونية، جاء الحرف واللون ليزيدا اللوحة التشكيلية غنى فتشبه هذا الشيء بالمنمنمات الإسلامية القديمة، وقسمت أعمالي إلى مجموعات من الخط المنحني والخط الكوفي القديم "القيرواني" وهو الأحب إلى قلبي لأن جماله جمال رياضي يستشعره العقل وفيه زوايا تعطيك المربعات والمستطيلات ودوائر، وبأسلوب خاص أقتل هذه الزوايا فتعطي أشكالاً جميلة من أحجار كريمة وبلورات.

من لوحات ناصر

أما المجموعة الثانية فهي الخط المنحني الخط الديواني والخط الفني الأشبه بالأشجار والأزهار والعرائش المتسلقة فهي توحي بأكثر من شيء من أزهار ومنحنيات حتى يمكن أن توحي لك بأشخاص فالخط هو تجريدي.

*لماذا اتجهت إلى الفن التشكيلي وتشعباته، وهل هناك خصائص بارزة وجدتها في نفسك حتى تكون بين الفنانين التشكيلين؟

** بالأساس اشتغلت بالخط العربي ومعارض الخط الكلاسيكي وكانت تسحرني اللوحات القديمة المكتوبة بخط متقن وجميل، فحاولت أن أطور الخط العربي الكلاسيكي والذي تعود الناس على رؤيته، وجربت الابتعاد عن هذا الإطار لأعمل شيئاً جديداً خاصاً بي أي منحى فني أضيف وأحذف وأرتب بما يمليه عليّ تفكيري، ولكن مع الحفاظ على القواعد والأسس في الخط العربي وبأسلوب جميل وتشكيلي فالقليلون من الذين يشتغلون بالخط العربي اتجهوا نحو التشكيل.

*ما هي المراحل التي تمر بها اللوحة حتى تشهد ولادتها المكتملة، ابتداء من الفكرة حتى الانتهاء من تنفيذها؟

** أعتقد أنه من الصعب شرح وتفسير لحظات الإبداع، ولكن من المحتمل أن تستهويني جملة معينة فأسقطها على شكل مبدئي (كروكي)، ومن ثم أختار نوع الخط المناسب لهذه الجملة، فلكل جملة خط يناسبها ثم أختار المجموعة اللونية التي سأشتغل عليها، ومن ثم أؤسس اللوحة وأنزل عليها "الكروكي" ثم أعمل على الألوان وتدريجاتها، وفي النهاية لا أعرف ما الذي سأصل إليه بالضبط، فإنني أشتغل بشكل عفوي، يهمني أن أبين اللوحة التشكيلية وجمال الحرف العربي، فهو من أجمل الخطوط ومن أجمل الفنون الإسلامية بجماليته وانسيابيته وحركته.

*بعد أن أصبح الكمبيوتر أكثر العاملين في الخط؛ هل فقد الخطاط العربي مكانته وتميزه وربما عمله؟

** الكمبيوتر أحد الوسائل المساعدة على إنجاز لوحات بالخط العربي حسب البرمجة الموجودة بداخله ولكنه لا يعطيك أية قيمة تشكيلية فنية، إنما يعطي شيئاً جامداً ليس فيه إحساس ولا روح، والقيمة الموجودة فيه هي قيمة نسخية تكرارية فهو وسيلة جيدة ومتطورة لتعليم الناشئة، وبذلك لا يمكن لهذا الجهاز مهما بلغ من تطور أن يكون بديلاً للخط العربي والخطاط المبدع.

*ووقوفاً عند ذكر الناشئة وإقبال الجيل الجديد على تعلم الخط العربي، كيف يقرأ الفنان "إياد ناصر" علاقته بالخط وما دور المدرسة في ذلك؟

** لابد من التأكيد على مسألة تعليم الخط العربي بشكل جدي في المدارس والمعاهد والجامعات، تراثنا عريق يجب المحافظة عليه ومن المؤسف أن تعتبر الآن حصة الفنون في المدارس حصة تسلية، بينما كانت تدرس فيها قديماً قواعد الخط العربي إضافة إلى الرسم، أعتقد أنه من الواجب علينا تنمية المواهب عند الطفل وتدريبه على جماليات خطه، وأنا متفائل بالجيل الجديد وأستمد تفاؤلي من الإقبال الكبير للجيل الناشئ على تعلم الخط، ولكن الملاحظ أن ليس لديهم صبر على تعلم الخط، فيظن بعضهم أنهم قادرون على إتقانه خلال أسبوع أو أسبوعين، بينما أعتبر نفسي بحاجة للتعلم في عالم الخط العربي حتى اليوم، وما زال ينقصني الكثير، فالخط بحر ويجب أن يدرس بمراحل من الخط الرقعي حتى تنتهي بخط الثلث، والخط الرقعي هو من أصعب وأسهل الخطوط، فهو أسهل الخطوط على الخطاط المتمكن وأصعب الخطوط على الخطاط المبتدئ.

*الخطاط هل هو موهبة وما دور الأستاذ في ذلك ؟

** لابد من الموهبة بالإضافة إلى الجهد والتعب والإصرار، ويعطي أهمية كبرى لدور الأستاذ في تنمية الموهبة، ويعتقد أن أي فنان أو متابع للفن التشكيلي سيسأل الخطاط عن أستاذه من يكون.

وانطلاقاً من دور الأستاذ ينصح "إياد ناصر" من يريد تعلم الخط العربي قائلاً: «هي النصائح التي أقدمها لطلابي بأن يحمل الطالب أدواته الخطية وهي القصب والحبر والورق لأن الخط بحاجة إلى دراسة واجتهاد وبحث طويل، والخط له معايير خاصة به وقواعد ومقاييس هندسية لكل حرف في كل نوع من أنواع الخط يجب أن يتقنها المبتدئ، فكل امتداد أو فراغ له مقاييس هي النقاط وهي الضوابط الضرورية لكل من يرغب بالخوض في بحر الخط العربي، وبهذا تتم تنمية القدرات والإبداعات الفردية».

وعن تجربة "إياد" الفنية حدثنا الفنان والمتابع للحركة الفنية في المحافظة الفنان" شادي نصير" قائلا: «إياد ناصر فنان تشكيلي له رؤية خاصة لطرح الألوان المائية لديه إحساس كبير ينقله إليك مع الخطوط الذي يشكلها مع العمل الفني ويسعى ضمن عمله في مركز الفنون التطبيقية على تطوير الحركة الفنية والذائقة الفنية ضمن مدينة اللاذقية»

كما التقينا الفنان "أمير حمدان" الذي حدثنا عن أعمال الفنان "إياد ناصر" قائلا: «"إياد ناصر" فنان تشكيلي وخطاط مبدع استطاع أن يوظف الحرف العربي ويضع لوحة فنية تذخر بالمفردات التشكيلية والزخرفية وأعمال ناصر هي تجربة غنية ومتفردة في التشكيل السوري المعاصر وتضاهي تجارب عالمية في الخط العربي في تركيا وطهران»

أما الفنان "عبد الله جاديبا" فحدثنا عن أسلوب وعناصر "إياد ناصر" فقال: «الفنان ناصر له لمسة تجريدية مميزة وله أسلوب جديد باستخدامه الألوان الحارة والباردة وتميزه بإظهار الثقافة العربية والروح الشرقية وعدم دمجها بالثقافة الغربية.أما عن عناصره التشكيلية لديه فهي الحرف العربي والزخرفة العربية والمساحة اللونية التجريدية ، تتوضع المساحات اللونية لتشكل خلفيات للحرف العربي وتصنع جو من التالف اللوني بين سطح اللوحة وخلفيتها التجريدية، يطغى المفهوم التجريدي على لوحاته ككل كون التجريد هو أعلى مراحل الفن وهو يلخص تطور فنون العالم كما عبر عن ذلك "بولي كلي" و" ماتيس" و "كندسكي».