فكرة شاب جعلت من صاحبها اسم تناقلته الألسن إلى اليوم، وبكل موضع لما حققته من انتشار كبير شمل اليوم محافظة طرطوس، وريفها، ومدينة بانياس، وجبلة، وعدد من الفروع المنتشرة على امتداد مساحات اللاذقية، إنها بوظة (جعارة).

حيث كانت البداية من قبضة ذلك العامل الذي يضرب بعصاه القديمة في حجر قديم يحتوي على البوظة، وهي عادة قديمة لصنع البوظة، ومنذ (1941) هي باقية، بنفس المذاق لكن بآلات حديثة ومقرات عديدة.

eLatakia كانت ضيفاً في معمل بوظة (جعارة)، ومراكز بيعها الرئيسة في جولة الهدف منها الاطلاع على الأسباب التي سنحت لتلك العائلة النهوض بهذه المهنة القديمة، والتي حافظوا عليها إلى اليوم، والتقى الأستاذ (سمير جعارة) وهو أديب، كاتب معروف، له الكثير من الدواوين، والمجموعات القصصية، والرويات، ونذكر منها (المجد لفلسطين، فارس الأمل، مزامير لقرص الرماد، أنت والناقوس، الصامت) وغيرها، وهو أيضاً المسؤول الأول عن المعمل إذ أنه عميد العائلة المؤسسة فيقول الأستاذ (جعارة):

"لقد بدأنا العمل في مهنة صناعة البوظة منذ أكثر من (60) عاماً حيث كان العمل في غاية الصعوبة بسبب عدم توفر الكهرباء إلا لساعات قليلة، وبسبب بدائية وسائل العمل التي عملنا على تطويرها عام وراء عام على يدي والدي (الأب الروحي للصنعة) وهو "خليل جعارة" بالإضافة إلى أخي الكبير، وأنا في فترة الخمسينات من العصر الماضي، وفي أوقات الصيف كنت أشارك في جميع أعمال المهنة رغم صغر سني لكي أبقى اليوم، وبعد وفاتهما وحدي في حمل مهمتي الصعبة في الاستمرارية الأقوى لدرب المهنة المستقبلي، ونحن هكذا إنشاء الله".

ويتابع الأستاذ (جعارة) قائلاً: "إننا مازلنا نطور في آلاتنا الإنتاجية من أجل الحصول على إنتاج أكبر، ومرضي للزبائن، ولا نختلف على أن التطور سيكون أكبر في إجماليته حينما ننتقل إلى المنطقة الصناعية الغذائية حيث أن الإنتاج سيكون أكبر، وعلى انتشار أوسع، ولا نهدف إلا إلى الاستمرار في حماية المستوى الذي وصل إليه منتوجنا الشعبي أصلاً".

أما عن محتوى المنتجات ونوعيتها اليوم، ومدى تناسق الأسعار مع الشارع العام، فيقول الأستاذ (جعارة) مدير المؤسسة: "الحليب يختبر جيداً بواسطة أدق المقاييس المعدة لذلك، وفي طبيعته وقبل أي عمل، حيث يقوم المختصون باختبار نسبة الماء المضافة إلى الحليب، ودرجة الدسم، والمعادن الموجودة ضمنه في كل صباح على أرض المعمل، لأن الحليب هو العامل الرئيسي، والمهم في مهنتنا، ومحتواها بالإضافة إلى الفواكه التي نعمل على تخزينها، وتبريدها شتاءً من أجل استعمالها صيفاً في نمط جديد أضفناه مؤخراً، وهو بوظة بالفواكه بالإضافة إلى العديد من النكهات الطبيعية التي نقوم على تحضيرها بشكل منسق، ومحتوى مفيد ولذيذ، والأسعار التي تعطى لموادنا هي من صلب الشارع، ومستواه ولا تتعدى السعر العادي جداً الذي نضعه جراء اجتماع جميع أفراد المهنة من العائلة المؤسسة حيث نضع الأسعار بناءً على حالة الشارع الاقتصادية، والمعيشية عنواننا دائماً فيها البيع الكثير والربح القليل".

المراكز الكثيرة، والمشتتة لم تخفف من الازدحام على محال بوظة (جعارة)، والتي أصبحت مقصد القادمين رجالاً ونساء وشباب إلى أسواق اللاذقية، وتسلية جميلة يحملها الأب إلى أسرته ليلاً ونهاراً لتكون مسامرة صيفية تقليدية.