نظراً لأهمية مشاريع النحل في الساحل السوري لما تقدمه من دعم لدخل للأسرة، ولدوره الهام في تلقيح الأزهار، بالإضافة إلى الفوائد العظيمة التي يعطيها العسل، وفي هذه الأوقات من السنة ومع فصل الربيع يقوم أصحاب المناحل في الساحل السوري بقطاف العسل وفرزه، ولجمع المعلومات اللازمة والشروط المراعاة عند اختيار مكان للمنحل وكيفية تربية النحل.

موقع eLatakia زار أحد المناحل الواقعة في منطقة "الشقيفات" التابعة لمدينة "جبلة" والتقى السيد "منيف سعود" صاحب المنحلة الذي يملك خبرة طويلة في تربية النحل الذي حدثنا عن عمله بالقول: «عند اختيار مكان المنحلة يجب مراعاة بعدها عن البيوت ومناطق السكن بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون بعيدة عن حظائر الحيوانات كون الروائح الكريهة تؤذي النحل، وبالتالي يجب أن تكون المنحلة في منطقة مليئة بالنباتات الزهرية وقريبة من مصدر نظيف للمياه وبعيد عن أماكن الرش بالمبيدات الحشرية».

بما أننا حالياً في فصل الربيع مقبلين على الصيف والذي تشكل فيه زهرة "الليمون" مادة أساسية في تكوين العسل، نقوم بقطاف عسل أزهار "الحمضيات" و"حبة البركة" وعسل زهرة "اليانسون"، وهناك عسل يُقطف في الخريف مثل عسل أزهار "العجرم"

وبعد أن قدم لنا السيد "سعود" شرحاعن كيفية اختيار المكان المناسب لتجهيز المنحلة سألناه عن سلالة النحل التي يربيها وميزات النحلة السورية فأجابنا بالقول: «النحل السوري من أفضل سلالات النحل في العالم لقدرتها على الدفاع عن مسكنها ومقاومتها لفقر المراعي ولكن عدم وجود النحلة السورية المتكيفة مع بيئتها وخصوصا في الساحل السوري، جعلنا نعتمد في بيئتنا الساحلية على تربية النحل الهجين (سوري-أجنبي)، وبالتالي النحل الهجين لايستطيع العيش في بيئتنا من دون أن تصيبه أمراض وآفات».

مناحل العسل

كما التقينا السيد "منيف سعود" الذي يقوم بشكل دوري بالكشف المنتظم عن الوضع الصحي للمنحلة وفق ظروف وشروط صحية تتعلق بنظافة الخلايا حدثنا عن هذا العمل بالقول: «نشاط النحل يتزايد في هذه الأوقات من السنة بسبب الدفء حيث يبدأ بالتطريد (ازدياد عدد الشغالات في الخلية فتخرج طائفة من النحل عن الخلية الأم متوجهة لمكان جديد لتكوين خلية جديدة مصطحبة معها ملكة بالغة) وهنا يبدأ عملي بإضافة إطارات شمعية للخلية لاحتواء هذه الطائفة التي هجرت خليتها الأم، كما أنني أقوم بالكشف عن الخلايا بشكل أسبوعي وتقديم تغذية جيدة للنحل بالاعتماد على المخزون المتوفر في الخلية وعلى الظروف الجوية، وأقوم بمراقبة الملكة، وتنظيف الإطارات والخلية من قطع الشمع الزائدة».

هناك طرق متبعة في تغذية الخلية في كل فصل من السنة أخبرنا عنها السيد "منيف" قائلا: «في فصل الشتاء يكون الجو بارداً وحتى لا يخرج النحل من خليته بحثاً عن الغذاء، أقوم بتغذيته عن طريق إضافة المحاليل السكرية الغنية بالفيتامينات، أو عن طريق تغذيته بالعسل بإبقاء بعض الأجزاء من الإطارات الشمعية داخل الخلية في الشتاء، أما في فترة ازدهار الطبيعة أقوم بنقل الخلايا لأماكن الرحيق الغزيرة مع مراعاة أن يتم النقل لمسافة تزيد عن (3كم) وذلك حتى لا يعود النحل لمكانه القديم فلا نخسر قسم كبير من النحل».

منيف سعود صاحب إحدى الناحل في مدينة جبلة

وعن المشاكل التي تواجه مربي النحل قال: «هناك مزيج مختلط من المشاكل لاتتوقف عند مربي النحل بل تتعدى المنطقة من تغيرات الطقس وقلة المراعي التي تؤدي إلى اختفاء النحل، بالإضافة إلى غياب الكفاءة والخبرة المهنية لدى بعض مربي النحل والحمولة الزائدة على المراعي تؤدي إلى فقدان بعض الخلايا وضعف الإنتاج من حيث الجودة والنوعية كما أن الرش بالمبيدات الحشرية يؤثر على نوعية العسل ومردوده».

وأضاف "سعود" قائلاً: «هناك أنواع من البكتيريا والفيروسات التي تقضي على النحل ولها علاقة بالمحيط والبيئة وتغير المناخ، بالإضافة إلى أن سوء تغذية المنحلة يساهم في القضاء على النحل، لذلك على النحّال التدريب المستمر لإدارة المنحلة بالطريقة المثلى، والعمل ضمن ظروف صحية جيدة والحفاظ على نظافة المنحلة».

أما موضوع تطوير العسل الناتج عن المنحلة قال السيد "منيف": «بدايةً على مربي النحل تطوير إدارة المنحلة من خلال وضع الخلايا بشكل دقيق في أماكن غنية بالمياه ومناسبة مناخياً، والزيارة المنتظمة إلى الخلايا بشكل دوري والكشف عن الوضع الصحي للمنحلة والعمل في ظروف وشروط صحية تتعلق بنظافة الخلايا، والأدوات المستخدمة». وأوضح لنا "سعود" إلى أن هناك أوقات متفاوتة من السنة لقطاف العسل وتعتمد على نوع الزهرة التي يتغذى عليها النحل وقال: «بما أننا حالياً في فصل الربيع مقبلين على الصيف والذي تشكل فيه زهرة "الليمون" مادة أساسية في تكوين العسل، نقوم بقطاف عسل أزهار "الحمضيات" و"حبة البركة" وعسل زهرة "اليانسون"، وهناك عسل يُقطف في الخريف مثل عسل أزهار "العجرم"».

هناك طرق تقليدية (شعبية) للكشف عن العسل المغشوش أخبرنا عنها السيد "سعود" قائلا: «نضع الملعقة في العسل ثم تعريضه فوراً على اللهب ومن ثم إبعاده مباشرة، فإذا لم يتغير يكون طبيعي وإذا تجمد وتخشب يكون مغشوش، والعسل المغشوش يكون خفيف القوام أي قليل اللزوجة، ولكن ذلك لايعتبر مقياس دقيق يؤكد جودة العسل من عدمها، و الطريقة الأصح لكشف غش العسل هو التحليل الكيميائي لعينة منه في أحد المختبرات، والعسل السليم الخالي من الغش يتجمد في الشتاء بسبب البرودة وهي خاصة طبيعية للعسل، ووجود الرطوبة الزائدة تجعل العسل قابل للفساد لأن للعسل قابلية كبيرة لامتصاص الرطوبة، كما أن هناك منتجات أخرى للمنحلة غير العسل كالغذاء الملكي والشمع وسم النحل».

وفي ختام حديثه ذكر السيد "منيف سعود" لموقعنا مجموعة من المقترحات لدعم سوق العسل السوري فقال: «سوق العسل السوري وخصوصاً في ساحلنا الخصب متوفر على مدار العام وذلك لتوفر مختلف النباتات الرحيقية، ولكنه لم يأخذ حقه في التسويق، فمسألة تسويق العسل السوري تحتاج الكثير من الدعم والجهد لذلك على النحالين الترويج للعسل السوري وعرضه في المعارض العربية والعالمية».